عاد الهدوء اليوم إلى بلدة بن قردان التونسية المتاخمة للحدود مع ليبيا والتي تشهد منذ أيام اشتباكات غير مسبوقة احتجاجا على قرار الجمارك الليبية غلق بوابة "راس جدير" التجارية الحدودية المشتركة بين البلدين، بعد إعادة السلطات الليبية فتح البوابة منذ الساعات الأولى لهذا اليوم. وقال النقابي حسين بالطيب المقيم في بن قردان لوكالة الأنباء الألمانية "إن الجمارك الليبية أعادت منذ الساعات الأولى من يوم الجمعة فتح البوابة أمام الحركة التجارية، وإن أهالي المنطقة التي تعيش على التجارة مع ليبيا خرجوا في احتفالات شعبية عارمة ابتهاجا بهذا الإجراء". وفتحت البوابة بعد ساعات من محادثات رفيعة المستوى أجراها وفد تونسي ضم وزراء الخارجية والداخلية والتجارة ومدير عام الجمارك التونسية مع رئيس الوزراء الليبي ووزراء الخارجية والأمن العام والصناعة والاقتصاد والتجارة ومدير عام الجمارك الليبية مساء الخميس في العاصمة الليبية طرابلس. وذكرت وكالة الأنباء الليبية أن "الاجتماع تناول سبل مزيد تطوير التعاون الثنائي، وتذليل العقبات التي تعترض تنقل وتواصل المواطنين وانسياب السلع بين ليبيا وتونس" موضحة أنه تم خلال اللقاء "استعراض التعاون القائم بين البلدين في مختلف المجالات، والسبل الكفيلة بتطويره". شغب ومصادمات وشهدت بن قردان -وهي مدينة صحراوية يقطنها نحو ستين ألف شخص وتبعد خمسمائة كلم جنوب العاصمة تونس- أعمال شغب ومصادمات غير مسبوقة بين قوات الأمن ومتظاهرين غاضبين طالبوا بإعادة فتح بوابة راس جدير. وذكر شهود عيان وتقارير صحفية أن المتظاهرين قطعوا الطرقات بالإطارات المطاطية المشتعلة والحجارة وأحرقوا سيارتين تابعتين لقوات الأمن باستعمال زجاجات حارقة ورشقوا بالحجارة قوات مكافحة الشغب التي تدخلت لتفريقهم باستعمال الغاز المسيل للدموع. وأكدت نفس المصادر سقوط عدد من الجرحى بين المتظاهرين وقوات الأمن التي باشرت حملة اعتقالات واسعة النطاق في المدينة. ودفعت السلطات التونسية بأعداد كبيرة من قوات مكافحة الشغب إلى بن قردان تحسبا لتصاعد أعمال العنف. وكانت الجمارك الليبية فرضت قبل نحو عام تعريفة بقيمة 150 دينارا (أكثر من مائة دولار أميركي) على أي سيارة تونسية تدخل الأراضي الليبية. وقالت تقارير صحفية تونسية إن هذا الإجراء أضر كثيرا بنشاط منطقة بن قردان التجاري حيث يدخل سكانها الأراضي الليبية بشكل شبه يومي للتبضع وتعتبر التجارة مع ليبيا مورد رزقهم الوحيد. يذكر أن ليبيا خامس شريك اقتصادي لتونس -بعد فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا- ويبلغ حجم التبادل التجاري السنوي بين البلدين حوالي ملياري دولار. ويدخل تونس سنويا نحو مليوني ليبي دون أي قيود، كما يدخل مثل هذا العدد من التونسيين إلى ليبيا. ويعبر بوابة راس جدير الحدودية المشتركة بين البلدين يوميا أكثر من عشرة آلاف مسافر في الاتجاهين. معالجة أمنية وفي وقت سابق نددت المعارضة بما وصفته "المعالجة الأمنية" للأوضاع في المنطقة. وطالب الحزب الديمقراطي التقدمي بإطلاق سراح كافة الموقوفين فورا تجنبا لمزيد من توتير الأجواء وحقنا للعنف الذي قد يتطور وينتشر. وقال الحزب الذي يوصف بأنه أبرز أحزاب المعارضة الجدية للنظام، إنه "يتفهم أسباب الاحتجاجات الشعبية العفوية التي اندلعت رغم ما صاحبها من عنف ويعتبرها ردّ فعل طبيعيا على سياسة قطع الأرزاق في ظلّ غياب حلول جذرية تنظم استغلال معبر راس جدير". يذكر أن منطقة تعرف باسم الحوض المنجمي جنوبي غربي البلاد عرفت في 2008 احتجاجات عارمة على تفاقم الأزمة الاجتماعية جراء البطالة وضآلة فرص التنمية والمحسوبية، حسب وصف منظمات نقابية. المصدر: وكالات - 20 أوت 2010