قال المحامي اللبناني أكرم عازوري، الوكيل القانوني للرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، إن من مسئولية السلطات التونسية "توفير معايير المحاكمة العادلة لموكله". وذكر عازوري ، في مقابلة أجرتها معه وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) في بيروت ، أن "أهم معايير المحاكمة العادلة هي احترام قرينة البراءة وتوفير الجو الصافي للقاضي لكي ينظر بكل تجرد إلى الأدلة التي على المدعي العام أن يقدمها". أضاف: "ليس على المتهم تقديم الدليل على براءته لأن القانون يجعله بريئا بل على المدعي العام تقديم الدليل المعاكس (أي يثبت أنه مجرم)". تابع: "الرئيس (السابق) "بن علي" اتهم بالسياسة وتمت محاسبته بالسياسة". أردف: "لقد تمت إدانة الرجل إعلامياً بجرائم المخدرات والسلاح والأموال بعد أن صورت الأموال والمخدرات وعرضت على شاشات التلفزة، وهذه المحاكمة لا تحترم معايير المحاكمة العادلة". عن رأيه في قضية "بن علي" وعما إذا كانت قضية رابحة ، قال المحامي اللبناني إنّ "القانون يجعل من مهمة الدفاع أسهل بكثير من مهمة الادعاء لأنه يعتبر الشخص بريئاً وهذا ما يسمى قرينة البراءة، وهذا يعني أن العبء يقع على الادعاء. وعلى المدعي العام أن يستجمع الأدلة ويقدمها إلى الدفاع الذي يبدي وجهة نظره فيها". أضاف أن هناك شروطاً لتكون المحاكمة قضائية، أولها "توفير قاضٍ مستقل يفصل بين الدفاع والادعاء بتجرد وموضوعية دون تأثر بالأهواء السياسية". كان "بن علي" قد كلف المحامي اللبناني أكرم عازوري بداية شهر يونيو الحالي بمهام تمثيله والدفاع عنه أمام المراجع القضائية في تونس وخارجها. وسبق لعازوري أن ترافع في قضايا تعد شائكة كترافعه سنة 2009 عن الجنرال اللبناني جميل السيد الذي كان متهماً في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري الذي قُضى في انفجار ببيروت يوم 14 فبراير عام 2005 ، والذي برأته المحكمة الدولية الخاصة بلبنان عام 2009 ، كما ترافع في العديد من القضايا المالية والجزائية في بلدان أوروبية وفي لبنان. ونفى المحامي اللبناني أن يكون وكيلاً قانونياً لزوجة الرئيس التونسي المخلوع ليلى الطرابلسي بقوله: "أنا أمثل الرئيس زين العابدين بن علي فقط، وحصراً". وعن سبب اختيار "بن علي" له ليمثله ويدافع عنه وقبوله المهمة ، قال المحامي اللبناني: "الرئيس "بن علي" هو من اختارني وهو من يُسأل عن سبب اختياره لي، أما سبب قبولي الدفاع عنه، فالسؤال في غير محله والصحيح أنه يجب أن يتم سؤالي ويوجه إلي الانتقاد في حال عدم قبولي الدفاع عنه". أضاف أن "كل شخص ينتقد محاميا لأنه يتولى مهام الدفاع يكون غير جدير بالحياة في مجتمع يحكمه القانون". وفي معرض تعليقه على ما تناقله بعض وسائل الإعلام من أنه المحامي الوحيد الذي قبل الدفاع عن "بن علي"، قال عازوري إن "هذا الكلام هو كلام هواة" ، متسائلاً: "هل تم التحقق من أن الرئيس "بن علي" اتصل بكل محامي العالم العربي ورفضوا جميعهم الدفاع عنه". تساءل عازوري: "هل يمكن محاكمة أي شخص دون محامى دفاع.. إنه كلام معيب". وعن قبوله الدفاع عن "بن علي" في ظل قانون تونسي يمنع المحامين الأجانب من الترافع عن مواطنين تونسيين أمام المحاكم التونسية، قال عازوري: "تونس دولة موقعة على المعاهدةالدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، وهو ميثاق وضعته الأممالمتحدة، ووقع عليه العديد من الدول". أشار إلى أن أحكام المعاهدة الدولية "تسمو على أحكام القانون الداخلي التونسي في حال تعارضهما بحسب الدستور التونسي حيث تطبق في هذه الحالة أحكام المعاهدة الدولية". أضاف: "أحكام هذه المعاهدة، تسمح للرئيس باختيار محامين للدفاع عنه حتى لو لم يكونوا مواطنين تونسيين، كما تسمح له بالدفاع عن نفسه دون حضور المحاكمة بشكل شخصي". أشار إلى أن "حق الدفاع عن الرئيس التونسي ومعايير المحاكمة العادلة لا تستند فقط إلى القانون التونسي، بل يتم اعتماد أحكام العهد الدولي للعام 66، الذي يسمح للرئيس باختيار أي محام يريد ووقع اختياره علي، وأستطيع ممارسة حقوق الدفاع عنه شرط أن تسمح لي السلطات السياسية التونسية بدخول تونس والحصول على إذن نقيب المحامين في تونس بالترافع". أوضح أنه طلب إذناً بالدخول إلى تونس من السلطات التونسية كما أنه طلب إذناً من نقابة المحامين التونسيين للدفاع عن الرئيس المخلوع أمام المحاكم التونسية لكنه "لم يلق جواباً حتى الآن". قال: "قرار الدولة التونسية بعدم السماح لي بالدخول إلى تونس هو قرار سيادي وأحترمه ولكن المعيار الذي يسمح للحكم القضائي بأن يصبح مقبولاً هو أن يكون مقبولا دولياً أي أن يكون متوافقاً مع المعاهدة الدولية عام 66". أضاف أن "جميع الدول التي وقعت على المعاهدة الدولية عام 66 لن تعترف بأيّ حكم يصدر خلافاً لهذه المعاهدة وبالتالي لن يكون لهذا الحكم أي مفعول والحكم الذي صدر في العشرين من الشهر الحالي هو حكم منعدم الوجود بسبب مخالفته أحكام المعاهدة الدولية". كانت محكمة تونس الابتدائية قد أصدرت الإثنين الماضي حكما غيابيا يقضي بسجن كل من "بن علي" وزوجته ليلى الطرابلسي 35 عاما نافذة في قضية "اختلاس" و"استيلاء على أموال عمومية" خلال فترة حكم "بن علي" (1987/2011). وقضت المحكمة في نفس القضية بتغريم "بن علي" 50 مليون دينار تونسي (حوالي 25 مليون يورو) وزوجته 41 مليون دينار (20 مليون يورو). ورداً على اتهامه من قبل بعض رجال القانون في تونس بالسعي لمساعدة الرئيس التونسي المخلوع للإفلات من العقاب وتلميع صورته، قال: "منذ مغادرة الرئيس "بن علي" تونس في 14 يناير الماضي لم يحترم أحد في تونس قرينة البراءة، بل تعرض الرئيس لهجوم إعلامي وسياسي بشكل يومي في جميع وسائل الإعلام". أضاف: "أنا أوافق على أن الأمور القضائية يجب ألا يتم تداولها في وسائل الإعلام لكن ذلك يجب احترامه من قبل الجميع". اعتبر أنّ "عرض أموال نقدية على شاشات التلفزة ومخدرات أو مجوهرات بعد شهرين أو ثلاثة من مغادرة الرئيس "بن علي" للبلاد واعتباره مسئولا عن وجودها، في حين أن الأموال والمخدرات لم تكن موجودة عندما غادر، ليس سوى تناول شخصي وهذا أمر يدخل في صلب مهامي الدفاعية والرد عليه". قال: "لم أدل بأي تصريح إعلامي هجومي إنما مارست حقّ الردّ على الاتهامات التي أطلقت بحقّ الرئيس "بن علي" وهذا حق يكفله القانون التونسي كما أن التحقيقات القضائية يجب دائماً أن تكون سرية وألا تعرض على وسائل الإعلام بانتظار أن تجرى محاكمة عادلة ولكن هذا الأمر لم يتم". ورفض عازوري الإجابة عن كيفية اتصاله بالرئيس التونسي، كما رفض التحدث عن الأوضاع الصحية للرئيس التونسي السابق باعتباها "شأناً خاصا". قال إن "بن علي" منزعج من الإساءة الشخصية والإهانة المركبة التي تناولته بشكل شخصي وصورته على أنه تاجر مخدرات ومهرب للأسلحة وكلفني بالرد على ذلك لكن ليس لديه أيّ مانع من أن تتمّ محاسبته في السياسة. ولكن الأمر خرج عن كونه محاسبة سياسية ودخل في إطار الشتم والإهانة، ومن حقي الردّ على الشتم والإهانة". ونفى عازوري معرفته بأيّ قرار سعودي يمنع الرئيس "بن علي" من الإدلاء بتصريحات صحفية طيلة فترة وجوده في المملكة. قال إن "أي رجل يتعرض للشتم له حقّ الرد ومن واجبي كمحام أن أرد في وسائل الإعلام على أي إساءة إعلامية وأن أرد في القضاء على أيّ مسألة قضائية أما المسائل السياسية فهذا شأن الرئيس ولست وكيلاً سياسياً عنه وليس من مهماتي الدفاع عن عهده، أو عن حقبة حكمه.. المحاسبة السياسية هي من حق الشعب التونسي". لم يشأ عازوري الخوض في إمكانية تسليم الرئيس "بن علي" من قبل السلطات السعودية للسلطات التونسية، واصفاً إياه ب "الموضوع السياسي". ورداً على سؤال حول إمكانية قيام محكمة دولية بمحاكمة "بن علي" قال: "لا توجد أي نصوص تسمح بإحالة الرئيس "بن علي" إلى محكمة دولية". وعما إذا كان اتهام "بن علي" بالتواطؤ مع الموساد الإسرائيلي في اغتيال قيادات فلسطينية من قبل المدير الأسبق للمخابرات التونسية يحرجه، قال عازوري: "لا شيء يحرجني.. أنا مكلف حصراً بمناقشة أيّ دليل موضوعي يقدمه المدعي العام وأي شيء غير ذلك خارج عن مهمتي". يواجه الرئيس التونسي السابق عقوبة الإعدام بسبب مقتل حوالي 300 شخص خلال الثورة الشعبية، سقط أغلبهم برصاص قوات الأمن. هرب زين العابدين بن علي /75 عاما/ وزوجته ليلى الطرابلسي /55 عاما/ إلى السعودية يوم 14 يناير الماضي مع اثنين من أبنائهما. تجاهلت الرياض أكثر من طلب رسمي تونسي بتسليمها "بن علي" وزوجته للقضاء التونسي لمحاكمتهما. الألمانية 23-6-2011 | 13:12