مطاردةالقط والفأر مطاردة يومية يعيشها البعض من مستعملي وسائل النقل العمومي مع مراقبي التذاكر هذه المطاردة ليست بالغريبة عنا ولكن عندما يصبح الجنس اللطيف طرفا فيها فهنا تكمن الغرابة وحول هذا السلوك اليومي نزلنا الشارع التونسي لمعرفة أسبابه ورأي أعوان المراقبة في هذه الظاهرة فكان التحقيق التالي : الترسكية أصبحت اليوم الخبز اليومي والسمة الغالبة لقطاع النقل العمومي ولئن تنوعت الاسباب فإن هذه الظاهرة لم تعد تقتصر على المراهقين أو الشباب بل تجاوزتها لتصبح في صفوف الكهول والموظفين والنساء وهذا ما لاحظناه عندما إقتربنا من الانسة مريم (27 عاطلة عن العمل) وما لمحناه من توتر وإضطراب وغضب على ملامح وجهها بل ويزداد إضطرابها كلما إقترب عون المراقبة وهو يهتف بصوت مرتفع «تساكر كوارط» كانت هي في المقابل تتذمر وتقول «مكره أخاك لا بطل ظروفي لا تسمح بإقتناء تذكرة وعلى غرارها إعتبرت الآنسة (سنية 21 سنة) أن الظروف المادية الصعبة هي وراء لجوئي إلى الترسكية مؤكدة في هذا السياق «معلوم التنقل مكلف جدا خاصة وأنني أستعمل العديد من وسائل النقل في اليوم الواحد. «علاقة كرّ وفرّ» «أنا واحد من الناس أمارس الترسكية منذ سنين فأنا أحب المغامرة وهوايتي الترسكية» هكذا أجاب محمد 23 سنة طالب معتبرا أن المطاردة التي يعيشها يوميا تستهويه بل إنه يجد متعة عندما يحاصره أعوان المراقبة فيقول : «متعتي في الفرار من أعوان المراقبة» وفي نفس السياق يتدخل السيد كريم موظف 37 سنة ويقول «الضرورات تبيح المحظورات فالترسكية بالنسبة إليه خبز يومي «فإذا كان معلوم التنقل حوالي 600 مليم فإنه بحسبة بسيطة سنكتشف أن هذا المبلغ يناهز 180 دينار شهريا بل وأكثر وبالتالي اللجوء في هذه الحالة لممارسة هذا الفعل أمر مباح ألا يقال أن الضرورات تبيح المحظورات. «اللي يسرق يغلب اللي يحاحي» كانت هذه إجابة السيد حفيظ متقاعد بالشركة التونسية للسكك الحديدة والذي يعتبر أن هذا المشهد أصبح يتكرر يوميا في وسائل نقلنا العمومي وهاته الظاهرة تعود حسب رأيه إلى غياب الوعي لدى فئة كبيرة من الشباب الذين مع الاسف يمتلكون ثمن التذكرة لكن رغم ذلك يمارسون هذا النشاط بصفة مستمرة مضيفا أن ثمن التذكرة البسيط لا يمثل في حقيقة الامر معلوم التنقل بل يمثل في الواقع معلوم تأمين للفرد أثناء رحلته أما معلوم التنقل مقارنة بتكلفته الحقيقية فهو مبلغ رمزي لا يكاد يذكر ولكن رغم صرامة أعوام المراقبة في ممارسة نشاطهم إلا أن نشاط الركاب في ممارسة الترسكية أكبر بكثير. ألف خطية شهريا وفي نفس السياق أفادنا مسؤول بالشركة التونسية للسكك الحديدية أن عدد الخطايا يصل إلى 1000 خطية شهريا وهو ما يفسر كثرة المقبلين على ممارسة هذا الفعل الذي بات أمرا طبيعيا لا يقتصر على الشباب فقط وإنما يتجاوزه ليشمل النساء والكهول والاطفال حتى أن نسب المرسكين من الرجال والنساء تكاد تكون متقاربة حسب ما صرح به مصدرنا ورغم كل الحملات التحسيسية والتوعوية ورغم الاحكام التي تعرض صاحب هذا الفعل إلى التتبعات الجزائية إلا أنه لم يقع التحكم في هذه الظاهرة. حيث ينص الفصل 2 من المقرر الوزاري عدد776 المؤرخ في 18 أوت 2003 على ما يلي : «تعريفة الارتقاء من الدرجة الثانية إلى الدرجة الاولى تساوي 1500 مليم أما مبلغ الخطية يساوي : 20 دينار في حالة الدفع الفوري، و25 دينار في حالة الدفع المؤجل وعدم الامتثال لأحكام هذا الفصل يعرض صاحبه للتتبعات الجزائية كما أن السفر بدون معلوم التذكرة أو بدون إشتراك يعرض مخالفه إلى دفع ثمن التذكرة أضعافا. * الاستظهار بالهوية ودفع خطية مالية تقدر ب 27.300 مليم * إحالة الملف إلى المحكمة لدفع خطية مقدارها 60 دينار لكن رغم كل هاته القوانين وكل هاته التتبعات إلا أن أصحاب هذا الشأن لا يكترثون ولا يمتثلون لكل هاته الصيغ القانونية وبالتالي أضحى التحكم في مثل هذه الظاهرة أمر صعب. «مسافر زاده الوقاحة» إشتكى بعض المسؤولين من تصرفات بعض المخالفين يحث يتعمد هؤلاء تعطيل غلق أبواب العربات عند إنطلاق القطار أو إلقاء الحجارة وتهشيم بلور وسائل النقل وقد وضع المشرع قانونا كاملا يتعلق بالسكة الحديدية حيث ينص الفصل 51 من القانون عدد 74 لسنة 1998 «يعاقب بالسجن لمدة شهر وبخطية تتراوح من 61 إلى 500 دينار أو بإحدى العقوبتين كل من يلقي بمواد صلبة أو قذرة على العربات» ويقول في هذا الشأن أن المخالف رغم ضبطه في حالة تلبس إلا أنه يلجأ في أغلب الاحيان إلى العنف والتلفظ بعبارات غير لائقة تسيء لأعوان المراقبة بل والغريب في الامر أن هاته الشريحة تلجأ لإستعمال العنف رغم حالة التلبس ويتحلون بقدر كاف من الوقاحة تدفعهم إلى إستعمال العنف وتكسير البلور وتعطيل غلق أبواب العربات. في نهاية الامر لو نبتعد قليلا عن الاسباب الطبيعية التي تدفع بالراكب إلى الترسكية مثل عدم إمتلاك ثمن التذكرة أو إستسهال قرب المسافة كسبب رئيسي لممارسة هذا الفعل ولكن كل هاته الاسباب وغيرها لا تعتبر حافزا لإرتكاب مثل هاته التجاوزات.
معطيات عن الترسكية
هذا وقد أفادنا مصدر من وزارة النقل بآخر معطيات حول هذا الموضوع من خلال آخر الإحصائيات لسنوات (2008-2007-2006) حيث سجلت شبكة الحافلات في موفى سنة 2006 حوالي 80.442 مخالفة و 68.351 مخالة بالنسبة للشبكة الحديدية ليصل المجموع إلى 148.793 أما سنة 2007 بلغ مجموع المخالفات 77.116 شبكة الحافلات و 54.300 مخالفة بالنسبة لشبكة السكك الحديدية وبالتالي يصل المجموع إلى 131.416 مخالفة أما سنة 2008 فقد بلغ عدد المخالفات 80.333 بالنسبة لشبكة الحافلات و 73.173 مخالفة (شبكة السكك الحديدة).