قال تقرير شركة المزايا القابضة العقاري الأسبوعي إن دول الشمال الإفريقي تبدي ممانعة جيدة لآثار الأزمة المالية العالمية على الاستثمارات الموجهة لقطاعات العقار والبنية التحتية والمطارات والنقل. وقال التقرير إن دول الشمال الإفريقي تتمتع ببيئة اقتصادية جاذبة تعززها وفورات النفط كما في الجزائر وليبيا والموقع الجغرافي والسياحي كما في المغرب وتونس. وبين التقرير أن الاقتصاديات في المغرب العربي مرشحة أكثر من غيرها للخروج من الأزمة المالية بأقل الخسائر، خصوصا أن الأزمة المالية ستؤدي إلى دفع معدلات التضخم، وهي الهم الأكبر بالنسبة للساسة في المغرب العربي، وبالتالي التخفيف عن كاهل المواطنين والحساب الجاري الحكومي. وكان معدل التضخم السنوي سجل 4.8% في آب (أغسطس) مقابل 5.1% في تموز (يوليو) و4.7% في حزيران (يونيو) في المغرب. ومع هذا حذر مراقبون من عواقب زيادة القروض المقدمة من البنوك وشركات التمويل للفئات المتوسطة ومحدودة الدخل في المغرب خلال الأعوام الأخيرة. وعزوا هذا التخوف إلى عدم القدرة على السداد خاصة في ظل شبح التضخم الذي بدأ يخيم على المغرب واضطرار البنك المركزي إلى رفع سعر الفائدة. وكانت الأسواق المالية المغاربية وخصوصا بورصة الدارالبيضاء قد عانت من انخفاضات قوية مؤخرا، مسجلة بذلك اكبر تراجع تعرفه في العشر سنوات الأخيرة. وذكرت مصادر من داخل البورصة إن أهم الخسائر لحقت بالشركات العقارية. كما لم تسلم بعض البنوك من هذا التراجع. وبين التقرير أن كثيرا من الشركات الخليجية توجهت للاستثمار في العقارات والسياحة في المغرب العربي مدفوعة بالبيئة الاستثمارية الملائمة والمناخ والطبيعة الخلابة، عدا عن تمتع بلدان المغرب بثروات هائلة على مستوى المعادن والنفط بشكل عام. إلى ذلك، كشفت بيانات حديثة صادرة عن المندوبية السامية المغربية للتخطيط عن تحسن نمو الاقتصاد المغربي خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة 6.7% مقارنة بنموها بنسبة 7% في ذات الفترة من العام الماضي. ولم تصدر توقعات عن معدلات النمو خلال النصف الثاني من العام. وبين التقرير أن مخاوف تراجع تحويلات المغتربين إلى بلدانهم تسيطر على تدفقات النقد الأجنبي والاستثمارات، حيث قدر البنك الدولي التحويلات المالية التي وجهها المغتربون الجزائريون نحو بلادهم خلال النصف الأول من العام الحالي ب 9.2 بليون دولار مسجلا ارتفاعا ملحوظا مقارنة بالسنوات الماضية عندما كانت التحويلات لا تتجاوز بليون دولار سنويا. وأفادت دراسة أعدها البنك الدولي ونشرت مضمونها جزائرية بأن المبلغ المشار إليه شمل تحويلات عدد من المستثمرين لفائدة مشاريع استثمارية يقيمونها في بلادهم. كما أظهرت بيانات حديثة صادرة عن المركز الوطني للإعلام الجزائري أن الفائض التجاري للبلاد ارتفع بنسبة 45% إلى نحو 29.03 بليون دولار بنهاية شهر آب الماضي مقارنة بفائض في الفترة المقابلة من العام الماضي والذي بلغ نحو 19.9 بليون دولار. وأوضح المركز أن إجمالي الصادرات للبلاد ارتفع بنسبة 44% إلى نحو 54.4 بليون دولار في الفترة منذ مطلع العام الحالي وحتى نهاية آب مقارنة بذات الفترة من العام الماضي، فيما ارتفعت الواردات بنسبة 44% إلى نحو 25.4 بليون دولار. وبلغت قيمة صادرات النفط والغاز حوالي 53.1 بليون دولار مشكلة 97% من إجمالي صادرات الجزائر. وعن الأزمة المالية وأثرها على الدول المغربية طمأن البنك المركزي التونسي المتعاملين في تونس على الأوضاع الاقتصادية في البلاد في ظل الأزمة المالية الدولية الراهنة خاصة فيما يتعلق بمنح القروض العقارية ونظام تسديد الديون إضافة إلى محدودية مساهمة الأجانب في البورصة المحلية مع التدرج المعتمد في تحرير الدينار التونسي. واعتبر تلك العوامل كفيلة بضمان وقاية القطاع المصرفي من تداعيات الأزمة العالمية القائمة. وأشار بيان للبنك المركزي التونسي إلى تطور حثيث في النشاط البنكي عكسه تطور الناتج البنكي الصافي ب 2.13% خلال النصف الأول من العام الحالي وتطور المساعدات المقدمة للاقتصاد ب 1.13% والودائع ب 3.11% ما بين ايلول (سبتمبر) 2007 وايلول (سبتمبر) 2008 فيما تواصل فائض السيولة خلال ايلول للشهر السابع على التوالي ما دفع البنك المركزي إلى التدخل لامتصاص جانب منها من السوق. وأكد ضرورة تأمين متابعة متواصلة للتطورات الاقتصادية العالمية وتداعياتها المحتملة على مختلف القطاعات وخاصة منها الموجهة للتصدير. وقرر البنك الإبقاء على نسبة الفائدة المرجعية من دون تغيير. وكانت تونس توجهت بشكل قوي للاستثمار في السياحة الطبية والعلاجية مدفوعة بالإنفاق المرتفع المرافق للسائح في قطاع السياحة العلاجية والاستجمامية، فبينما ينفق السائح التقليدي ما بين 300 و400 يورو أثناء إقامته، تصل فاتورة السائح الطبي نحو أربعة آلاف يورو يوميا. وتشير تقارير دولية أن تونس تمتلك واحدة من أكثر البنى التحتية الصحية تقدما في إفريقيا من حيث توفر أطباء، إلى جانب مصادر جذب باتت سمة تونس السياحية. يذكر أن تونس تستقبل سنويا حوالي سبعة ملايين سائح وتصل عائداتها من السياحة إلى أكثر من بليون ونصف بليون دولار، وهي تعول على السياحة الاستشفائية والصحية للرفع من عوائد القطاع ومن قيمة العائدات من العملة الأجنبية التي توفرها للبلاد. ومن جانب آخر، أوضحت إحصاءات رسمية تونسية، أن تونس تخطط لاجتذاب مزيد من الاستثمارات لدفع النمو الاقتصادي، حيث إن الاستثمارات الأجنبية المباشرة ارتفعت بنسبة 43% خلال النصف الأول من هذا العام، وارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى 912 مليون دولار منذ بداية هذا العام وحتى شهر حزيران مقارنة بنحو 642.4 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي. وقال التقرير إن تونس تسعى لاجتذاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية خصوصا الخليجية لدعم المشاريع العقارية التي تجاوزت قيمتها 50 بليون دولار. ويرى خبراء أن استقرار النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي والإصلاحات في تونس تساعد على اجتذاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية. كما تخطط مجموعة استثمارية كويتية أميركية مشتركة لإنجاز مشروع لصيانة الطائرات يقام في مطار طبرقة بالشمال الغربي التونسي باستثمارات تقدر ببليون دولار. وقال مسؤول في المجموعة إنه سيتم إنشاء ورشة متكاملة تقدم خدماتها لناقلات أوروبية وشرق أوسطية من ايرباص وبويينغ وتخطط المجموعة للقيام بأعمال الصيانة للمحركات والهياكل. وتجدر الإشارة إلى أن قطاع النقل في تونس يساهم بحوالي 6% من الناتج المحلي الإجمالي وتبلغ نسبة الاستثمار فيه 15% من مجمل الاستثمارات التونسية. أما في الجزائر فقد صرح الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفيلقة أن بلاده استثمرت وستستثمر في الفترة ما بين 2001 و2009 ما يقارب 200 بليون دولار في مشاريع البنية التحتية، وبرامج تنمية المناطق الصحراوية، وتطوير المنشآت التحتية والخدمات الاجتماعية. وأضاف أن بلاده تمكنت من إعادة هيكلة مؤسساتها الاقتصادية وخصخصة المؤسسات العاجزة، وإعادة التوازن إلى اقتصادها، إضافة إلى إجراء إصلاحات في قطاعات التربية والعدالة والصحة. مؤكدا أن اقتصاد بلاده يسجل نمواً بنسبة 5% خارج قطاع النفط منذ عام 2001، ويتوقع أن تحقق الجزائر معدل نمو يصل إلى 9.4% هذا العام و5.4% العام المقبل ليصل إلى 2.5% في أفق 2013 وفق تقرير شهر تشرين الاول (أكتوبر) الصادر عن صندوق النقد الدولي. أما فيما يخص معدل التضخم فأفاد التقرير أنه سيبلغ 3.4% العام الحالي و4% السنة المقبلة بعد أن كان في حدود 6.3% سنة 2007. وكانت الحكومة الجزائرية قدمت جميع التسهيلات لشركة استثمار الإماراتية لبدء تنفيذ مشروع مدينة (دنيا بارك) بكلفة تصل إلى 5 بلايين دولار. وأوضحت أن المشروع سيقام في المخرج الغربي للعاصمة الجزائرية، وستكون أكبر مدينة ملاهي في العالم، حيث ستقام على مساحة 800 هكتار، مضيفاً أن الحكومة استعانت بكبرى الشركات العالمية لوضع مخطط مدينة الألعاب، مع التركيز على مقاييس الجودة والامتياز واحترام البيئة وقواعد الأمن والسلامة. كما أشارت شركة الإنماء العقارية، التابعة لبيت التمويل الكويتي، إلى أن الشركة تبحث الدخول في شراكات استراتيجية مع مطورين عقاريين لتنفيذ مشاريع عقارية متكاملة في بعض أسواق شمال إفريقيا بينها تونس والمغرب. وتخطط شركة سناسكو السعودية لبناء مجمع سكني كبير في مديرة وهران، ثاني أكبر مدن الجزائر، حيث قامت بعرض المجسمات للمجمع السكني الجديد. وتم إطلاق اسم حي البحر على المشروع. ويشيد المشروع على مساحة 12 هكتارا على الواجهة البحرية بالضاحية الشرقية للمدينة، ويوفر 2,391 مسكناً راقياً في أبراج سكنية عالية، ويتضمن مراكز تجارية وترفيهية وهياكل علمية وصحية ومساحات خضراء وما إليها من المرافق التي يحتاجها سكان المجمع. وفي ليبيا، أطلق بنك الاستثمار الإقليمي بلتون فاينانشال بالشراكة مع صندوق الإنماء الاقتصادي والاجتماعي الليبي، شركة بلتون ليبيا المالية للأسهم، بالعاصمة الليبية طرابلس. ويستهدف "بلتون" -الذي يتخذ من القاهرة مقرا له- من وراء تلك الخطوة تقديم خدمات بنوك الاستثمار المتكاملة في ليبيا، والتي تشمل تقديم خدمات السمسرة في الأوراق المالية والاستشارات المالية، وإعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة والترويج للاستثمار في السوق الليبية فضلا عن تقديم المساعدة في طرح الشركات وهو ما سيساهم في زيادة ربحية الشركات وتعظيم الدخل القومي في ليبيا. كما صرح العضو المنتدب لمحفظة ليبيا للاستثمارات الإفريقية أن المحفظة بصدد بناء مصنعين لإنتاج الفوسفات في تونس بتكلفة 500 مليون دولار، كما أنها تدرس إقامة مشاريع أخرى في قطاعات السياحة والعقارات والطاقة، مضيفاً أن الصندوق التابع للمؤسسة الليبية للاستثمار تدرس أيضاً بناء مصفاة نفطية في تونس.