يستعد وفد من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة العلامة د. يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد للسفر إلى تونس مطلع الشهر المقبل. ويشهد الوفد افتتاح أول مقر للاتحاد بالعاصمة التونسية. ويلتقي علماء وسياسيين ومفكرين تونسيين خلال الزيارة. وتأتي الزيارة تلبية لدعوة الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية التونسية وأحد الأعضاء البارزين المؤسسين لاتحاد العلماء. وتعتبر أول زيارة لفضيلته لتونس بعد نجاح أولى ثورات الربيع العربي. ويغادر فضيلته الدوحة غداً -الجمعة- متوجهاً للقاهرة في زيارة تستغرق بضعة أيام. وأكد فضيلته أن الأقليات المسلمة لها أحكامها الخاصة، وفتاواها الخاصة، بحكم أنها أقلية ذات دين وعقيدة، تعيش وسط أكثرية مخالفة لها في الدين والاعتقاد. وأشار إلى القاعدة الذهبية التي يجب أن تسير عليها كل الأقليات المسلمة في مختلف الدول والمجتمعات، وهي أن الجماعة المسلمة لا بد أن تعيش في (محافظة بلا انغلاق، واندماج بلا ذوبان) أي تحافظ على معتقداتها وعباداتها من أن تشوبها أي شائبة مما يخالف دين الإسلام، وكذلك ضرورة الاندماج في المجتمع والارتقاء فيه وبه، فينبغي على المسلم أن يرتقي في المجتمع الذي يعيش فيه إلى أعلى الدرجات وأرفع المناصب، وكذلك يرتقي بمجتمعه فكريا واجتماعيا ويكون عضوا فعالا مؤثرا دائما بالإيجاب، ولا يعني ذلك الاندماجُ الذوبانَ في تلك المجتمعات غير الإسلامية، ومعنى ذوبانه: أن يفرط في عقيدته أو عبادته أو أخلاقه وآدابه، فهو يحل الحلال، ويحرم الحرام، فالمسلم قوي يؤثر ويتأثر في حدود ما سمح به الدين السمْح الحنيف، لكنه صلب قوي أمام كل محاولات التذويب والتمييع. جاءت تأكيدات القرضاوي خلال استقباله أمس الأول - بمنزله - سعادة السيد رؤوف حكيم وزير العدل والإصلاح القانوني بجمهورية سريلانكا، والسيد نذير أحمد مساعد رئيس الحزب الإسلامي السريلانكي والوفد المرافق لهما على هامش زيارة الوفد السريلانكي للدوحة بدعوة من سعادة السيد حسن بن عبدالله الغانم وزير العدل. وأعرب رؤوف حكيم عن سعادته وأمنيته القديمة بلقاء سماحة العلامة القرضاوي، الذي عرفوه من قديم، من قراءة كتبه، ومن آثاره، ومن آرائه المبثوثة حول أحوال المسلمين، وضرورة إصلاحها، وجمع كلمتهم على الإسلام. وطلب الوفد النصيحة من رئيس اتحاد العلماء حول أحوال المسلمين في سريلانكا، وطريقة التعايش المنضبط، خصوصا أن المسلمين أقلية بسيطة، فهم يمثلون ما بين 8 إلى %10 من سكان سريلانكا. وأعرب القرضاوي عن سروره بلقائهم، والاطلاع على أحوال المسلمين في تلك البلاد، وأكد أن الأمة الإسلامية جسد واحد وأن المسلمين في سريلانكا جزء من الأمة الإسلامية الكبرى، ولا ينبغي لهم الشعور بأنهم أقلية بلا دعم أو مدد، فنحن وكل المسلمين معهم نؤيدهم ونساعدهم، ونشد أزرهم، ونقوي عزمهم، ونبذل لهم النصح والمشورة؛ فإن الإسلام يجمعنا، والأخوة تضمنا (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ). وكان الشيخ القرضاوي زار الجامعة النظامية منذ زمن، والتقى جموعا من المسلمين في سريلانكا، وترك فيهم أثرا واضحا. ونصحهم الشيخ بتجربته السابقة مع مسلمي أوروبا حين تم تأسيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، الذي يترأسه فضيلة الشيخ، وذكر أن الهدف من إنشاء هذا المجلس إنما كان لمتابعة الأقليات المسلمة في أوروبا ومراقبة أحوالهم، ومد يد العون والمساعدة لهم، وإفتائهم فيما يستجد لهم من أمور خاصة بهم، في الزواج والطلاق وشؤون الأسرة، وفي المعاملات المالية وغيرها. ووصف وزير العدل المجتمع المسلم في سريلانكا بأنه مجتمع يعيش في فرقة، ويفتقرون إلى مرجعيات معتدلة ومفكرين قادرين على توجيه المجتمع المسلم هناك الوجهة الصحيحة الوسطية، كما توجد بينهم اتجاهات شتّى، ولكن أبرزهم وأقواهم هم القرضاويون، المحبون لمنهج الشيخ الوسطي المعتدل. وطلب النصيحة من الشيخ للتخلص من الفرقة وأن يقوم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يترأسه فضيلة العلامة بدوره تجاه إخوانهم من مسلمي سريلانكا. وأعرب الشيخ عن أسفه الشديد من تلك الفرقة، وأكد أن ذلك الداء هو الداء العضال، وأن مواجهته هو التحدي الأكبر لكل المسلمين المخلصين في شتى الأنحاء. وأكد الشيخ القرضاوي أن اتحاد العلماء على استعداد تام لمد يد العون لإخوانه، وأنه لا يمانع من إقامة فرع للاتحاد هناك، ليجمع تحت مظلته علماء سريلانكا ومفكريها ومصلحيها؛ ليكون ذلك خطوة على سبيل الاتحاد ونبذ الفرقة، ونشر المنهج الوسطي المعتدل، ودعاهم إلى أن يزوروا مقر الاتحاد بالدوحة، ويتعرفوا على أمينه الدكتور علي محيي الدين القرداغي، ويطلبوا منه العضوية لهم المصدر : صحيفة العرب القطرية - 19 أفريل 2012