كانت لوحات الفسيفساء تُزين البيوت والمسارح التونسية منذ عهد الفينيقيين والرومان. وما زالت معالم عدة، أشهرها مسرح مدينة الجم الرومانية، تحتفظ بقسم كبير من تلك الثروة التي تُعتبر تونس أكبر خزان لها في العالم المتوسطي. الا أنّ التونسيين الذين انقطعوا منذ قرون عن رسم لوحات الفسيفساء واهتموا أكثر بفن السيراميك الذي نقله إليهم الأندلسيون من اسبانيا، عادوا في السنوات الأخيرة إلى الولع بالفسيفساء وانتشرت في كثير من المدن ورشات الحرفيين الذين يُعدون لوحات مقتبسة من اللوحات القديمة كي يضعها الناس في بيوتهم. وبعد النجاح الذي حظي به المهرجان الأول للفسيفساء في السنة الماضية، تستعد مدينة المهدية لاستضافة الدورة الثانية التي تنطلق في الخامس من الشهر المقبل وتستمر ثلاثة أيام. وتقع المهدية التي كانت العاصمة الأولى للفاطميين قبل انتقالهم إلى مصر حيث أسسوا القاهرة، وسط منطقة تعج بالمدن الرومانية والفينيقية مثل الجم وسوسة وسلقطة والشابة. ويهدف المهرجان الى التعريف بالإبداعات الفسيفسائية القديمة والمعاصرة من خلال محاضرات ومعارض لمنتوجات الحرفيين إلى جانب لوحات تاريخية محفوظة. وفي مدينة الجم حيث يوجد ثاني أكبر مسرح روماني في العالم بعد مسرح روما، تُقام ندوة يحاضر فيها محافظ متحف قرطاج الهادي سليم عن «مساهمات التونسيين الاقتصادية والثقافية في العالم الروماني» والمؤرخ عامر يونس عن «الموانئ والصناعات البحرية في الساحل الشرقي التونسي في العصور القديمة». كما يُقام في المسرح معرض يعكس النهضة الجديدة للفسيفساء من خلال أعمال الحرفيين المحليين إلى جانب عارضين من الخارج إضافة الى معرض يضم أعمال نحت الحجارة المستخدمة في البناء في المحافظات القريبة من المهدية. وسيتاح للزوار خصوصاً الطلاب، الإطلاع على طريقة رسم لوحات السيراميك من خلال ورش تُقام على هامش المعرض بما فيها ورشة خاصة بالحرفيين المعوقين.