عاد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، أمس، جرحى التفجيرات التي هزّت العاصمة الجزائرية الأربعاء الماضي، وحاول طمأنة الضحايا متعهداً بأن البلاد ستخرج من الأزمة «بفضل سياسة المصالحة الوطنية»، لكنه حرص على عدم الإدلاء بأي تصريح إلى الصحافيين في ختام زيارته الميدانية الأولى منذ شهور. وعاين بوتفليقة في مستشفى مصطفى باشا في الجزائر العاصمة ثمانية جرحى من ضمن 20 جريحاً يتلقون العلاج هناك، بينهم أربعة في قسم طب العيون وطفل في قسم جراحة الأطفال وثلاثة في قسم جراحة الأعصاب. وحرص الرئيس الجزائري على التزام الصمت خلال جولته وإن بدا غاضباً من التفجيرات الدامية، في وقت انتقد وزير الداخلية يزيد زرهوني «المذكرة التحذيرية» التي أصدرتها السفارة الأميركية في الجزائر من مخاطر حصول هجمات جديدة ضد أهداف حيوية في العاصمة، وقال للصحافيين على هامش جولة بوتفليقة إن «واشنطن تصرّفت معنا وكأننا طيور متوحشة». وأعلنت وكالة الأنباء الجزائرية أن وزارة الخارجية استدعت أمس ممثل القائم بالأعمال في السفارة الأميركية لتسليمه احتجاجاً شديداً على «التحذير» الذي أصدرته السفارة الأميركية عن هجمات محتملة قد يشنها تنظيم «القاعدة» في العاصمة. وزار الرئيس الجزائري أحياء في وسط العاصمة مثل حي المعدومين ودالي إبراهيم وعين النعجة الشعبي، في محاولة لافتة لطمأنة سكان العاصمة في شأن قدرة السلطات على التصدي لتهديدات «القاعدة» بعد تفجيرات «الأربعاء الأسود» التي أوقعت 33 قتيلاً. وأفادت وكالة «أسوشييتد برس» أن زرهوني أكد أن السلطات الجزائرية كشفت هوية الانتحاريين اللذين هاجما منطقة باب الزوار بعدما كشفت قبل أيام هوية الانتحاري الذي ضرب قصر الحكومة. إلى ذلك، تبرأ حسان حطاب ( «أبو حمزة»)، مؤسس «الجماعة السلفية للدعوة والقتال»، من الاعتداءات التي استهدفت العاصمة والتي تبناها تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» بزعامة المدعو «أبو مصعب عبدالودود». وتولى الأخير إمارة «الجماعة السلفية» بعد مقتل أميرها نبيل صحراوي قبل عامين والذي كان بدوره تولى الإمارة خلفاً لحطاب. وبدأت «الجماعة السلفية» محاولات تقرب من تنظيم «القاعدة» في خلال إمارة صحراوي، وفي عهد عبدالودود تم دمج الجماعة الجزائرية في «القاعدة» وتغيير إسمها إلى «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي». وأعلن حطاب في رسالة مطولة بعث بها إلى بوتفليقة، وتلقت «الحياة» نسخة منها، أنه يوجه «نداء للناشطين أن يكفوا نشاطهم ويلتحقوا بالمصالحة الوطنية الحقيقية». وتعهد العمل على «زرع بصيص الأمل في نفوسهم (المسلحون) وبعث الاطمئنان في قلوبهم جميعاً». وعبّر عن اقتناعه بأن الذين خططوا للتفجيرات الأخيرة «فئة قليلة تريد أن تجعل من الجزائر عراقاً ثانياً»، وقال: «ليكن في علم العام والخاص أننا لم نكن إطلاقاً وراء العمليات الانتحارية»، وأضاف: «نندد بهذه الفعلة ولا علاقة لنا بها إطلاقاً، لأننا ما زلنا نؤمن بالمصالحة الوطنية». وخاطب «أبو حمزة» الرئيس بوتفليقة قائلاً: «نحن نطلب من رئيس الجمهورية أن نلتمس منه العفو لإعادة فتح ملف المصالحة الوطنية من جديد وإعادة النظر فيه وتمديد المهلة»، مشيراً إلى استعداده للنزول من الجبل نهائياً «وفقاً للمصالحة الوطنية التي نطمح إليها ويرافقني جيش من المقاتلين إن شاء الله». في غضون ذلك، أفادت وسائل إعلام جزائرية أن أربعة عسكريين قُتلوا في مكمن نُصب لهم في شرق الجزائر.