إن التبريرات التي يطلقها الغرب في محاولة لتأكيد حسن نواياهم ، وعلى غاياتهم "النبيلة"، والتي يهدفون إليها من خلال تدخلهم العسكري في ليبيا ،لا أساس لها من الصحة ولا صلة لها بالواقع .
ففي أواخر التسعينات سارت الولاياتالمتحدة وبريطانيا في اتجاه تعميق عزلة ليبيا عربيا ودوليا لخنقها ،ومن ثم تسهل مسألة إسقاط النظام الليبي الذي جرى الإعداد لها من قبل جبهات المعارضة ، وبدعم من الخارج وبعض الأطراف في الحكم الجزائري التي سجلت على معمر القذافي قيامه بإرسال الأسلحة والأموال إلى تنظيمات إسلامية مسلحة . وقد تواصل هذا التوجه وشهدت ليبيا مزيدا من التركيز عليها في ما يتعلق بمسألة " الإرهاب" خصوصا وأن القذافي كان يحاول دائما دعم بعض الإرهابيين القدامى مثل" أو نضال" و" كارلوس" كما سعى للتلويح بهم كورقة في وجه الغرب ،كما أن التنسيق الإيراني الليبي كان ورقة إضافية في يد الغرب كدليل على رفض النظام الليبي الامتثال إلى منطق الشرعية الدولية ، وإدانة الإرهاب . وحيث كان من المتوقع أن تصل المواجهة مع طرابلس إلى حدود توجيه ضربة عسكرية من الخارج ، إلا أن الغرب وفر جهوده مرتكزا على دعم التمرّد الداخلي بعد أن تكون جبهة القذافي قد تفككت بتوافر من يقوم بذلك من داخل المؤسسة الحاكمة بما أن الولاياتالمتحدة وبريطانيا والغرب لا يرون اختلافا بين نظام القذافي ونظام ستالين ، وموسوليني وغيرهم ، فلا يقتلع إلا بالدم وهو ما يحصل للأسف في ليبيا . ونتيجة لسياسة القذافي بما في ذلك تحالفه مع الجيش الجمهوري الايرلندي ضد المملكة المتحدة البريطانية ،أثار ضد نظامه كل القوى الدولية لتنحيته، كان ذلك باستعمال القوة أو بطريقة أخرى . وأما اليوم ، فإن التدخل العسكري بهذا الشكل يتعارض مع القرار الدولي ، لأن القرار الذي صدر عن مجلس الأمن يقضي بمنع القذافي من استعمال الطائرات العسكرية الليبيّة لحماية السكان المدنيين ، ولكن في الحقيقة يجري تسديد ضربات جوية إلى الدبابات وغيرها من المواقع التي لا علاقة لها بمنظومة الدفاع الجوي الليبي ( ضحايا أبرياء وشهداء ) فقد استعملت حاملة الطائرات الفرنسية " شارل ديڨول" وعلى متنها طاقم متكون من 1800 فرد وقرابة 20 طائرة ، كما نشرت المملكة المتحدة طائرات " تورنادو" GR4 السريعة والتي حلقت 3000 ميلا من بريطانيا والعودة ، وهو أطول مدى نفذته قواتها منذ حرب الفوكلاند سنة 1982 . كما شاركت الولاياتالمتحدةالامريكية في العملية العسكرية ب 19 طائرة حربية بما في ذلك طائرات فيلق البحرية من طراز" هارير" ، ومقاتلات الشبح " بي 2" التابعة لسلاح الجو ، وطائرات " أ ف 18 " و " أ ف 16" ، وقد شاركت أيضا قطع أمريكية وبريطانية من السفن والغواصات ، وأطلقت أكثر من 100 صاروخ " كروز" و"توماهوك" لإصابة نحو 20 هدفا ليبيا غرب البلاد ، وقد شاركت إيطاليا ب 8 طائرات حربية مع قوات التحالف ، وهي تشتمل على أربع طائرات من طراز " تورنادو" و أربع من طراز "أ ف 16" ، وقد استهدفت العمليات العسكرية ضد ليبيا تدمير عشرات الآليات التابعة لنظام القذافي ، وهكذا حوّل الغرب " ثورة" ليبيا إلى صراع مسلّح . رياض السهيلي