رئيس الجمهورية قيس سعيد ... الشعب التونسي ينتظر «ثورة تشريعية» في كل المجالات    القصرين: تمتد على 2000 متر مربع: اكتشاف أول بؤرة ل«الحشرة القرمزية»    انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي لمركز «أكساد»    اليمن تعلن بدء المرحلة الرابعة من التصعيد: البحر المتوسط ممنوع على الصهاينة    مع الشروق .. عندما تعرّي الثورة الطلابية المبادئ الأمريكية الزائفة    بطاقتا إيداع بالسجن في حقّ فنان‬ من أجل العنف والسرقة    إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي    المركب الثقافي بمدنين يحتضن فعاليات الملتقى الجهوي للمسرح بالوسط المدرسي    محاميتها تتحدث عن كواليس ليلة القبض على الإعلامية حليمة بولند    رئيس الحكومة يشرف على مجلس وزاري مضيق: التفاصيل    المحمدية.. القبض على شخص محكوم ب 14 سنة سجنا    تالة: مهرجان الحصان البربري وأيام الاستثمار والتنمية    "سلوكه مستفز": الافريقي يطالب بتغيير هذا الحكم في مباراته ضد الصفاقسي    حالة الطقس هذه الليلة    سوسة: ايقاف مروج مخدرات وحجز 500 قرصا مخدرا    عاجل/ قضية "اللوبيينغ" المرفوعة ضد النهضة: آخر المستجدات..    فاو: ارتفاع مؤشر أسعار الغذاء... اللحوم والزيوت النباتية والحبوب    توقيع محضر اتفاق بين وزارة التربية وجامعة التعليم الأساسي .    جلسة عمل بين ممثلين عن هيئة الانتخابات ووزارة الخارجية حول الاستعدادات للاستحقاقات الانتخابية القادمة    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    عاجل/ أعمارهم بين ال 16 و 22 سنة: القبض على 4 شبان متورطين في جريمة قتل    العثور على جثة آدمية مُلقاة بهذه الطريق الوطنية    نتائج قرعة الدورين ثمن وربع النهائي لكاس تونس لكرة القدم    ألكاراز ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة بسبب الإصابة    توطين مهاجرين غير نظاميين من افريقيا جنوب الصحراء في باجة: المكلف بتسيير الولاية يوضّح    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها    الرابطة الأولى: تعيينات حكام مقابلات الجولة الثانية إيابا لمرحلة تفادي النزول    كرة اليد: بن صالح لن يكون مع المنتخب والبوغانمي لن يعود    مراسلون بلا حدود: تونس في المرتبة 118 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لسنة 2024    الرابطة الأولى: النادي البنزرتي يستضيف الأولمبي الباجي في حوار فض الشراكة في الصدارة    بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    مدنين: حجز 50 طنا من المواد الغذائية المدعّمة    قرعة كأس تونس 2024.    الحماية المدنية:15حالة وفاة و500إصابة خلال 24ساعة.    الحمامات: اختتام فعاليّات الصالون المتوسّطي للتغذية الحيوانيّة وتربية الماشية    السعودية: انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة "أكساد"    188 قتيلا في فيضانات جراء الأمطار بكينيا..#خبر_عاجل    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    منظمة إرشاد المستهلك:أبلغنا المفتي بجملة من الإستفسارات الشرعية لعيد الإضحى ومسألة التداين لإقتناء الأضحية.    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    أعمارهم بين 13 و16 سنة.. مشتبه بهم في تخريب مدرسة    جدل حول آثار خطيرة للقاح أسترازينيكا مالقصة ؟    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    عاجل/ الأمن يتدخل لاخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين في البحيرة من الأفارفة..    زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان    خطير/ خبير في الأمن السيبراني يكشف: "هكذا تتجسس الهواتف الذكية علينا وعلى حياتنا اليومية"..    اليونسكو تمنح جائزة حرية الصحافة للصحافيين الفلسطينيين    العمل شرف وعبادة    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    "أنثى السنجاب".. أغنية أطفال مصرية تحصد مليار مشاهدة    بايدن يتحدى احتجاجات الطلبة.. "لن أغير سياستي"    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان عبد الله الشاهد    وفاة الممثل عبد الله الشاهد‬    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    وفاة الروائي الأميركي بول أستر    ''أسترازنيكا'' تعترف بأنّ لقاحها له آثار قاتلة: رياض دغفوس للتونسيين ''ماتخافوش''    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياسي والأكاديمي التونسي المقيم في باريس د· أحمد القديدي في حوار مع ''الجزائر نيوز'' : لا شيء محسوم في نتائج الرئاسيات الفرنسية

تستعد فرنسا لخوض معركة الانتخابات الرئاسية 2007، التي ستجرى على دورتين في شهري أفريل وماي المقبلين، لدخول قصر الإليزي وخلافة الرئيس الثاني والعشرون لفرنسا جاك شيراك الذي أعلن أنه لن يترشح لفترة ولاية ثالثة بعد مسيرة استغرقت أكثر من 40 سنة على الساحة السياسية، وبعد توليه رئاسة الجمهورية الفرنسية لفترتين رئاسيتين (2002 - 1995) و(2007 - 2002)· ''الجزائر نيوز'' التقت السياسي والبرلماني السابق والأكاديمي التونسي المقيم منذ عقود في العاصمة الفرنسية باريس، د· أحمد القديدي، وحاورته حول أبرز وجوه سباق الرئاسة الفرنسية، وما تتميز به هذه الانتخابات، وحظوظ بقاء اليمين في الحكم رغم انقساماته، وهل ستدخل فرنسا ولأول مرة في تاريخها نادي البلدان التي تتزعمها امرأة مع المرشحة الاشتراكية ''سيغولان روايال''، ومن هو ''الرجل الثالث'' بين ثنائية اليمين واليسار، وكيف تناول المرشحون الملفات التي تهمّ الجاليات المغاربية والعربية، وهل يمكن لأصوات هذه الجاليات التي تشكل حوالي مليوني ناخب أن تمثل رقما صعبا وقوة انتخابية ذات وزن في تحديد رئيس فرنسا المقبل·
حاوره من باريس: محمد مصدق يوسفي
في سباق الرئاسة الفرنسية تحتدم المنافسة بين نيكولا ساركوزي، رئيس حزب الأغلبية اليميني الحاكم ووزير الداخلية والمرشحة الاشتراكية سيغولان روايال، هل هناك مرشحين آخرين يمكن أن يدخلوا المواجهة بجدية؟
عرس الديمقراطية في فرنسا حامي الوطيس منذ عام ولكنه يدخل اليوم مرحلة الحملات الرئاسية وعمليات جلب الأصوات وإغراء المواطنين بالوعود والبرامج· وقد برز منذ بداية السباق الرئاسي مرشحان إثنان هما اللذان حصلا على مبايعة حزبيهما الكبيرين لهما كمرشحين رسميين باسميهما وهما نيكولا ساركوزي عن حزب اليمين الحاكم والسيدة سيغولان روايال عن الحزب الاشتراكي المعارض·
تتميز الانتخابات الرئاسية في فرنسا بظاهرة ''الرجل الثالث'' كما حدث في 2002 حيث صعد جان ماري لوبان رئيس الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف)، من هو ''الرجل الثالث'' في انتخابات ,2007 هل سيكون لوبان أو فرانسوا بايرو رئيس حزب ''اتحاد الديمقراطية الفرنسية''؟
كاد السباق أن يقتصر عليهما، نيكولا ساركوزي عن حزب اليمين الحاكم والسيدة سيغولان روايال عن الحزب الاشتراكي المعارض، بفضل أهمية الحزبين الأبرز وبفضل استقطاب هذين المرشحين لوسائل الإعلام، إلا أن دخول لاعبين آخرين على الخط جعل المنافسة تأخذ منعرجا جديدا، فقد حصلت ما يشبه المعجزة لمرشح حزب الوسط وزير التربية السابق السيد فرانسوا بايرو الذي عرف بدهاء منقطع النظير كيف ينتقل من وضع المرشح الثانوي بنسبة 9% من نوايا الاقتراع في شهر فيفري الماضي إلى مرشح رئيسي بنسبة 24% من النوايا في شهر مارس الحالي، وذلك خلال شهر واحد· ولا يتردد المراقبون اليوم عن الحديث عن ظاهرة سياسية وسوسيولوجية لافتة من وراء هذا المنعرج الخطير الذي حشر فيه السيد بايرو الحملة الرئاسية بحيث استطاع أن يجرها لملعب ثلاثي الأضلاع، بعد أن انحصرت المباراة بين إثنين· ويفسر المحللون هذه الظاهرة بكثرة أعداد الفرنسيين غير المقتنعين بالثنائية الحزبية الطاغية على الحياة السياسية الفرنسية منذ نصف قرن· ففرنسا تداول على الحكم فيها منذ 1958 أي منذ الجنرال ديغول والجمهورية الخامسة حزبان لا ثالث لهما هما اليمين الجمهوري واليسار الاشتراكي، حتى لو جاء إلى سدة الرئاسة وسطي مثل الرئيس جيسكار دستان عام ,1974 فقد وجد نفسه مضطرا إلى التحالف مع اليمين والحكم بائتلاف حكومي معه·
يقول البعض إن ساركوزي وروايال لا يكاد يتميز برنامج أي منهما من حيث التوجه برغم أن الأول من اليمين الجديد والثانية من الحزب الاشتراكي، ويشبهون روايال بتوني بلير، وساركوزي بالتوجه الأمريكي، ماهي أبرز ملامح برنامج بايرو الذي انتقل من مرشح ثانوي إلى رئيسي حسب استطلاعات الرأي؟
ظاهرة بايرو اليوم تعتبر فريدة من نوعها، لأن الرجل يرفض اليمين واليسار معا وبنفس الحدة بل ويتهم وسائل الاتصال والإعلام الكبرى بالعمل على تكريس التوأمين يمين- يسار بالرغم عن أنوف الفرنسيين، وقد ألقى خطبا عديدة للتنديد بانحياز قوى المال والأعمال لفرض الثنائي ساركوزي وسيغولان على الرأي العام كحتمية لا بد منها، مطالبا وسائل الإعلام بالحياد· مع العلم بأن وسائل الإعلام الرئيسية في فرنسا أصبحت منذ سنوات قليلة بأيدي أصحاب رؤوس الأموال وكبار الصناعيين أمثال صانع الطائرات سارج داسو والمقاول العملاق بويج ورجل الأعمال أرنو لاغاردير، وهؤلاء وحدهم يملكون 75% من الصحف اليومية الوطنية والقنوات الفضائية ذات التأثير، وبالتالي أصبحوا هم صنّاع الرأي العام وقادة الرأي الشعبي والموجه الحقيقي والخفي لأصوات الناخبين حتى لو اعتقد الناخبون بأنهم أحرار في اختيارهم· وهنا مربط الفرس في الصعود المدوخ والمفاجئ للسيد فرانسوا بايرو الذي أعطى الانطباع للجمهور العادي بأنه المزارع العادي القادم من إقليم (بيريني أتلنتيك) الفقير وهو أقرب للمواطن الفرنسي المتوسط لأنه يملك مزرعة فيها خيول ويعيش في الريف الفرنسي نفس حياة الأغلبية الشعبية، وهو لم ينس في حملته الانتخابية كما نسي ساركوزي وكما نسيت سيغولان روايال بأن فرنسا بلاد زراعية·
برأيك هل لدى سيغولان روايال حظوظ في الفوز بالرئاسيات، وهل ستدخل فرنسا ولأول مرة في تاريخها، العام المقبل نادي البلدان التي تتزعمها امرأة؟
الظاهرة الثانية اللافتة والطارئة على الحياة السياسية الفرنسية هي بالطبع بلوغ امرأة هذه الدرجة العالية في السباق الرئاسي، وهو أمر يحدث لأول مرة، لأن النساء بالفعل كثيرات في المباريات الرئاسية منذ 1974 وفي رئاسيات 2007 كذلك، لكن الجديد هو وصول المرشحة الاشتراكية السيدة سيغولان روايال إلى التصفيات النهائية إذا استعملنا لغة الرياضيين، فهي امرأة عصرية تعيش قضايا مجتمعها، واختارت عدم الزواج القانوني والإداري مع رفيق حياتها السكرتير الأول للحزب الاشتراكي السيد فرانسوا هولند، أي أنهما زوجان بدون زواج، وهو اختيار حر في فرنسا يمكن تشبيهه بالزواج العرفي في الشريعة الإسلامية، لأنه هنا في الغرب يحمل قانون الأحوال الشخصية معناه الحقيقي أي أن هذه الأحوال تظل شخصية ولا تتحوّل إلى تدخل مستمر للسلطات العامة، مع العلم أن الأمير ألبار حاكم إمارة موناكو متزوج على العرف الجاري بسيدتين ولهما منه ولد وبنت· الأمر مع السيدة روايال يمر عاديا في فرنسا باسم الحرية الشخصية المقدسة هنا، بعكس المجتمع الأمريكي الذي يتأثر بالحالة المدنية لزعمائه وزعيماته·
لكن هل حظوظ المرشحة الاشتراكية سيغولان روايال لازالت كما أظهرتها استطلاعات الرأي قبل أسابيع، بأنها منافس قوي لساركوزي؟
حظوظ المرشحة بدأت تتضاءل منذ راكمت الهفوات المتنوعة على الملأ، فاحتفظ لها جزء من الرأي العام بصورة المتلعثمة المترددة، في حين يطالب المواطن الناخب قادته بالثقة في النفس والتمكن من الملفات، فالسيدة روايال لا تعرف مثلا كم تملك فرنسا من غواصة نووية ولا تعرف مصدر كلمة شجاعة حيث أخطأت فوق سور الصين العظيم من الناحية اللغوية ثم أنها على الصعيد الدبلوماسي لم تدرك في إسرائيل بأن من حق إيران أن تمتلك النووي المدني لأن طهران موقعة على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية·
بالمقابل ما حقيقة الاتهامات لساركوزي بالارتباط باللوبي الصهيوني الفرنسي المؤيد لإسرائيل والعلاقة مع المحافظين في أمريكا، ولماذا يعتبر البعض ''ساركو'' كما يطلق عليه، خطر داهم على استقلال السياسة الخارجية الفرنسية، وأنه إذا وصل للرئاسة سيكون ''كانيش caniche'' لجورج بوش، أو ''بوش الصغير'' كما وصفته سكرتيرة الحزب الشيوعي؟
ساركوزي يزايد على كل منافسيه بموالاة مواقف المحافظين الجدد في واشنطن ودعم السياسة الإسرائيلية، وهو ما جلب له لوم وتقريع الرئيس شيراك الذي يصر على استقلال القرار الفرنسي في الأزمات الشرق أوسطية، وتراجع ساركوزي عن هذا الشطط الجالب لأصوات العنصريين اليمينيين·
هل تتوقع أن باستطاعة اليمين الفرنسي رغم انقساماته البقاء في الحكم بعد الانتخابات المقبلة؟
الموعد الأول للانتخابات هو 22 أفريل للدورة الأولى يليه موعد 7 ماي للدورة الثانية والحاسمة، وإلى اليوم فإن لا شيء محسوم وتظل كل الاحتمالات واردة وممكنة وهي روح الديمقراطية، وسبق أن سئل ونستون تشرشل عن الفرق بين الانتخابات النزيهة والانتخابات المزيفة فقال: الفرق بسيط جدا ففي الانتخابات النزيهة لا نعرف مسبقا من الفائز !
هل يمكن لأصوات الجاليات العربية والمسلمة التي تشكل حوالي مليوني ناخب أن تمثل رقما صعبا وقوة انتخابية ذات وزن في تحديد رئيس فرنسا المقبل؟
أربعة ملايين نسمة من العرب والمسلمين يعيشون في فرنسا، من بينهم مليونان من المواطنين الحاملين للجنسية الفرنسية أصبحوا يشكلون ثقلا انتخابيا في غاية الأهمية، ويمكن لأصواتهم أن تدفع للفوز أو للهزيمة أي مرشح· ولكن هل العرب والمسلمون يستفيدون حقا من هذا الوزن؟ وهل استطاعوا أن يحققوا قوة سياسية ترعى مصالحهم وتحمي حقوقهم ضمن النظام الديمقراطي الفرنسي الذي يتيح التعبير الحر عن الرأي وإنشاء الجمعيات وإطلاق وسائل الإعلام والتكتل في منظمات؟ الجواب هو ليس بعد! إذا ما قارنا حال العرب والمسلمين في المجتمع الفرنسي بحال الطوائف الأخرى التي عرفت كيف تفعّل قوتها وتلاحمها تفعيلا ذكيا يغتنم هذه المناسبات الانتخابية لفرض الذات· ولكن هذا الإقرار بالضعف لا ينفي أن حال الجاليات العربية والمسلمة أفضل مما كان عليه من قبل بفضل جهود شخصية ونجاحات فردية حققها شباب ونساء من أصول مغاربية لتسلق المصعد الاجتماعي في هذه البلاد وبلوغ أرقى المناصب القيادية·
لكن كيف يتعاطى المرشحون للرئاسيات مع المهاجرين من أصل مغاربي أو عربي مسلم؟
المرشحان الأبرز عن اليمين واليسار السيد نيكولا ساركوزي والسيدة سيغولان روايال عينا في الحملة الرئاسية سيدتين من أصل مغاربي هما رشيدة داتي لساركوزي ونجاة بلقاسم لروايال· كما أن الحكومة الفرنسية الراهنة تضم وزيرين عربيين من أصول الهجرة المغاربية هما السيدان عزوز بقاق وحملاوي مكاشرة·
وإلى جانب هذا الامتياز السياسي نجد تفوقات في مجالات الإدارة والمال والأعمال والبحث العلمي والطب والتدريس الجامعي ونسجل أيضا حضورا قويا في وسائل الإعلام إلى درجة الظهور المستمر على شاشات الفضائيات وفي كل البرامج الإخبارية والسياسية والثقافية، حيث أصبحت أسماء مريم ورشيد وكمال ومصطفى ومنيرة من الأسماء الإعلامية اللامعة في باريس ولا تثير أي نوع من ردة الفعل العنصرية التي عرفناها في الثمانينيات حين كانت أسماء الشباب العربي لا تذكر إلا في أخبار الانحراف والإجرام للمزيد من التنكيل العنصري· ومع اندماج الجالية العربية المسلمة في كل هياكل المجتمع الفرنسي بفضل النجاح في الدراسة والتميز في العمل تحولت مواقف الناس العاديين الفرنسيين من الخوف غير المبرر من العربي المسلم إلى نوع من الاطمئنان، في مجتمع فرنسي أصبح متنوع الأعراق والجذور والأديان، وذلك في الواقع بفعل الاستقامة التي طبعت سلوك أولياء الأمور وتفانيهم في تربية أولادهم والشعور بأن النجاح قضية حياة أو موت بالنسبة لهؤلاء الآباء والأمهات الذين هاجروا من بلدانهم الأصلية في السبعينيات وظنوا بأنهم سيعودون إلى بلادهم بعد كسب نصيب من المال، فإذا بهم يجدون أنفسهم جزءا لا يتجزأ من هذا المجتمع الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف وكبر عيالهم وترعرعوا ودرسوا ونالوا الجنسية بمجرد ولادتهم على الأرض الفرنسية كما ينص دستور هذه البلاد، فانقطع أمل العودة للأوطان الأم وتقلصت الجسور الرابطة بينهم وبين أهلهم الباقين في الوطن تدريجيا وأصبحت تلك البلاد الأصلية بعيدة مع مرور الزمن وربما بلاد إجازة قصيرة لاكتشاف العمّ والخالة والجلوس إلى الجد والجدة دون فهم شباب الجيلين الثاني والثالث من العرب المهاجرين للكثير مما يقوله هؤلاء الأهل باللغة العربية· فللهجرة ثمن غالٍ لابد من تسديده على هذا النطاق·
بالتحديد كيف تناول المرشحون الملفات التي تهمّ الجاليات المغاربية والعربية وفي مقدمتها: قضايا الهجرة والاندماج والتعليم والهوية ومكافحة التمييز العنصري والبطالة··· إلخ؟
كما ذكرت لك هذا هو واقع الملايين من الجالية العربية المسلمة في هذه اللحظة التي يختار فيها الشعب الفرنسي من يحكمه للسنوات الخمسة القادمة·
لو تجاوزنا الشعارات الفضفاضة التي لا تغني ولا تسمن من جوع ويرفعها المرشحون فقط لجلب الأصوات، لأدركنا بأن اليمين واليسار والوسط لا يختلفون في الوعود بمكافحة العنصرية وفتح مجالات الدراسة والعمل لأبناء جاليتنا، ولكن السياسة الخارجية التي يضمنها كل مرشح في مشروعه الرئاسي هي التي تكشف حقيقة الاحترام الذي يكنه هذا أو ذاك أو تلك من الطامحين للرئاسة·
فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، ما هي مواقف أبرز المرشحين إزاء القضايا الخاصة بالدول العربية الوضع في فلسطين والعراق، وأيضا العلاقات مع دول المغرب العربي؟
من المعروف أن الدبلوماسية الفرنسية منذ ولاية الجنرال ديغول عام 1958 تميزت بالاستقلالية عن التوجهات الأمريكية، بل وكانت للرئيس المغادر جاك شيراك مواقف مشرفة حين زار القدس ونهر الجنود الإسرائيليين أمام كاميرات التلفزيون يوم 22 أكتوبر ,1996 ثم كانت له عام 2003 مواقف معتدلة وأكثر عقلانية من الحرب الغربية على العراق وكذلك فيما يتعلق بالملف الفلسطيني· لكن المرشح اليميني ساركوزي اعتمد بصورة لافتة على اللوبي اليهودي بإعلان مواقف غير متوازنة في زيارته لواشنطن وغير متلائمة مع مواقف الحكومة التي ينتمي إليها كوزير للداخلية، ثم تراجع عن هذه المواقف تحت ضغط الرئيس شيراك الذي اشترط لمساندته أن يعود للاستراتيجية الدولية الفرنسية· كما أن المرشحة الاشتراكية أثناء زيارتها لإسرائيل بالغت في التقرب من اللوبي اليهودي وهو قوي في وسائل الإعلام والمصارف· أما الزعيم الوسطي فرانسوا بايرو فهو الأكثر اعتدالا وعدلا إلى اليوم ولم يشأ اللعب على هذا السجل الحساس مما جلب له تعاطف الجالية العربية· وهكذا فنحن إزاء ظاهرة العولمة وسرعة انتقال الأخبار وتأثير القنوات الفضائية العربية حين نقيم توجهات الرأي العام العربي المسلم في فرنسا تحديدا وفي الغرب عموما، لأن الشاب العربي حتى وهو يعيش في المدن الأوروبية فهو يتفاعل مع قضايا العراق وفلسطين ولبنان ويقيم من خلالها أداء المرشحين للرئاسة·
كنا نأمل أن يقع تنسيق المواقف لدى جالياتنا لنضغط بوزننا على اتجاه الانتخابات، لكن يبدو أن علة الانقسام علة عربية متمكنة حتى خارج الحدود·
تاريخ النشر على الوسط التونسية : 21مارس 2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.