ستمثل سنة 2012 مرحلة انتقالية دقيقة وحاسمة باعتبار تواصل مسار الإصلاح السياسي من جهة وتواصل تأثيرات التطورات... المسجلة سنة 2011 من جهة أخرى، كل ذلك في ظل محيط عالمي يخيّم عليه الغموض والارتباك بسبب تفاقم أزمة المديونية مع ضرورة الاستجابة على الطلبات الملحة في مجالات التشغيل والتنمية الجهوية وتحسين مستوى العيش. تشجيعات وتحفيزات هامة سنة 2012 سنة الإصلاحات المعمقة والكثيفة بالإضافة إلى ضرورة العمل على انجاز المشاريع في البنية الأساسية التي من شأنها أن توفر أفضل الظروف لانطلاقة حقيقية للاستثمار الخاص ما بعد الفترة الانتقالية وهو ما سيترتب عنه ارتفاع هام في الاستثمارات العمومية وسيتطور النمو خلال هذه الفترة بصفة تصاعدية حيث ينتظر ان يبلغ 4.5% سنة 2012 و5.7% سنة 2013 حسب تقديرات وزارة التنمية الجهوية والتخطيط والتي جعلت من أولى اهتماماتها العناية أكثر بقطاع الاستثمار الذي يمثل المزود الأول لاقتصاد البلاد وهو ما تترتب عنه عدة إجراءات وخطط عمل ضمن منوال التنمية لسنة 2012 وهي كالأتي: دعم الاستثمارات لترتفع بنسبة 18.4% بعد الانخفاض الهام المسجل سنة 2011 لترتقي نسبة الاستثمار إلى 24% من الناتج مع تكثيف استثمارات القطاع العمومي في مجال البنية الأساسية أيضا التركيز في مجال الاستثمارات الاجنبية المباشرة والتمويلات ذات الشروط المناسبة وستتم تعبئة هذه الموارد بفضل الدعم الذي تحظى به تونس من قبل أهم شركائها خاصة في إطار مسار "دوفيل" كذلك مراجعة منظومة تشجيع الاستثمار والمبادرة ودعم الإحاطة بالباعثين بغرض تكريس أولويات المرحلة ومزيد تطوير هيكلة النسيج الاقتصادي من خلال النهوض بالأنشطة ذات القيمة المضافة العالية وإدخال الإصلاحات اللازمة لتطوير القطاع المصرفي وتعزيز قدراته وتطوير منظومة تمويل الاستثمار والمبادرة من خلال إرساء الآليات الناجعة على غرار صندوق الإيداع والأمانات وصندوق الاستثمار للأجيال والرقي بمجالات التمويل فضلا عن تنفيذ خطة العمل لتطوير التمويل الأصغر وقد تمت المصادقة على المراسيم المتعلقة بهذه المجالات على أن يتم الشروع في تطبيقها خلال سنة 2012 لكل هذه التشجيعات ستعمل الحكومة الجديدة على تنفيذها وإدخالها حيّز التطبيق وذلك من أجل إرساء مناخ ملائم ومتميز يساهم في جلب نسبة كبيرة من الاستثمارات الخارجية يكون لها الدور في النهوض بالاقتصاد الوطني. واقع الاستثمارات الخارجية في تونس: الاستثمارات الفرنسية مثال يبقى الاستثمار في تونس مقوما من مقومات الاقتصاد نظرا لقيمة هذا الأخير في خلق مواطن شغل بالإضافة إلى توفير العملة الصعبة أيضا تحسن البنية التحتية وتوفير مرافق الحياة الأساسية عبر تمركز مشاريع الاستثمار بالجهات وجعلها مناطق حيوية وديناميكية تحقق بذلك التنمية الجهوية على كافة الأصعدة وهذا ما تحاول الحكومة الحالية العمل عليه عبر إرساء منظومة من الحوافز والفوائد تجعل من الاستثمار خير السبل والحلول لتجاوز الوضع الحرج لاقتصادنا وعلى ضوء هذه النقاط تعتبر فرنسا "الشريك الاقتصادي الأول لتونس وستبقى كذلك" هكذا صرح سفير فرنسابتونس بوريس بويون في تدخله يوم الأربعاء 18 جانفي 2012 خلال لقاء صحفي نظمته الغرفة التونسية الفرنسية للتجارة والصناعة مؤكدا أن فرنسا هي الحريف الأول لتونس (30% من الصادرات خلال سنة 2011) والمزود الأول للبلاد (18% من الواردات) كما أن فرنسا تعتبر المستثمر الأول، هذا وأشار السفير إلى مساندة حكومة بلاده لتونس في هذا المسار الانتقالي والسعي إلى أن يتم الإيفاء بتعهدات دور مجموعة الثمان خلال قمة دوفيل وأعلن أن المجموعة الدولية أمنت مبلغ 2.5 مليار دولار لفائدة تونس حتى الآن وعلى صعيد التعاون الثنائي أكد السفير الفرنسي أن فرنسا ستحافظ على تمكين تونس من الاستفادة من آليات دعم استثنائية على غرار آلية "قروض حكومية مشتركة لفائدة الدول الصاعدة وصندوق الدراسات والبحوث لمساعدة القطاع الخاص وخط القرض الخصوصي لفائدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة والصناعات المتوسطة والصغيرة ويضاف إلى ذلك ما تقوم به الوكالة الفرنسية للتنمية من تدخلات وهي التي تمثل لتونس أداة لتعبئة الموارد المالية مقارنة ببقية دول العالم (200مليون أورو) وبخصوص برنامج العمل خلال سنة 2012 لدعم انتعاشة الاقتصاد التونسي أوضح السفير الفرنسي أن البرنامج يرتكز على 4 محاور كبرى وهي أولا دفع القطاع السياحي وتحسين التكوين المهني وتطوير القدرات البشرية حتى تكون ملائمة واحتياجات السوق إضافة إلى دعم التعاون الثنائي للنفاذ إلى السوق الليبية وأخيرا تسيير تنقل رجال الأعمال التونسيين في فرنسا. التمويل الفرنسي تعتبر فرنسا الممول والمزود الأول في تونس من حيث الاستثمارات الخارجية وذلك بحكم العامل الجغرافي (ضفاف المتوسط) والثقافي (فرنكوفونية) وبالتالي تمثل فرنسا الواجهة الأساسية والحيوية لاقتصاد تونس: بالنسبة لسنة 2010 : فرنسا في صدارة دول الشريك المميز من حيث الاستثمارات والتمويل والتصدير في تونس حسب إحصائيات وكالة النهوض في الاستثمار الخارجي فإن فرنسا في سنة 2010 احتلت صدارة الصادرات التونسية فهي المزود الأول لتونس بقيمة ثلاثة مليارات أورو بنسنة 18.9% نسبة المساهمة في السوق التونسية الأولى من حيث الاستثمارات ببعث 1270 مؤسسة والحريف الأول بقيمة 3.3 مليار أورو بنسبة 28.7% مساهمة في السوق المحلية : كذلك الأولى من حيث بعث قروض وصناديق لمساعدة النهوض بالمؤسسات الكبرى والصغرى. شملت الاستثمارات الفرنسية القطاعات المتنوعة وخاصة النسيج والملابس بنسبة 501 مؤسسة تعنى بقطاع النسيج والملابس والجلود والأحذية والذي مكن من تشغيل أكبر نسبة تقدر ب54704 ألف عامل لتحتل بذلك تونس المرتبة الخامسة عالميا من حيث التصدير في قطاع النسيج والملابس. من جهة أخرى 25% من الاستثمارات الفرنسية تعنى بالقطاعات الحيوية مثل الميكانيكية والكهربائية والالكترونية التي أصبحت في السنوات الأخيرة من القطاعات الواعدة والمؤثرة في الاقتصاد أما قطاع الخدمات فبنسبة 188 مؤسسة تشغل 14000 عامل خاصة أمام تطور هذا القطاع في مجالات (مراكز النداء) Centre d'appel ومراكز الدراسات والإرشاد والخدمات الإعلامية أيضا يشهد مجال الاتصالات تقدما هاما خاصة بعد قدوم شبكة "أورنج" في ماي 2010. تمركز الشركات الفرنسية تميزت سنة 2010 ببعث عديد المؤسسات والمراكز الفرنسية الجديدة بلغت نسبة 37% وبلغت ومساهمتها في التشغيل 44% وهو ما كان له دورفاعل في تنشيط الحركة الاقتصادية الوطنية تمركزت هذه المؤسسات بنسبة 85% في المناطق الساحلية و14% في العاصمة وذلك بحكم قرب الموانئ التجارية وبالتالي سهولة المبادلات التجارية من تصدير وتوريد مقابل تمركز 15 % في بقية الجهات وهي نسبة ضعيفة مقارنة بنسب التمركز في الأقاليم الكبرى وهو ما يدعو في الحسبان الى وضعه في العمل تحقيق التوازن بين الجهات وذلك بالعمل على تحسين البنية التحتية وتوفير المرافق العمومية اللازمة ضمانا لتوزيع عادل بين الجهات وبالتالي تحقيق التنمية الجهوية. من بين هذه الشركات الفرنسية الكبرى نذكر: شركة الطيران الفرنسية في مجال الطيران "طوطال" في توزيع البترول، كارفور وكازينو في مجالات التوزيع والتزويد ودانون في الصناعات الغذائية، وشانتال وشارومات في النسيج والملابس، وايروليا ولاكرواالكتروني في مجالات الميكانيكية والكهربائية والالكترونية وغيرها من الشركات الفرنسية ذات الثقل الكبير في اقتصادنا الوطني وفي سنة 2011 شهدت الاستثمارات الفرنسية ارتفاعا ب 1300 مؤسسة مقابل 1200 مؤسسة سنة (2010) ساهمت في إحداث 120 الف موطن شغل فرغم اغلاق 57 مؤسسة إلا انها ما زالت في الصدارة ب 1032 مؤسسة صناعية و22 مؤسسة في قطاع الفلاحة و170 مؤسسة في قطاع الخدمات و52 مؤسسة في السياحة وهو ما يجعل من فرنسا الشريك والحريف المميز لتونس ولمزيد من الايضاح والتفسير حول هذه النقاط التقت جريدة "الخبير" بالسيد مختار الشواري مدير الترويج العام لوكالة النهوض للاستثمار الخارجي الذي أكد "أن أغلب المؤسسات الفرنسية نجحت في الصمود خلال الفترة الصعبة التي مرت بها تونس وإنها عاقدة على التمركز وتعبئة جهودها من اجل إعادة تنشيط الدورة الاقتصادية في تونس فالاستثمارات الفرنسية متنوعة وذات قدرة تشغيلية كبيرة ساهمت في النهوض بالاقتصاد التونسي من جهة وتطويره خاصة في صناعة تركيب الطائرات كصناعة متطورة والحديثة على نسيجنا الصناعي في تونس فرغم الظروف الخاصة التي عاشتها بلادنا سنة 2011 من انفلات أمني واعتصامات متعددة فإنها لم تؤد الا إلى إغلاق 57 مؤسسة وهي حالة طبيعية لكل بلاد تشهد مخاضا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا مثل الذي نعيشه حاليا وإصلاحات إدارية ومجهودات جماعية من أجل تحقيق التنمية الوطنية فالأسواق موجودة والأفق مفتوحة وليس أمامنا إلا العمل والجهد تبقى فرنسا شريكا مميزا خاصة بعد برنامج التوءمة الذي وقعه بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة ومجمع "أوزبو" الفرنسي (2011) وهو من شأنه ان يخلق ديناميكية وحيوية على مستوى الاستثمار من حيث إسناد القروض وتوفير الضمانات والتمويل (تطوير 80 ألف مؤسسة) وبالتالي ضرورة العمل المشترك والأزه من أجل النهوض وإيجاد أكثر ما يمكن من الأسواق والتمويلات. إكرام بوعجيلة