"ليس هناك ما يثبت ان معظم المؤسسات الأجنبية التي كانت في تونس اتجهت نحو الاستثمار في المغرب" "معظم الشركات الكبرى في قطاع النسيج مازالت تشغّل وتصدّر حسب النسق العادي"... "الشركة سوتيكو "sotuco " بالشرقية: سنحيل ملفها على السفارة البرتغالية " يعتبر قطاع النسيج من القطاعات الحيوية التي توفر عديد مواطن الشغل وتنشط السوق المالية وتنعش الاقتصاد التونسي فهو يحتل المرتبة الثانية من حيث التصدير بعد النفط. فتونس تحتل المرتبة الخامسة عالميا من حيث التصدير في قطاع النسيج والملابس لكن بعد ثورة 14 جانفي2011 شهد هذا القطاع الى جانب القطاعات الأخرى تراجعا وانخفاضا في مستوى الإنتاج والتصدير والاستثمار وذلك نتيجة لسلسة الإضرابات المتواصلة والاعتصامات العشوائية التي كان لها الأثر المباشر في غلق عديد المؤسسات وبالتالي ارتفاع عدد العاطلين عن العمل وهو ما يزيد بطبيعة الحال في حدة الأزمة توازيا مع غياب الأمن السياسي والاجتماعي; حول هذا الإشكال التقت جريدة "الخبير" بالسيد الحبيب الحيزامي الكاتب العام للجامعة العامة للنسيج والملابس والجلود والأحذية من اجل توضيح هذه النقاط ودور الجامعة في حل مثل هذه المشاكل الاقتصادية خاصة في هذه الظروف الحرجة التي يعيشها الاقتصاد التونسي وقد أفادنا بما يلي: *الجامعة العامة للنسيج والملابس والجلود والأحذية ودورها في حل مشاكل عمال مؤسسات النسيج؟ تعتبر هذه الجامعة العامة من الهياكل والهيئات النقابية التابعة لاتحاد الشغل وهي مسؤولة عن كل حقوق وواجبات كل العمال والمؤسسات المنخرطة داخل الجامعة بموجب اتفاقية تربط بين الجامعة العامة والمؤسسة او الجامعة العامة والعامل مبنية على أسس وشروط قانونية تحمي الطرفين، فالجامعة العامة تشمل عددا من النقابات الأساسية الموجودة داخل المؤسسات وهي نقابات متفهمة تطالب بحاجيات ممكنة يطالب بها العمال وهي الزيادة في الأجور والتغطية الاجتماعية والحق في الترسيم وهي حقوق مشروعة لكل عامل وهنا تدخل النقابات كهياكل دفاعية تطالب بتطبيق القانون وفق كراس شروط تضبطها القوانين الأساسية المنظمة لقطاع الشغل في القطاع الخاص. فقطاع النسيج من القطاعات الحيوية والمولدة لمواطن الشغل وهذا ما تؤكده الأرقام والإحصائيات، فتونس تحتوي على 2160 مؤسسة نسيج وتشغل أكثر نسبة من عمال صنف ثالث (main d'œuvre) و70% من هذه النسبة تمثل فئة النساء وهي مؤشرات ايجابية للتنمية في تونس لكن في المقابل نجد ان اكبر نسبة تدني في الأجور في هذا القطاع بمعدل ثمان ساعات يوميا وكأجر أقصاه يصل الى 500 دينار بالنسبة للعمال صنف ثالث وهذا دفع بالعمال خاصة بعد ثورة الكرامة والحرية التي قامت من اجل التشغيل والحق في العيش الكريم الى القيام بإضرابات واعتصامات من اجل الدفاع عن حقهم المهضوم وهذا حق شرعي ومفروض على النقابات والسلط الرسمية. *كيفية التعامل مع الاعتصام؟ عاشت تونس بعد أحداث 14 جانفي 2011 انفلاتا امنيا خطيرا جدا كذلك عمليات السرقة والنهب والحرق لعديد المؤسسات العامة والخاصة خاصة في غياب القانون وهو ما كان له الدور المباشر في تزايد عدد الإضرابات العشوائية وغير المؤطرة تصل الى درجة التهديد من قبل العامل بحرق او نهب المؤسسة لكن في ظل هذه الظروف تدخلت الجامعة العامة وقامت بدور الوساطة بين العامل والمؤسسة وفق كراس طلبات وجلسات في تفقدية الشغل وفي صورة عدم استحالة تمكين العمال من حقوقهم الأساسية، تلتجئ هنا الى الإضراب المنظم والقانوني عبر بعث برقية اضراب الى الجامعة العامة وبعد 10 أيام ينفذ الإضراب وتتخلله جلسات عمل بتفقدية الشغل كذلك بمقر الولاية من اجل إيجاد الحلول المناسبة. أما بالنسبة للمؤسسة فيمكن لصاحبها التوجه الى الجامعة العامة من اجل الاستفسار حول مسائل قانونية وكيفية معالجتها وبالتالي من واجبنا نحن كهيئة نقابية ترشيد الطرفين من اجل المحافظة على ديمومة الشغل في ظل الوضع الاقتصادي العالمي المتدهور. *أزمة مؤسسات النسيج في تونس؟ ليس بالأمر الجديد اوغير الطبيعي أن تعيش بعض القطاعات الاقتصادية تراجعا، فالاقتصاد مربوط بدرجة أولى بالوضعية الأمنية بالإضافة إلى الظرفية العالمية وهذا ما يعيشه الاقتصاد التونسي، فنحن عشنا الأزمة قبل 14 جانفي2011، تحديدا سنة 2004 و2008 وخاصة 2009 وهي الأزمة المالية التي شملت بلدان العالم وخاصة البلدان الرأسمالية. وتطور الأمر مع حدوث الثورة وهي نتيجة طبيعية للانفلاتات الأمنية فهناك مؤسسات أغلقت قبل وبعد الثورة وهي مؤسسات صغرى (10 او15 مؤسسة من مجموع2160 )وليس لها تأثير هام في الدورة الإنتاجية لقطاع النسيج. ولكن المؤسسات العملاقة مازالت متمركزة في بلادنا فهذا القطاع رغم الأزمة فانه مازال القطاع المحرك والمنعش للاقتصاد ودليل ذلك استمرارية التصدير وتزايد الطلبات رغم الظرف الاستثنائي فمثلا شركة "جورج قبابا" (في منطقة سليمان من ولاية نابل) تشغل 1500عامل تعرضت إلى مشاكل إضرابات العمال بسبب المطالب المادية والاجتماعية لكننا في الأخير توصلنا الى حلول ترضي الطرفين كذلك شركة "شومارا" (قرنبالية) و"CTS" هذه الأخيرة التي تشغل 700عامل والتي اغلقت لمدة 40 يوما لكنها عادت الى سالف نشاطها بعد التدخلات وكذلك "بيزارتاكس" (بنزرت" تشغل 900 عامل وهي شركة ألمانية هددت بالإغلاق والرحيل بسبب الإضرابات العشوائية لكن بعد المشاورات وقعت التسوية بين الطرفين وشركة "مغازل حاجب العيون" (القيروان) والتي امتد الإضراب فيها 15 يوما لكن توصلنا في النهاية الى حلول تتمثل في تمتيع بعض عمال بآمتيازات خصوصية وبتعميم منحة جملية يقع توزيعها على جميع العمال وتقدر بما بين 6000 دينار و 12000 دينار شهريا وهي منحة زيادة في الأجور للعمال صنف 3 فرغم المشاكل الجزئية فهذه الشركات الكبرى مازالت تعمل وتشغل وتصدر بمعنى تواصل النسق العادي لقطاع النسيج في تونس، فنحن بالتالي أمام هذه الظروف الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية الحرجة بحاجة الى حوار بناء وثقافة حوار يشمل كافة مكونات المجتمع المدني (مؤسسات خاصة وسلط رسمية واشخاص وجمعيات ومنظمات) تضمن حق المؤسسة وحق العامل في القطاع العام والخاص وذلك من اجل ضمان استمرارية النشاط داخل المؤسسة بصفة خاصة وتحقيق انتعاشة اقتصادية بصفة عامة. *شركات المناولة ومشكلة شركة "sotuco" بالشرقية؟ معظم الإضرابات التي قام بها العمال التابعون لشركات المناولة وهي شركات تغيب فيها من وجهة نظر العمال الحقوق المادية والاجتماعية التي يجب ان تتمتع بها وكنتيجة طبيعية لهذه الإضرابات سيتخوف المستثمر وسيبحث عن وجهة أخرى مثل بنغلاديش أوالمغرب (تدني الأجور، غياب القوانين المنظمة والمؤطرة كذلك النقابات) وهو ما يمثل أرضية ملائمة ومريحة لمثل هذه الشركات التي تبحث عن الربح الوفير مع اقل تكلفة بالإضافة الى تأثر هذه الأخيرة (الشركات) بالوضع العالمي والأمني بصفة عامة وهو نفس المشكل بالنسبة لإغلاق شركة "SOTUCO" في الشرقية وهي شركة برتغالية تشغل 130 عاملا (ملابس جاهزة) وأمام هذه المشكلة فان الجامعة العامة للنسيج والملابس والجلود والأحذية ستطلب من سفارة البرتغال اتخاذ ما يلزم اتخاذه بخصوص وكيل شركة سوتيكو "Antonio George Caetano " الذي غادر البلاد التونسية دون إعلام مسبق وترك المؤسسة بعد إغلاق فجئيّ غير مطابق للإجراءات القانونية المتفق عليها وترك أيضا العمال دون اجر ودون مستحقاتهم القانونية وهم الآن معتصمون حذو المؤسسة ابتداء من 3 جانفي2012 وأمام هذا الوضع الصعب وغير المنطقي فنحن نرجو التدخل العاجل والسريع من السفارة البرتغالية لتقوم إما بإعادة فتح المؤسسة او تمكين العمال من جميع مستحقاتهم طبقا للتشريع الجاري به العمل وقبل ان يتطور الوضع الى الأسوأ. *مسالة هروب المستثمرين الأجانب في قطاع النسيج نحو المغرب؟ نحن لا نملك اي دليل او إحصائيات تؤكد هروب بعض الشركات الكبرى من أجل الاستثمار في المغرب وهذه ليست الا دعايات يروجها الذين كانوا يتمتعون بالامتيازات على مستوى التوريد والتصدير ونقصد هنا "التجارة الموازية" كذلك الذين يهتمون بالمؤسسات الأجنبية التي لا دخل لهم في التسويق. فالمغرب مازال يعيش أثار الأزمة المالية وهو شريك معنا في نفس الظروف الاقتصادية الصعبة وكذلك نفس مستوى التحسنات كارتفاع الأجور ووجود النقابات والمنافسة من قبل دول صاعدة في هذه القطاع والتي تنخفض فيها الأجور مقابل ارتفاع ساعات العمل مع غياب كل الأطر القانونية المنظمة للقطاع. وبالتالي نحن في حاجة الى وعي سياسي واجتماعي وخاصة مؤسساتي من اجل تجاوز هذه الأزمة والابتعاد عن كل الدعايات والاعتصامات العشوائية التي أخلت بالاقتصاد نتيجة لغياب ثقافة العمل والحوار البناء الذي مازال غائبا عن سوق الشغل والاقتصاد ببلادنا وهو ما يجب ان تعمل عليه الحكومة الجديدة من اجل تجاوز العجز الاقتصادي الذي يتفاقم مع مرور الوقت. إكرام بوعجيلة