قامت جامعة الدول العربية مؤخرا بإصدار قرار تضمن عقوبات اقتصادية على النظام السوري الذي تتهمه بقتل شعبه لمطالب بإسقاطه... وللعلم فان ذلك القرار هو في الأصل قرار أمريكي صهيوني غربي يهدف الى خنق سوريا اقتصاديا بعد ان فشلت المؤامرة في الداخل من جر عدد كبير من الشعب السوري الى النزول الى شوارع دمشق وكل المدن السورية وأريافها في تظاهرات معلنة كما وصفت من قبل العديد من المحللين السوريين لإسقاط نظام بشار الأسد خاصة ان فشلت آلة التحريض القطرية في تأليب الشعب السوري ضد نظامه فضلا عن سقوط ورقة التهديد العسكري التركي ضد سوريا. وفي خبر موقع "24 ساعة" السويسري والمقرب من الجالية اليهودية في سويسرا كتب محررا الموقع مؤخرا ان "دافيد كوهين"الخبير الأمريكي في العقوبات الاقتصادية زار ألمانيا وسويسرا وانكلترا لإجراء مباحثات حول سوريا وإيران علما وانه كان قد زار فرنسا وتركيا في محاولة منه الى محاصرة الدول "التي تدعم الإرهاب" وفي ظل العجز عن التدخل العسكري ضد سوريا وحتى إيران تركزت الحملة الأمريكيةوالغربية منذ سنوات وحاليا حملة جامعة الدول العربية على رجال أعمال أكثر من تركيزها على شركات صناعية محددة وذلك يعود الى اختلاف في التركيبة الاقتصادية لكل من دمشق وطهران ومن هنا يأتي الهجوم القوي على رجل الأعمال السوري وابن خال بشار الأسد رامي مخلوف الذي قال بموقع "انتلجنس اونلاين" المقرب من المخابرات الأمريكية والفرنسية ان أهمية هذا الرجل بالنسبة للنظام السوري تكمن في دوره كوسيط موثوق به بين سوريا ورجال المال والأعمال في مختلف أنحاء العالم فضلا عن انه شكل في بعض المراحل عائقا في وجه رجال الأعمال وشركات غربية وعربية كانت أمريكا تسعى الى دخولهم الى السوق السورية. وكما إيران فان سوريا مفروض عليها حصار على قطع غيار الطائرات المدنية مما اضطر طيارو شركة الطيران السورية وكما جاء في الصحف السورية بشراء قطع الغيار نقدا ضمن مطارات العالم ومن السوق السوداء في حين تسعى إيران الى صناعة طائرات مدنية تكفيها الحاجة الى الغرب في هذا المجال. وفي هذا الشأن تصدرت خطة الحصار الاقتصادي على سوريا دوليا وعربيا صدر الحداثة الغربية بالخصوص حيث كتب كبار المحللين والصحفيين الفرنسيين ما يمكن إيجازه بعمل أمريكي غربي مخطط مسبقا ويجري تنفيذه هذه المرة بآليات عربية يسعى إلى إضعاف الاقتصاد السوري تمهيدا لإسقاط نظام بشار الأسد التي لم تستطع معارضة الخارج المدعومة أمريكيا وفرنسيا وقطريا إسقاطه. وفي هذا الصدد يقول الصحفي في "إذاعة فرنسا الدولية" "كريستيان شينو" ان الطريقة الوحيدة لإسقاط نظام يشار الأسد تكمن في تنفيذ حصار اقتصادي على رجال أعمال سوريين وشركات سورية تشكل في حقيقة الأمر القوة الاقتصادية للنظام السوري التي يعتمد عليها في تامين احتياجاته من العملات الصعبة وفي تسيير عجلة الاقتصاد السوري بعيدا عن هيمنة الشركات الخارجية ومن جهته قال النائب الفرنسي عن "الغرب الاشتراكي" جيرار بابت" انه في ظل غياب الحل العسكري في سوريا حاليا وعدم جدية الاعتماد على تركيا في هذا الموضوع جعل أمريكا والدول الأوروبية وأخيرا الجامعة العربية تذهب باتجاه العقوبات الاقتصادية كأسلوب لإسقاط النظام في دمشق...الاتحاد الأوروبي سبق له ومنذ اشهر ان وسع عقوباته على مسؤولين سوريين وإيرانيين بحجة التورط في قمع الاضطرابات في سوريا كما تضمنت لائحة العقوبات التي صدرت في أواخر شهر جوان الماضي رجال أعمال سوريين هم خالد قدور ورائف القوتلي ومحمد حمشو صاحب قناة "الدنيا الإخبارية" السورية ورياض شاليليش وذلك بتهمة تقديم تمويل النظام السوري. والى جانب هؤلاء الأشخاص السوريين شملت عقوبات الاتحاد الأوروبي ثلاثة مسؤولين من الحرس الثوري الإيراني وهم رئيسه محمد علي جعفري وثانيه فيلق الغربي و الجنرال قاسم سليماني ونائب رئيس الاستخبارات في الحرس الثوري حسين طائب المتهمون من قبل الاتحاد الأوروبي بتقديم الدعم اللوجستي لقمع الثورة في سوريا. مما تجدر الإشارة إليه هو انه سقوط الاتحاد الأوروبي ان أصدر لائحتين واحدة في شهر ماي الماضي والثانية في منتصف ذلك الشهر شملت عقوبات على شخصيات سورية من بينها الرئيس بشار الأسد إلى جانب أخيه العميد ماهر الأسد فانه قائد الفرقة الرابعة في الجيش السوري.
إذ عرفنا أن تركيا انضمت مؤخرا إلى جوقة المحاصرين لسوريا قلما ان نتساءل عما اذا كان باستطاعة الاقتصاد السوري تحمل أعباء السياسة؟ خبراء اقتصاديون سوريون ابدوا آراءهم في هذا الصدد والمنشورة في الصحف ومواقع الكترونية سورية وعربية عديدة واجمعوا علة ان العقوبات الاقتصادية الأمريكيةوالغربية والتركية لا تستطيع ان تؤثر تأثيرا سلبيا مباشرا في الاقتصاد السوري ل4 أسباب: *أولا: واقع الاقتصاد السوري من حيث كونه اقتصادا متعدد الفروع الاقتصادية مما يضمن سلامة الوضع الغذائي والاكتفاء الذاتي إضافة الى وجود قاعدة تحتية أساسية للاعتماد على الذات. *ثانيا: ان الولاياتالمتحدة ليس لها أساس في خارطة العلاقات الاقتصادية السورية الخارجية سواء بالاستيراد او التصدير وكذلك الشأن بالنسبة لعدد من دول الاتحاد الأوروبي. *ثالثا: يمكن لسوريا تامين احتياجاتها الاقتصادية عن طريق العراق الذي رفض الانسياق وراء قرارات الجامعة العربية في تطبيق العقوبات على دمشق وكذلك عن طريق الأردن التي رفض رجال أعمالها مقاطعة سوريا اقتصاديا لان في ذلك ضررا للأردن قبل سوريا وكذلك على لبنان. *رابعا: سوريا تلقى دعما روسيا وصينيا وإيرانيا متزايدا في محنتها هذه ويمكنها ان تولي وجهها أكثر فأكثر على مستوى التعامل الاقتصادي كما يمكن ان تساعدها علاقاتها المتميزة بالصين وروسيا على ان تقيم علاقات جديدة مع دول أخرى مثل الهند وماليزيا واندونيسيا رغم احتمال تعرض هذه البلدان والأطراف إلى ضغوطات أمريكية بالخصوص للحد من علاقاتها مع سوريا وعلى صعيد متصل قال خبراء اقتصاديون سوريون وعرب في حواراتهم التي تبثها فضائيات عربية عدة ان هناك اليوم في العالم ما يشبه المصالح الاقتصادية على مستوى الاقتصاد العالمي التي تسمح بالالتفاف على هذه العقوبات ولكن تكاليف ذلك كبيرة وقدموا أمثلة عدة على دول مرت بعقوبات اقتصادية وتعاملت مع كبرى الشركات العالمية لكن من خلال وسطاء وسماسرة. والسؤال هل يستطيع الاقتصاد السوري تحمل تكلفات إضافية؟