وجه الفرنسيون امس الاول رسالة قاسية وعنيفة للرئيس نيكولا ساركوزي، من خلال الادلاء بأصواتهم بالدورة الاولى في الانتخابات الاقليمية من جهة، ومن خلال الامتناع عن التصويت من جهة ثانية، حيث بلغت نسبة الامتناع عن التصويت 53.65 في المائة وهي اعلى نسبة امتناع تسجل في انتخابات فرنسية من ولادة الجمهورية الخامسة، منذ اكثر من ستين عاماً. وتصدرت هزيمة الغالبية اليمينية مجمل الصحف الفرنسية التي علقت امس معنونة «تحذير» و«صفعة» و«شجب» و«هزيمة». وقرر الفرنسيون، او اكثرية من ادلى بصوته منهم، جعل الحزب الاشتراكي القوة السياسية الاولى في البلاد. حيث حصل على نسبة 29.48 في المائة من الاصوات، بينما حصل التحالف اليميني، المعروف باسم الاكثرية الرئاسية على 26.18 في المائة. وهذا التحالف يضم بشكل اساسي اتحاد الاغلبية الشعبية، وهو حزب ساركوزي، والوسط الجديد، الحزب المسيحي الديموقراطي والحركة من اجل فرنسا وهو حزب يميني متطرف سيادي التحق بساركوزي خلال الصيف الماضي. وجاء حزب الخضر في المرتبة الثالثة حيث حصل على 12.47 في المائة والجبهة الوطنية في المرتبة الرابعة مع 11.47 في المائة والجبهة الوطنية في المرتبة الرابعة مع 11.74 في المائة. واليسار الجديد الشيوعيون على 5.88 في المائة. والخاسر الاكبر في هذه الانتخابات، اضافة الى نيكولا ساركوزي، هو حزب الحركة الديموقراطية بزعامة فرانسوا بايرو اليمن الوسط المعادي بشكل اساسي لساركوزي، والذي حصل على ما بين 3.4 و%4 من الاصوات. وقال الامين العام السابق للحزب الاشتراكي فرانسوا هولاند ان «الحزب الاشتراكي بات الحزب الاول في فرنسا». أعلى وأدنى معدل وجاءت نتائج الانتخابات لتحقق الأرقام القياسية ليس فقط بالنسبة للامتناع عن التصويت، بل أيضا بالنسبة للأصوات التي حصل عليها الاشتراكيون. فهو أعلى معدل لهم. وايضا بالنسبة لليمين الذي يحصل على أدنى معدل له منذ أكثر من ربع قرن. ويجمع اليسار واليمين على القول إن المعركة لم تحسم. ويسعى المعسكران لتعبئة ناخبيهما في الدورة الثانية الأحد المقبل. الحزب الاشتراكي لتأكيد نتائج الدورة الأولى والفوز بالاثنين والعشرين اقليما. والتحالف اليميني لانتزاع عدد من المناطق لا يزيد على عدد اصابع اليد، أو على الأقل الاحتفاظ بالإقليمين اللذين يسيطر عليهما الالزاس وكورسيكا. وهذه المسألة ستكون في غاية الصعوبة بسبب تمكن الجبهة الوطنية بزعامة جان ماري لوبن من الوصول إلى الدورة الثانية من الانتخابات مع حصولها على أكثر من 10 في المائة من الأصوات في اثني عشر اقليما. والأمل الوحيد المتبقي أمام ساركوزي وحزبه هو ان يستجيب ناخبو اليمين للنداءات التي اطلقت لهم ويشاركوا بكثافة في الدورة الثانية. السحر ينقلب على الساحر وعودة الجبهة الوطنية بقوة إلى المشهد السياسي، بعد تراجعها القوي في الانتخابات البلدية ومن ثم الأوروبية، سيعقد الأمور لليمين الفرنسي. وقد انقلب سحر محاولة استغلال الهوية الوطنية والنقاب من قبل اليمين في الانتخابات الاقليمية عليه، حيث حقق اليمين المتطرف نتائج لم يكن يتوقعها احد. وهكذا فإن ساركوزي يكون قد جلب الدب إلى كرمه.