وزير الخارجية: تونس حريصة على المحافظة على العلاقات التّاريخية والطّبيعية التّي تجمعها بالاتّحاد الأوروبي    استدعاء سنية الدّهماني للتحقيق    المرسى: القبض على مروج مخدرات بحوزته 22 قطعة من مخدّر "الزطلة"    بسبب التّهجم على الإطار التربوي.. إحالة ولي على محكمة الناحية بسوسة    أولا وأخيرا...شباك خالية    للنظر في إمكانية إعادة تأهيل عربات القطار: فريق فني مجري يحل بتونس    أم تعنّف طفليها وتسبب لهما كسورا: وزارة المرأة تتدخل    قبلي: تنظيم يوم حقلي في واحة فطناسة بسوق الاحد حول بروتوكول التوقي من عنكبوت الغبار    عاجل : إغلاق مطار دكار بعد إصابة 11 شخصاً في حادث طائرة    شكري حمدة: "سيتم رفع عقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات في أجل أقصاه 15 يوما"    الرابطة 1 (مرحلة التتويج) حسام بولعراس حكما للقاء الكلاسيكو بين الترجي والنجم    المدير الفني للجنة الوطنية البارلمبية التونسية ل"وات" : انطلقنا في الخطوات الاولى لبعث اختصاص" بارا دراجات" نحو كسب رهان التاهل لالعاب لوس انجليس 2028    هام/ وزارة التربية: "نحن بصدد بلورة تصوّر جديد لمعالجة هذا الملف"..    المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بصفاقس تواصل حملتها على الحشرة القرمزية    تونس تفوز بالمركز الأول في المسابقة الأوروبية لزيت الزيتون    اللغة العربية معرضة للانقراض….    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    سلالة "كوفيد" جديدة "يصعب إيقافها" تثير المخاوف    سابقة.. محكمة مغربية تقضي بتعويض سيدة في قضية "مضاعفات لقاح كورونا"    181 ألف بناية آيلة للسقوط في تونس ..رئاسة الجمهورية توضح    الزمالك المصري يعترض على وجود حكام تونسيين في تقنية الفار    نابل: الكشف عن وفاق إجرامي يعدّ لاجتياز الحدود البحرية خلسة    أبطال أوروبا: دورتموند الأكثر تمثيلا في التشكيلة المثالية لنصف النهائي    زغوان: حجز 94 طنا من الأعلاف غير صالحة للاستهلاك منذ افريل المنقضي    كأس تونس: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ثمن النهائي    يمنى الدّلايلي أوّل قائدة طائرة حربية مقاتلة في تونس    التحقيق في جثّة لفظها البحر بقابس    دراسة صادمة.. تناول هذه الأطعمة قد يؤدي للوفاة المبكرة..    السلطات السعودية تفرض عقوبة على كل من يضبط في مكة دون تصريح حج.    عاجل/ الحوثيون يعلنون استهداف ثلاث سفن بصواريخ وطائرات مسيرة..    الزغواني: تسجيل 25 حالة تقتيل نساء في تونس خلال سنة 2023    مفزع: 376 حالة وفاة في 1571 حادث مرور منذ بداية السنة..    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    حماية الثروة الفلاحية والغابية من الحرائق في قابس....و هذه الخطة    في وقفة احتجاجية أمام مقر الاتحاد الأوروبي.. "تونس لن تكون مصيدة للمهاجرين الأفارقة"    قضية مخدّرات: بطاقة ايداع بالسجن في حق عون بالصحة الأساسية ببنزرت    الثلاثي الأول من 2024: تونس تستقطب استثمارات خارجيّة بقيمة 517 مليون دينار    مقارنة بالسنة الفارطة: تطور عائدات زيت الزيتون ب91 %    الفيلم العالمي The New Kingdom في قاعات السينما التونسية    البطولة العربية لألعاب القوى للشباب: ميداليتان ذهبيتان لتونس في منافسات اليوم الأول.    كشف لغز جثة قنال وادي مجردة    على طريقة مسلسل "فلوجة": تلميذة ال15 سنة تستدرج مدير معهد بالفيسبوك ثم تتهمه بالتحرّش..    «قلق حامض» للشاعر جلال باباي .. كتابة الحنين والذكرى والضجيج    عاجل/ نشرة استثنائية: أمطار متفرقة بهذه المناطق..    بطولة روما للتنس للماسترز : انس جابر تواجه الامريكية صوفيا كينين في الدور الثاني    كتاب«تعبير الوجدان في أخبار أهل القيروان»/ج2 .. المكان والزّمن المتراخي    آخر أجل لقبول الأعمال يوم الأحد .. الملتقى الوطني للإبداع الأدبي بالقيروان مسابقات وجوائز    إذا علقت داخل المصعد مع انقطاع الكهرباء...كيف تتصرف؟    محمد بوحوش يكتب...تحديث اللّغة العربيّة؟    مدْحُ المُصطفى    ستنتهي الحرب !!    سالفيني عن ماكرون بعد اقتراحه إرسال جنود إلى أوكرانيا: "يحتاج إلى علاج"    عشرات الشهداء والجرحى والمفقودين جراء قصف متواصل على قطاع غزة    بدء تشغيل أكبر محطة في العالم لامتصاص التلوث من الهواء    معهد باستور: تسجيل ما بين 4 آلاف و5 آلاف إصابة بمرض الليشمانيا سنوياّ في تونس    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكومة "تقدح" خارجيا.. ولا "تحسم" داخليا
ملف "الأسبوعي": الشهداء.. غلاء المعيشة.. ملفات الفساد
نشر في الصباح يوم 27 - 02 - 2012

- على وقع مؤتمر أصدقاء الشعب السوري الذي التأم ببلادنا موفى الأسبوع المنقضي.. يعيش شعبنا تجاذبات وانقسامات وأوضاعا اجتماعية واقتصادية متردية تشحن الأجواء توترا وتساهم في تعكير المناخ العام..
وفي خضم الصراع المحتدم بين أطراف سياسية واجتماعية وحتى اعلامية يعيش المواطن حيرة حقيقية وخشية باتت «معلنة» حول مستقبل البلاد في قادم الأيام.. وزادت قسوة العوامل المناخية والتي ترتّبت عنها أضرار وساهمت في تعميق أزمة المناطق المهمشة والمنسية من حيث الحنق الاجتماعي الشعبي ورغم أن المنطق يخلي الحكومة من كل مسؤولية حول ما تسببت الطبيعة في تدميره الاّ أن البنية التحتية المهترئة والأضرار التي طالت المواطنين في أملاكهم وبيوتهم يضعها أمام مسؤولية جبر هذه الأضرار وتهدئة المتضررين حتى لا يتفاقم الوضع الى ما لا يحمد عقباه..
واذا كانت الملفات الآنية تفرض نفسها على سلم العمل الحكومي فان ملفات عديدة أخرى مطروحة على الترويكا وحتى على الحكومات السابقة منذ التغيير الثوري ومنها على وجه الخصوص ملف الشهداء الذي يعني حسمه تأشيرة عبور حقيقية الى المصالحة الوطنية.. بالاضافة الى ملف غلاء المعيشة الذي يؤرق معظم التونسيين ويجعلهم في حالة استنفار اجتماعي وتذمّر قد تؤدي الى حالة احتجاج وتململ كما أن ملفات الفساد ما زالت تثير عدة تساؤلات وتستبطن قدرا من الاتهامات الصامتة لا يجب أن تسمح الحكومة بتحوّلها الى أصوات هادرة..
«الأسبوعي» طرحت نقاط استفهام عديدة حول ما تقدّم من ملفات وسعت لبسط وجهات النظر المتباينة في ما يتعلّق بهذا الموضوع..

أحمد المشرقي (ممثل النهضة في المجلس التأسيسي) :حكومة ال«ترويكا» منكبة على معالجة الملفات.. لكن!
دحرا لكل شبهة تحامل على حكومة الترويكا التي تبرّر طوال الوقت أنها «لم تملك» بعد من الوقت ما يكفي لتحسم في ملفات البلاد العاجلة رغم أنها ما فتئت تهب بكل إمكانياتها للإدلاء بدلوها في القضايا ذات البعد الإقليمي مغاربيا وعربيا وحتى دوليا فسحنا المجال لعضو المجلس التأسيسي عن حركة النهضة أحمد المشرقي لمعرفة رأيه حول الأداء الحكومي بعد حوالي شهرين من توليها مقاليد الدولة وخاصّة فيما يتعلّق بملف الشهداء والجرحى وغلاء المعيشة وملفات الفساد..
وقد أكّد أن هناك رغبة حقيقية وانشغالا عميقا بإيجاد حلّ جذري لهذه الملفات لكن لا بدّ من مزيد الوقت لأنها ليست سهلة بحيث يمكن حلّها بجرّة قلم..
في البداية اعتبر أحمد المشرقي أن «هذه الملفات العاجلة والمستعجلة وعكس ما يذهب إليه البعض هناك تقدّم ملحوظ في معالجتها والحسم فيها..»
مؤكّدا «أنه بالنسبة لملف الجرحى والشهداء هناك تقدّم في البت فيه فحسب ما تناهى إلى علمي فقد تكوّنت لجنة صلب وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية تعنى بإحصاء عدد جرحى وشهداء الثورة وتتبّع حالة المصابين ودراستها وإيجاد حلول اجتماعية واقتصادية لهؤلاء كالسعي لتشغيل فرد من عوائل الشهداء التي تعاني العوز.. وقد صرفت بعض الأموال والتعويضات لعائلات الشهداء وهذه ليست منة لأن كل الأموال لا يمكن أن تعوّض عائلة نكبت في فلذات أكبادها وهنا أعتقد أنه ينبغي أن يطرح ملف المحاسبة بكل جدية فالروح البشرية لا تعوّض ولتتحقق العدالة يجب القصاص».
لئن أصبح غلاء المعيشة من المواضيع التي تؤرق المواطن وتقضّ مضجعه إلا أن محدّثنا اعتبر «أن الأمر يبدو مفهوما باعتبار أن المدة الفارطة شهدت غياب شبه كلّي للمراقبة الاقتصادية والإدارية لأسعار المنتوجات وهو ما مثّل فرصة للمضاربين والمحتكرين ليعبثوا بالأسعار التي أصبحت تشهد شططا غير مبرّر خصوصا أنه حسب علمي لم تتقلّص كميات المنتوجات..
ويجب على الهياكل والسلط المشرفة على القطاع العمل بسرعة لتطويق الظاهرة بالتشديد في المراقبة الاقتصادية وتطبيق القانون بصرامة حتى نتفادى هذا التذمّر الاجتماعي الذي نحن في غنى عنه ونحن نؤكّد أنه لا يعقل أن يستمر هذا الانفلات على مستوى الأسعار فكلنا متضرّرون منه.. وحتى لا نتجه نحو الفوضى فديمقراطية النظام لا تنبني على الفوضى.
وبالنسبة لملفات الفساد فان كان هناك مرسوم لإحداث هيئة مستقلة لمقاومة الفساد والرشوة فمن المفروض أن يفعّل هذا المرسوم ونحن لدينا في المجلس التأسيسي لجنة تشتغل على هذا الملف وفكرة هيئة مستقلة ومحايدة هي فكرة جيدة تجعل معالجة مثل هذه الملفات الشائكة أكثر جدوى وفعالية»

عبد الجليل البدوي
قمنا بثورة وليست غزوة نقتسم غنائمها..
الحلول نبحث عنها في الداخل.. ولا نعول لإيجادها على الدعم الخارجي..
قد يبدو التقييم السياسي لعمل الحكومة سابقا لأوانه ويرى فيه الكثيرون إجحافا وتعديا على نوايا الترويكا في الإصلاح والنهوض بالبلاد اقتصاديا واجتماعيا.. غير أن في كل ديمقراطيات العالم تبدو مدة 60 يوما كفيلة على المستوى السياسي في التعبير عن النوايا والخطوط الكبرى لمسار العمل الحكومي واتجاه دفته.. الدكتور عبد الجليل البدوي الخبير الاقتصادي والناشط السياسي في حزب العمل أبدى رأيه في أداء الحكومة في معالجتها للملفات المستعجلة التي تهم كل مواطن تونسي..
وفي مستهل حديثه معنا أكّد عبد الجليل البدوي «أداء حكومة الترويكا طوال شهرين يبدو سلبيا تماما.. فاذا كان لا يمكن لنا تقييم أدائها على مستوى الانجازات خلال 60 يوما وبالتالي محاكمتها على ما أنجز وما لم ينجز.. فان السلبية هنا تكمن في مستوى البرامج، والرؤى مغيبة تماما منذ البداية لنعطيها على ضوء ذلك مهلة ونصبر عليها، فلو كانت هناك خطة وبرنامج واضح يطمئن الرأي العام على مسار الدولة..
فغياب الرؤية والبرمجة الواضحة جعل الرأي العام يبدو متحيّرا ومتوترا وفاقدا للثقة.
وهو ما جعل الملفات العاجلة والحارقة دون حسم أو معالجة حقيقية لأن هذه الحكومة لا تملك بدائل في إطار خطة عمل كاملة وواضحة للعيان وهو ما جعل اقتصادنا الوطني يترنّح وتتأزم معه الأوضاع الاجتماعية لأن الاقتصاد يبقى العمود الفقري والعصب الرئيسي للنهوض بالوضع الداخلي وحتى في ما يتعلّق بقانون المالية فلم تجتهد الحكومة في وضع التصوّرات واكتفت بقانون المالية الذي اشتغلت عليه حكومة قائد السبسي..
فالحكومة اعتقدت أن تمويل النفقات التونسية ستتكفّل به قطر كما ستتكفّل ليبيا بتشغيل المعطلّين عن العمل لكن حساباتها ذهبت أدراج الرياح فلا ليبيا استقرت أوضاعها لتشغّل معطّلينا ولا قطر استجابت لتطلّعات الحكومة بل كانت شحيحة في تعاملاتها المالية معنا وطلبت الفوائد المعمول بها دوليا.. وهذه الوضعية خلقت توترا وبلبلة باعتبارها تنمّ عن عجز هذه الحكومة في التعاطي مع الملفات المستعجلة، وفي إطار تخطيط ممنهج التجأت إلى فنّ إلهاء الرأي العام بخلق مشاكل هامشية وإثارة الفتن بالسماح للدعاة بالقدوم وبث سمومهم في بلادنا، عوض أن نسعى جميعا إلى إيجاد حلول لمشاكل اجتماعية واقتصادية خانقة تكاد تعصف بمجتمعنا..
وما يمكن استخلاصه هو أن هذه الحكومة تتعامل مع الثورة وكأنها غزوة حصلت من خلالها على غنائم تجاهد في المحافظة عليها وتقاسم هذه الغنيمة..وهذا منطق خطير لأن البلاد منكوبة وينبغي أن نجاهد للخروج جميعا من عنق الزجاجة..»

محمد الفريوي (أستاذ مختص في الاقتصاد) :المراقبة الاقتصادية الفعالة وترشيد الاستهلاك..
طوال سنوات مضت خبرنا كيف يمكن للوضع الاجتماعي أن يدفع إلى الاحتقان والغضب الشعبي.. فغلاء المعيشة إشكال لا يمكن التهاون فيه أو غضّ الطرف عمّا يمكن أن يترتّب عنه من نتائج وخيمة.. «الأسبوعي» اتصلت بالأستاذ محمّد الفريوي المختصّ في الاقتصاد لتشريح الأسباب الكامنة وراء التهاب الأسعار في الآونة الأخيرة والتي بات موضوعا يؤرق المواطن ويطالب الحكومة بحسمه في أقرب الآجال..
أفاد محدّثنا «بالنسبة لغلاء المعيشة فانه يفترض وقفة حازمة خاصّة وأن هناك أسبابا تتجاوز نطاق الاجراءات الحكومية بحيث شهدت البلاد في المدة الأخيرة صعوبات طبيعية كالسيول الجارفة وبرودة الطقس والتي تؤثر بالضرورة على عملية التزويد باعتبار صعوبة تأمين مسالك الإنتاج بالإضافة الى تفشّي ظاهرة التصدير العشوائي بعد الثورة..
ويبقى الاحتكار والمضاربة سبب البلية بالإضافة الى لهفة المستهلك وكل هذه العوامل تضافرت لتلتهب الأسعار في المدة الأخيرة..
والحلول تبدو في المتناول فعندما يحاول المستهلك ترشيد استهلاكه أكثر ما يكون وتكون هناك رقابة اقتصادية صارمة للسوق ولكل مسالك التوزيع وللفضاءات التجارية مع الحرص على التوريد لتعديل السوق وقطع دابر المضاربين والمحتكرين فانه يمكننا وفي وقت وجيز تفادي وتجاوز ما اعتبر شبه أزمة مع ضرورة أن تقوم الهياكل المشرفة بالدور الموكول لها على أكمل وجه..»

د . عبد الجليل بوڤرة :عوامل ذاتية وموضوعية تحول دون حسم الملفات العاجلة..
رغم طبيعة الملفات العاجلة المطروحة على الحكومة في هذه الآونة والتي قد «تولّد» تبعات واحتقانا نحن في غنى عنها تبدو خطوات الترويكا تسير بنسق بطيء في حل الاشكالات العالقة ولا تستجيب لتطلعات فئات الشعب «المتعطشة» للحسم وليس للوعود...
«الأسبوعي» توجهت للدكتور عبد الجليل بوقرة الباحث في تاريخ الحركة الوطنية والإعلامي لسؤاله حول الأسباب الكامنة في اعتقادها وراء «التلكؤ الحكومي» في حسم هذه الملفات..
عوامل ذاتية وموضوعية
في مستهل حديثه يقول .عبد الجليل بوقرة: صحيح، الملفات المعقدة والعاجلة لم تقع معالجتها منذ سنة رغم تعاقب أربع حكومات (الغنوشي 1 و2 وقائد السبسي وحكومة الترويكا حاليا) والأسباب في اعتقادي بينها ما هو ذاتي يهم أداء الحكومة وما هو موضوعي يتجاوز الحكومة الحالية..
بالنسبة للذاتي يتفق أغلب الملاحظين أن حكومة الترويكا تنقصها الخبرة ومعرفة واقع الإدارة التونسية التي تعتبر «آلة قديمة» يصعب ترويضها وتصعب إدارتها وتوجيهها حتى بالنسبة لذوي الخبرة فضلا عن مسؤولين منعدمي الخبرة تقريبا منهم حتى من غادر تونس منذ 20 سنة.
والإدارة لا يمكن أن تسيّر بحسن النوايا صحيح أن حكومة الترويكا حاولت الاستعانة بالمديرين المباشرين (لم تقم بتغييرات) لكن هناك خوف لدى هؤلاء المديرين من امكانية الاستغناء عنهم ومحاسبتهم.
لذلك الثقة تقريبا منعدمة بين الوزراء الجدد والمديرين المباشرين.. المطلوب حسب اعتقادي ارسال إشارات لهؤلاء المديرين وطمأنتهم أنه لا يمكن الاستغناء عنهم.
وخاصة أن الإدارة هي التي ستقوم بمعالجة الملفات العاجلة كالشهداء والجرحى وانفلات الأسعار والتجارة الموازية فهؤلاء سيهتمون بتلك الملفات وفي حاجة إلى من سيطمئنهم ويشعرهم أن الحكومة في حاجة إليهم..
والأسباب الذاتية الأخرى، أيضا تتمثل في أن حكومة الترويكا لم تقم بالتركيز على هذه الملفات نظرا لانشغالها بمستقبلها في الحكم ولتشتت تفكيرها واهتمامها بين الاهتمام بهذه الملفات والاستعداد للانتخابات المقبلة وأضافت ملفا آخر وهو الملف السوري الذي لا أرى شخصيا موجبا للاهتمام به بهذا الشكل وتونس تعيش ظروفا خاصة وخاصة أن هذا الملف يطرح عدة نقاط استفهام حول نوايا الدول العظمى وحول ما يحصل في الكواليس من استعدادات قد تورّط بلادنا في متاهات نحن في غنى عنها لذا كان بالأحرى على الحكومة التونسية الانكباب على معالجة مشاكلها الداخلية..
انفجار المطلبية
يضيف محدثنا: «أما بالنسبة للأسباب الموضوعية التي تتجاوز الحكومة فهي انفجار المطلبية من جانب عديد الأطراف في وقت واحد والتعبير عنها بأساليب غالبا ما تكون مغلوطة مثل قطع الطرقات وتعطيل الإدارة (إدارة جامعة القيروان لا تعمل منذ 3 أسابيع)... وهذا من شأنه أن يزيد في ارباك الحكومة ويضاعف من متاعبها.. إضافة إلى الكوارث الطبيعية..».
أداء الحكومة وموقفها من اتحاد الشغل والإعلام يعكس عدم خبرتها إذ كان من المفروض أن تتحلى بقدر من الرصانة والتعقل لأن هناك فرقا بين أن تكون في الحكم أو تكون خارج الحكم...
وأبرز مثال على عدم خبرة الحكومة هو فتحها لجبهة مواجهة مع اتحاد الشغل.. فطوال الحكم البورقيبي وحتى بعده ثبت أن من أبرز شروط الاستقرار هو التوافق مع اتحاد الشغل.. لو كانت لها خبرة كافية لما دخلت في هذه «المواجهة» وإن لزم الأمر تقوم بتقديم تنازلات..
من ناحية أخرى الحكومة لم تصبر على الإعلام الذي يحاول أن يرسم لنفسه طريقا من الحرفية والمهنية فلماذا يصبر الجميع على الأمن والقضاء والمضاربين والتجار ولا يصبرون على الإعلام؟
فعلى الحكومة أن تقدم مثالا في التحلي بالصبر والرصانة.
الإعلام متمسك بحريته
وفيما يتعلق بالإعلام يقول د.بوقرة الإعلام أثبت تمسكا رائعا بحريته والإعلام اتعظ من تجاربه السابقة وأصبح متمسكا بحريته ومقابل ذلك تحصل بعض الاخطاء فما يتعلق بالحكومة وأدائها فلا يجب التركيز وتضخيم الأداء السلبي مثلا لدى احتراز تجاه ما يقدم في الأخبار والتي تثير خوف المستثمرين وتدفعهم للهجرة... فالتركيز على الجرائم والكوارث في 70 بالمائة من المادة المقدمة يجعل من الإعلام ودون سابقية إضمار يدفع بالمواطنين إلى أن «يكفروا بالثورة» فعندما نبعث برسائل طمأنة برصد الايجابيات والمكاسب وإن كانت صغيرة نجعل المواطن يتعلق بالثورة ومنجزاتها...
لكن عندما نكرر يوميا أن البلاد أوضاعها تتأزم يوميا نحن ندفع دون سابقية إضمار المواطن والمتلقي إلى أن يعيش حالة احباط وخيبة فهنا المتلقي هو الحكم...
ولا يفوتني في النهاية التنويه والإشادة بأداء الإعلام المكتوب والمسموع.

مواطنون يستغيثون
غلاء المعيشة أرهقنا.. وعلى الحكومة تحمل مسؤوليتها
تحدثنا الى بعض أرباب الأسر على رأيهم في غلاء الاسعار وكيف يقيّمون أداء الحكومة تجاه هذه المعضلة التي انهكت كاهل المواطن:
رياض بن منصور(37سنة) رب اسرة وسائق سيارة أجرة: «ان ما شهدته الاسعار من ارتفاع مشط أنهك العائلات وجعل الكثير من متوسطي الدخل غير قادرين على اقتناء حتى الحاجيات الاساسية، وحسب رأيي فالحكومة اثبتت انها مفلسة على مستوى البرامج وانها غير قادرة على مجابهة أي مشكل فهي عاجزة أمام ارتفاع الأسعار فما بالك بمشاكل أعمق.
منجي الحجري (50سنة): «اعتبر ان مشكلة الاسعار كانت بمثابة التجربة البسيطة بالنسبة لحكومة الجبالي الا انها وقفت عاجزة ولم تستطع حتى ايجاد حل يخرج المواطن من هذا النفق المظلم الذي انهك جيوبه ونطلب منها التركيز اكثر على الشؤون الاجتماعية للتونسي قبل فوات الأوان.
محمد بالطيب (30سنة): «لماذا تتجاهل الحكومة ما يحصل للمواطن؟ نستطيع ان نعدد كل المشاكل التي لا تحتمل التأخير وتجاهلتها الحكومة وأهمها «اشتعال الاسواق» الذي قابلته الدولة ببرودة غير مسبوقة وبأداء هزيل لا يتماشى مع الاهداف التي قامت من اجلها الثورة، حتى ان 20د لم تعد كافية لاقتناء متطلبات يومين وهذه حقيقة، فهو عار على من يدعي انه المنقذ.
انتصار الورتاني 20سنة: «أرى ان الحكومة لم تنتبه بعد لما يحصل للمواطن جرّاء غلاء الاسعار رغم ان هذا الموضوع بالذات اسال الكثير من الحبر وأرهق المواطن بجميع فئاته وطبقاته ورغم ذلك تواصل الحكومة «عملها» بخطواتها البطيئة ولا تتعامل بالجدية المطلوبة في هذه المرحلة الحساسة وانا كمواطنة تونسية غير راضية بالمرة على ما تقدمه الحكومة التي اثبتت عدم كفاءتها الى حد الساعة، ونرجو ان تتحرك قبل اندلاع ثورة اخرى.
زهير الوذيني (29سنة): «يجب ان نعترف ان هذه الحكومة عجزت على حل كل المشاكل التي واجهتها خاصة منها الاجتماعية، اليوم اصبح التونسي يخشى الغد ويخشى حتى على قوته اليومي في ظل الارتفاع المفزع للاسعار الذي يقابله تهريج بعض الساسة وعدم جدية البعض الآخر وعدم مبالاة الحكومة التي لم تتخذ أيّ إجراء في هذا الشأن وهو ما يدعونا حقا للقلق والتخوف عن مصيرنا.
أشرف الطبيب

غلاء المعيشة وارتفاع مؤشرات التداين الأسري
أكثر من مليارين قروضا أنفقت على الاستهلاك في 2011
بلغ التداين الأسري سنة 2011 ما قيمته 11 مليارا و915 ألف دينار مقابل 10 مليارات و130 ألف دينار خلال نفس الفترة من 2010 وتتوزع هذه القروض حسب معطيات البنك المركزي التونسي على 9 مليارات و557 ألف دينار لقروض السكن و2 مليار و23 ألف دينار لقروض الاستهلاك (بمعدل 3 ألاف دينار لكل مقترض) و741 ألف دينار للقروض الجامعية وحوالي 334 ألف دينار لقروض السيارات. وحسب المعهد الوطني للاستهلاك فإن نسبة تداين الأسر التونسية تصل إلى أكثر من 18 %.

تطور مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي خلال شهر جانفي 2012
سجل مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي خلال شهر جانفي 2012 ارتفاعا ملحوظا بعد الاستقرار الطفيف الذي شهده خلال شهر ديسمبر 2011 حيث بلغت نسبة الارتفاع 0.7% بالمقارنة مع مستواه في الشهر المنقضي. ويعزى هذا التطور خاصة إلى ارتفاع مستوى مؤشر مجموة التغذية والمشروبات بنسبة 1.5% نتيجة ارتفاع أسعار عديد المواد الاستهلاكية اليومية أهمها البيض 15.0% واللحوم 3.4% والخضر 1.8% والتوابل 2.4%. كما شهدت مجموعة الأثاث والتجهيز المنزلي ارتفاعا بنسبة 1.0% نتيجة ارتفاع أسعار المواد وخدمات صيانة المنزل بنسبة 2.3%. وفي ذات السياق شهدت مجموعة المطاعم والنزل ارتفاعا بنسبة 0.7% نتيجة ارتفاع أسعار خدمات النزل بنسبة 1.9% ومجموعة اللباس بنسبة 0.6%. كما سجل مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي خلال شهر جانفي 2012 مقارنة بنفس الشهر من سنة 2011 ارتفاعا بنسبة 5.1%. وقد نجم ذلك عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 6.6% وأسعار التبغ 9.8% وأسعار الملابس والأحذية بنسبة 6.3% والمطاعم والنزل بنسبة 6.0%. مع العلم أن نسبة ارتفاع مستوى المؤشر للمواد الحرة ناهز نسبة 6.6% مقارنة بشهر جانفي 2011.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.