اعتمدت بلدان المغرب العربي الخمسة نظاماً جديداً لتعزيز التنسيق بين أجهزة استخباراتها، متجاوزة خلافات ثنائية بين بعضها بعضاً كانت تعطل التعاون الأمني بينها. وكشفت مصادر مطلعة أن كبار المسؤولين الأمنيين في المغرب والجزائروتونس وليبيا وموريتانيا اتفقوا على الآلية الجديدة خلال اجتماع في طرابلس الأسبوع الماضي لمناقشة قضايا أبرزها مكافحة الإرهاب. وعلى رغم استمرار الخلافات السياسية التي تشل مؤسسات الاتحاد المغاربي منذ أكثر من عشر سنوات، وفي مقدمها النزاع المغربي - الجزائري على الصحراء، فإن تصاعد خطر التفجيرات الإرهابية ساهم في تكريس التقارب بين بلدان المنطقة لمجابهة الخطر المشترك، خصوصاً بعد ظهور تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» على أنقاض «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» الجزائرية. وقالت المصادر إن قادة الأجهزة الأمنية في البلدان المغاربية اتفقوا خلال اجتماعاتهم مطلع الأسبوع الماضي على خطة لتبادل المعلومات والتعاون في ملاحقة التنظيمات المسلحة في المنطقة. وشارك في الاجتماعات التي استمرت يومين المدير العام للأمن الجزائري علي التونسي ونظيره المغربي شرقي درايس والمدير العام للأمن الوطني في تونس عبدالستار بنور وأمين اللجنة الشعبية للأمن العام في ليبيا ناصر المبروك عبدالله ومدير الأمن الموريتاني محمد ولد الشيخ محمد أحمد. وذكرت صحف جزائرية أن المشاركين في اللقاء أجمعوا على أن النظام الحالي للأمن في بلدان المنطقة «محفوف بالمخاطر»، وأن هجمات الجزائر والدار البيضاء أثارت مخاوف من «انعكاسات إهمال التنسيق» منذ بداية ظهور الأعمال الإرهابية في شمال أفريقيا. وأفادت أن ممثلي جهاز الأمن الجزائري عرضوا آليات مكافحة الإرهاب في بلدهم، وقدموا معلومات عن تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» ومواقعه. وتناولت المناقشات تكنولوجيا الاتصالات التي تستخدمها الجماعات المسلحة. وجاءت الاجتماعات في أعقاب تبادل مبعوثين بين قادة البلدان الخمسة لدرس وسائل تكثيف التعاون الأمني. وعُلم أن المشاورات بين عواصم المنطقة أسفرت عن اتفاق على تجاوز الجفاء والريبة المتبادلة بعدما أديا إلى ظهور ثغرات تمكنت جماعات مسلحة من استثمارها لمحاولة تنفيذ خططها الإرهابية. وعُقد الاجتماع الأول للتنسيق الأمني المغاربي في ليبيا بناء على قرار اتخذه زعماء المنطقة لإطلاق مسار جديد من التعاون في هذا المجال. وأكدت المصادر أن الاتصالات شملت أيضاً ثلاث دول أوروبية معنية بالملف الأمني، هي إيطاليا وفرنسا واسبانيا. وزار موفدون من البلدان الثلاثة عواصم مغاربية أخيراً للبحث في هذه الملفات، وفي مقدمهم وزير الخارجية الإيطالي ماسيمو داليما الذي زار الجزائروتونس وأجرى محادثات على أعلى المستويات ركزت على تزايد التهديدات الإرهابية في المنطقة. وفي السياق ذاته، زار وزير الدفاع الإيطالي أرتورو باريزي تونس قبل أيام وركزت محادثاته مع المسؤولين التونسيين على سبل تعزيز الأمن في المتوسط ومكافحة الإرهاب والهجرة غير المشروعة. ورأس باريزي خلال الزيارة التي استمرت ثلاثة أيام مع نظيره كمال مرجان اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة التي ركزت أعمالها على التكوين العسكري ومراقبة المياه في الحوض الغربي للمتوسط. كذلك، دخلت أميركا على خط التنسيق الأمني والعسكري، وعرضت التعاون مع الجزائر والمغرب في مكافحة خلايا «القاعدة». وكان الناطق باسم الخارجية الأميركية شون ماكورماك قال في أعقاب التفجيرات التي ضربت الجزائر والدار البيضاء الشهر الجاري إن واشنطن «تدعم السلطات المغربية والجزائرية في كل ما تراه مناسباً لكشف هوية» منفذي التفجيرات. وتزور قطع حربية أميركية تونس بقيادة الأدميرال إدموند غامباستياني نهاية الأسبوع الجاري.