في إطار الشهادات التي تقدمها عناصر المجموعة العسكرية لمجموعة الإنقاذ الوطني يطل علينا هذه المرة السيد عبد الحميد العداسي او كما كان يعرف باسم "سليم" والذي كان برتبة نقيب في الجيش... رحلة عذاب السيد العداسي انطلقت بتاريخ 21 نوفمبر 1987 يوم تم إلقاء القبض عليه. تحدث إلينا عما عاناه من ويلات السجن قائلا "لقد كان البحث مركزا على كسر عزة انفسنا وكبريائنا وكانوا يتعمدون اهانتنا والتقليل من شاننا، لقد كنت التمس الحقد والبغض من السجانين" وسرد علينا السيد العداسي اشكال العذاب الذي سلط عليه فلم يختلف عما ذاقه كل من السادة صالح وابراهيم من شتم وتعليق (وضعية الروتي) وصعق بالكهرباء وضرب.ولكن قصة السيد العداسي تختلف عن القصص السابقة فقد ذاق الأمرين داخل تونس وخارجها فمنذ خروجه من السجن في 4 ماي 1989 بعد اقتناعهم ببراءة المجموعة وحرمانهم من محاكمة عادلة بدأت المتاعب تتوالى على السيد العداسي من تتبعات ومضايقات فحتى مع حرمانه من العودة الى وظيفته القديمة فهو لم ينج من مضايقات الأمن لما استقر ببيع الدواجن الأمر الذي عاد بالسلب على استقراره النفسي وحتى العائلي في علاقته بزوجته وبأبنائه .فقرر في أوائل افريل 1991 الخروج الى الجزائر مع عائلته لكن في ذلك الوقت ساءت الأوضاع في الجزائر مما اضطره الى التوجه نحو السودان وبقي فيها مع عائلته 9 سنوات بنية الاستقرار لكن لما عادت العلاقات بين تونس والسودان واصبح خطر تسليمهم الى السلط التونسية يهددهم قرر السيد العداسي الهروب من جديد لكن هذه المرة الى سوريا التي عاش فيها 3 سنوات وكان في الأثناء قد تقدم بملف الى الأممالمتحدة كلاجئ سياسي فتم في الأخير قبول ملفه وقبلت الدنمارك احتضانه ويعود ذلك الى سنة 2003. رحلة معاناة السيد العداسي وعائلته ورحلة هروبه من قمع ومضايقات السلط الامنية التونسية دامت 12 سنة و كان قد انتحل اسما مستعارا خوفا من الكشف عن هويته الأصلية فاتخذ من "سليم" اسمه المستعار وهو ما خلف أثارا سلبية على نفسيته ونفسية زوجته وخاصة أبنائه فقد اضطروا للعيش بانتساب دون الانتساب لتونس اما جزائريين او سودانيين وهو ما يعتبر جريمة في حق الانسانية "خاصة انني كنت شريفا وأدافع عن بلادي وكنت أكوّن ابناء تونس وهو ليس بالامر الهين" لكن حتى في الدنمارك لم يسلم السيد العداسي فلم يستبعد حصول مضايقات من طرف الأمن التونسي الا انه لم يشعربها. هذا وقد حكم على النقيب السابق بالسجن المؤبد سنة 1992 بتهمة محاولة اغتيال الرئيس وأكد لنا انه لم يكن ينتمي الى اي حزب سياسي او ديني الا ان "تهمة الانتماء الى الاتجاه الإسلامي آنذاك كانت تنسب لاي خارج عن سرب بن علي" هكذا علق السيد العداسي الذي رغم بعده عن تونس الا انه بقي متابعا لأخبارها وما يحدث على الساحة الوطنية بل انه كان ناشطا فقد نشر العديد من المقالات مثلا على موقع Tunis news. نائلة النوري