تؤمّن شركة النقل وسط العاصمة وأحوازها سفرات يومية منتظمة أحيانا ومشوشة حسب الظروف أحيانا أخرى. وليس في الأمر... شك إذا قلنا أن مختلف أصناف النقل العمومي تساهم بدرجة مهمة في دفع عجلة الاقتصاد الوطني نحو الدوران وإن كان ذلك بنسب متفاوتة. لكن هذا المرفق الحيوي تحول بعد الثورة إلى "رزق البيليك" وقفزت ظاهرة " الترسكية" إلى أعلى مستوياتها فالسواد الأعظم من حرفاء هذه الشركة سواء بالنسبة للحافلات أو مستعملي الميترو الخفيف أصبحوا يقتدون بمقولة:"نفسك،نفسك لا ترحم من مات"وذات المقولة يعتمدها خاصة سواق "الكار الصفراء" التي تنتفي فيها أبسط قواعد الحماية حتى أنه أصبح من البديهي أن تنطلق الحافلة وأبوابها مفتوحة وتئنّ تحت "عراجين " الناس المتدلية على الأبواب وهو خطر محدق في الحقيقة ولابد من إيلائه الأهمية اللازمة حفاظا على الذات البشرية التي تعد مكسبا وثروة وطنية. أضف إلى ذلك تعمد البعض فتح الأبواب حتى وإن كانت مغلقة والعبث بها أمام أنظار مقتطع التذاكر وسط الحافلة أو كما يسمى بالنسبة لحرفاء هذا النوع من النقل العمومي "حمادي". فسي "حمادي" المغبون أضحى مغلوبا على أمره فلا بإمكانه إثناء هؤلاء عن العبث بالأبواب ومحاولات فتحها والحافلة تسير ولا بإمكانه حثهم على استخلاص التذاكر حتى أنه أضحى " لايصك،لا يحك" بل وكأنه جرّد من مهامه حتى تحول إلى حريف بسيط بهذه الوسيلة فشركة النقل إذن وجب أن تتنبّه إلى الأمر قصد تجاوز الإحرجات من جهة وتأمين سفرات مريحة ،من خلال توفير المزيد من الحافلات قصد الحد من اللإكتظاظ من جهة ثانية وتعزيز المراقبة اليومية كذلك حتى توفر هذه الحافلات أجرة التنقل الدوري على الأقل في ظل ارتفاع أسعار المحروقات والوضع القتصادي المزري الذي تمر به البلاد وكذلك حفاظا على الذوات البشرية من جهة أخرى بما من شأنه أن يعكس وعيهم بهذه الأمور المهمة. أما مستعملو هذه الوسائل فمدعوون من جهتهم إلى تجاوز التناقضات بعد ثورة كان من المفروض أن تنتج عقولا نيرة وواعية تتعامل بطرق حضارية وتحافظ على المكاسب الوطنية لا أن تحولها إلى أدوات للعبث والاستغلال الفاحش فمن غير المعقول أن ننادي بالشيء ونمارس نقيضه في آن واحد،فهذا المرفق العمومي ليس "حرثة أو ورثة " وهذا ما يقتضي ضرورة المحافظة عليه فالمطالبة بالحقوق تقتضي أداء الواجبات خدمة لثورة كان من المفروض أن تقطع مع الفساد والإفساد والاخلالات والتجاوزات وهذا ما يستدعي فتح ملف النقل بصفة جدية . مبروك بن حسن