بلغت نسبة التداين الأسري في تونس حسب معطيات البنك المركزي التونسي إلى موفى سبتمبر 2011 ما قيمته 11 مليون و915 ألف دينار مقابل 10 ملايين و130... ألف دينار خلال نفس الفترة من 2010 وحسب المعهد الوطني للاستهلاك فإن نسبة تداين الأسر التونسية تصل إلى أكثر من %18. المعهد ورغم حداثة عهده (سبتمبر 2010) فقد اخذ على كاهله مهمة تحسيس المواطن التونسي وترشيد استهلاكه خاصة مع ما نعيشه هذه الايام من ارتفاع صاروخي لأسعار المواد الاساسية وندرة بعضها. تتوزع القروض التي تثقل كاهل المواطن التونسي على 9 ملايين و557 ألف دينار لقروض السكن ومليونين و23 ألف دينار لقروض الاستهلاك و 741 ألف دينار للقروض الجامعية وحوالي 334 ألف دينار لقروض السيارات، وفي هذا السياق، جمعنا لقاء مع السيدة فضيلة الرابحي، مديرة بالمعهد الوطني للاستهلاك، التي حذرت من معضلة وصول المجتمع التونسي الى ما يسمى "بالتداين المفرط" مشيرة الى ان هذه الظاهرة بدأت في الانتشار شيئا فشيئا. ومؤكدة في نفس الوقت أن المعهد الوطني للاستهلاك مهمته الاساسية تحسيس المواطن وتنمية وعيه بالمواضيع ذات العلاقة بصحته وسلامته من جهة وارساء ثقافة الاستهلاك عبر الاعلام والنشر وتوفير قواعد المعلومات والبيانات المتعلقة بالاستهلاك من جهة اخرى. ومهام المعهد أيضا القيام بدراسات وبحوث حول السلوك الاستهلاكي للتونسي وحول ميولاته الاستهلاكية بهدف تحديد التوجهات العامة للدولة في ما يتعلق بمختلف القطاعات الاقتصادية قصد توفير كل ما يحتاجه المواطن خاصة في ظل التحوّلات الاقتصادية العالمية الكبرى وتقلبات الأسعار. ويعود ارتفاع نسبة التداين في تونس، حسب السيدة فضيلة الى غياب الوعي لدى المستهلك وخاصة انفتاح الاقتصاد التونسي على الاسواق الخارجية مما ساهم في ترسيخ عادات استهلاكية جديدة لدى الاسر التونسية التي أصبحت تنفق أكثر من إمكانياتها المادية، الامر الذي عجّل بسرعة سقوط المواطن في دائرة التداين مشيرة إلى أن المجتمع التونسي اصبح مجتمعا استهلاكيا بامتياز له متطلبات الدول المتقدمة وهو ما يتنافى ومعدل إنتاج البلاد التي تورد اغلب حاجياتها الاستهلاكية. وأوضحت السيدة فضيلة أن للتداين الأسري آثار نفسية كبيرة إذ يجعل المستهلك يحسّ بالتوتّر والضغط النفسي اليومي، مؤكدة ان التداين يعزز غلاء المعيشة، فالمواطن لما يستفذ اغلبية اجره في دفع اقساط مديونته سواء كان للبنوك او للتجار، فانه يشعر "مضاعفة" بغلاء الاسعار. واضافت ان القانون عدد 40 لسنة 1998 والمؤرخ في 02 جوان 1998المتعلق بالبيع بالتقسيط جاء لينظم العلاقة بين المواطن والتاجر وخاصة حماية المستهلك وتنظيم التداين مشيرة إلى انه قانونيا البنوك وحدها المخولة لتقديم القروض. هذا ولم تنف السيدة فضيلة ارتفاع اسعار المواد الاساسية الا ان ارتفاع نسبة التداين من شانها تعميق الشعور بغلاء المعيشة، وان المواطن التونسي ورغم ارتفاع قدرته الشرائية الا انه مازال اسير شهواته الامر الذي يسقطه من جديد في مشكل التداين، فهو يصرف اكثر بكثير من قيمة مداخيله، ويعود ذلك الى طبيعته النفسية، مشيرة الى احتداد الازمة بعد الثورة، فالمواطن التونسي اصبح يواجه تحديات كبيرة في ظل الازمة التي تعيشها البلاد. واضافت السيدة فضيلة ان المعهد بصدد اعداد تقرير نهائي بخصوص بحوث ميدانية اهتمت بطريقة تعامل المستهلك التونسي مع الهاتف الجوال واللحام الصحي وميكانيك السيارات وجودة بعض المواد والخدمات، وسيشمل هذا التقرير نتائج البحث التي على ضوئها سيضبط المعهد استراتيجية حملاته التحسيسية القادمة بخصوص المواضيع المذكورة سابقا. ودعت السيدة فضيلة الى مزيد ايلاء وسائل الإعلام أهمية لهذا الموضوع لما تمثله وسيلة للتواصل مع المواطن وكذلك مزيد نشر الإعلام الاقتصادي. مع المعطيات التي اوردها البنك المركزي التونسي وتفاقم المشاكل الاقتصادية التي تعيشها البلاد خاصة تشكي المواطن من غلاء الاسعار، فهل ستسعى الحكومة الجديدة إلى النظر في ملف تداين الأسر التونسية مع العلم أن على طاولتها العديد من الملفات الأخرى ؟ نائلة النوري