ايداع 9 من عناصرها السجن.. تفكيك شبكة معقدة وخطيرة مختصة في تنظيم عمليات "الحرقة"    الرابطة الثانية (ج 7 ايابا)    قبل نهائي رابطة الأبطال..«كولر» يُحذّر من الترجي والأهلي يحشد الجمهور    أسير الفلسطيني يفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية    حادث مرور مروع ينهي حياة شاب وفتاة..    حالة الطقس لهذه الليلة..    أولا وأخيرا: لا تقرأ لا تكتب    افتتاح الدورة السابعة للأيام الرومانية بالجم تيسدروس    إيران تحظر بث مسلسل 'الحشاشين' المصري.. السبب    إنتخابات جامعة كرة القدم: إعادة النظر في قائمتي التلمساني وتقيّة    بسبب القمصان.. اتحاد الجزائر يرفض مواجهة نهضة بركان    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    بين قصر هلال وبنّان: براكاج ورشق سيارات بالحجارة والحرس يُحدّد هوية المنحرفين    نابل: إقبال هام على خدمات قافلة صحية متعددة الاختصاصات بمركز الصحة الأساسية بالشريفات[فيديو]    الكشف عن مقترح إسرائيلي جديد لصفقة مع "حماس"    بطولة المانيا : ليفركوزن يتعادل مع شتوتغارت ويحافظ على سجله خاليا من الهزائم    تونس تترأس الجمعية الأفريقية للأمراض الجلدية والتناسلية    المعهد التونسي للقدرة التنافسية: تخصيص الدين لتمويل النمو هو وحده القادر على ضمان استدامة الدين العمومي    2024 اريانة: الدورة الرابعة لمهرجان المناهل التراثية بالمنيهلة من 1 إلى 4 ماي    مشروع المسلخ البلدي العصري بسليانة معطّل ...التفاصيل    عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    الكاف: قاعة الكوفيد ملقاة على الطريق    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    الدورة الثانية من "معرض بنزرت للفلاحة" تستقطب اكثر من 5 الاف زائر    تسجيل طلب كبير على الوجهة التونسية من السائح الأوروبي    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    جمعية "ياسين" تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    الأهلي يتقدم بطلب إلى السلطات المصرية بخصوص مباراة الترجي    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    اليوم.. انقطاع الكهرباء بهذه المناطق من البلاد    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    وزير السياحة: 80 رحلة بحرية نحو الوجهة التونسية ووفود 220 ألف سائح..    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    الكاف: إصابة شخصيْن جرّاء انقلاب سيارة    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية 2007
نشر في الوسط التونسية يوم 02 - 06 - 2007


*
الجزء الأول(1/2)
العاصمة المصرية ” القاهرة ” صدر تقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية لعام 2007 م وهو تقرير سنوي يصدر عن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بمؤسسة الأهرام ويحتوي على رصد تحليلي دقيق ورصين لمجمل التفاعلات الاقتصادية التي سبقت عام صدور التقرير، ومن خلال نسخة هذا العام 2007 م يلاحظ أن التقرير الذي يواصل صدوره بانتظام منذ عام 2000 م احتوى على رؤى واستخلاصات علمية عدة تضمنتها 329 صفحة صدرت في كتاب من الحجم الكبير تم توزيع مضمون صفحاته على ثلاثة أبواب رئيسية دشنها الدكتور أحمد السيد النجار رئيس هيأة تحرير التقرير بمقدمة تمهيدية أُردفت فيما بعد برؤية اقتصادية لمحافظ البنك المركزي الأسبق في مصر علي نجم والذي تناول من خلال ورقته المقتضبة أهم التحديات التي يواجهها القطاع المصرفي المصري في خضم جدليتي العولمة والخصخصة، ومن خلال المقدمة والرؤية المشار إليهما آنفاً ينطلق التقرير ليرصد أهم تجليات الحراك الاقتصادي العالمي والعربي خلال العام المنصرم 2006 م ، حيث تمثلت أهم محطات ذلك الرصد في المحاور والوقفات القرائية التالية:
واصل الاقتصاد العالمي خلال عام 2006 م دورة نموه القوي والتي كانت قد بدأت مؤشراتها تتحقق على أرض الواقع منذ عام 2004 م، فبلغ معدل النمو الحقيقي للناتج العالمي نحو 5.1% وهو ثاني أعلى معدل للنمو الاقتصادي العالمي خلال الأعوام الثلاثين الماضية ، كما واصلت الدول المصدرة للنفط تحقيق معدلات نموها المرتفعة وحافظت على مستويات جيدة خلال عام 2006 م، في حين تمكنت دول شرق أوروبا التي التحقت مؤخراً بالاتحاد الأوروبي من تحقيق نمواً معتدلاً كما إن ( معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي في الدول الصناعية المتقدمة قد تحسن إجمالاً في عام 2006م وذلك بالمقارنة مع عام 2005 م فقد ارتفع معدل نمو الناتج المحلي في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو واليابان بالترتيب إلى 3.4% ، 2.4% ، 2.7% في عام 2006 م ، مقارنة بنحو 3.2% ، 1.3% ، 2.6% للدول المذكورة بالترتيب عام 2005 م.
وتشير التوقعات إلى أن معدل نمو الناتج العالمي سوف يبلغ 4.9% عام 2007 م ، وهو مستوى مرتفع أيضاً ، وسوف تستمر الصين ومعها الدول الناهضة في آسيا كمحرك رئيسي للنمو الاقتصادي العالمي ، بينما سيتراجع النمو الاقتصادي المتوقع في الدول الصناعية المتقدمة وفي الدول المصدرة للنفط ، في ضوء التوقعات بتراجع أسعار النفط عن المستويات التي حققتها عام 2006 م .ص31.
وفي سياق تناوله لأهم مؤشرات أداء الاقتصاد العالمي خلال عام 2006 م انطوى التقرير على المؤشرات والحقائق التالية:
1) استمرار الاقتصاد الهندي في انطلاقته القوية وتمكنه من استيعاب التأثير السلبي لأسعار النفط حيث بلغ معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي 8.3% عام 2006 م.
2) استمرار العجز الهائل في الموازنة العامة للولايات المتحدة الأمريكية وكذلك العجز في الميزان التجاري وميزان الحساب الجاري ووصوله لمستويات خطيرة لا يمكن تغطيتها إلا عبر وضعية الدولار كعملة احتياط دولية.
3) تمكن الاتحاد الأوروبي من توسيع نطاق السوق المفتوح أمام المنتجين الأوروبيين الأمر الذي عزز من حوافز الاستثمار وبالتالي تعظيم الجهاز الإنتاجي في دول الإتحاد .
4) من المتوقع تراجع النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي في كل من الولايات المتحدة الأمريكية ومنطقة اليورو واليابان خلال هذا العام 2007 م. وذلك لأسباب عدة منها تداعيات ارتفاع أسعار الفائدة في تلك البلدان والتي أقدمت على تلك الزيادة من أجل وقف زيادة معدل التضخم وتشجيع الادخار.
5) شهد عام 2006 م زيادة ضئيلة في معدل ارتفاع أسعار المستهلكين (مؤشر معدل التضخم) في الدول الصناعية حيث بلغ ذلك المعدل نحو 2.1% ، أما بالنسبة لمعدل التضخم في الدول النامية فقد تراجع بشكل طفيف ليبلغ 5.2% مقارنة ب 5.3% في عام 2005 م وقد حدث ذلك التراجع في دول الاتحاد السوفيتي السابقة ودول الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية والصين ، فيما زاد في دول أسيا الناهضة وفي دول شرق ووسط أوروبا وأفريقيا.
6) ارتفعت التجارة السلعية الدولية خلال عام 2006 م ووصلت إلى نحو 11721 مليار دولار وذلك بزيادة نسبتها 15.1% عن عام 2005 م ، ويلاحظ في هذا الصد د ارتفاع قيمة التجارة الدولية في الخدمت إلى 3743 مليار دولار أي بزيادة نسبتها 9.8% عن عام 2005 م ، كذلك فإن أسعار السلع الغذائية مُقدرة بالدولار في نهاية عام 2006 م كانت أعلى من مستواها في بدايته بنسبة 40% وسجلت أسعار المعادن ارتفاعاً بنسبة 55% في الفترة نفسها بينما ارتفعت أسعار السلع الغذائية بنسبة 19.3% وارتفعت أسعار السلع الزراعية بنسبة 3.6% في نهاية عام 2006 م، ورغم أن تراجع الدولار مقابل العملات الحرة الرئيسية في عام 2006 م قد ساهم في زيادة أسعار السلع عند تقديرها بالدولار محولة من العملاة الأخرى، فإن ذلك الأمر يسري على جميع السلع، ويظل تباين نسب التغير في الأسعار معبراً عن التفاوت في حركة أسعار كل مجموعة سلعية عن المجموعات الأخرى، كذلك يلاحظ أن الدول المصدرة للسلع الزراعية غير الغذائية تعرضت خلال عام 2006 م لقهر حقيقي حيث لم ترتفع أسعارها حتى نهاية عام 2006 م سوى بنسبة 3.6%.
7) فيما يخص حركة الاستثمارات الدولية المباشرة لوحظ استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية نحو 1230 مليار دولار تحصلت الدول الصناعية المتقدمة على 65% منها، كذلك عادت الولايات المتحدة الأمريكية خلال عام 2006 م لتصبح أكبر دولة مستقطبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة حيث بلغت قيمة التدفقات الداخلة إليها نحو 177.3% مليار دولار ، أما الدول النامية فقد تحصلت في عام 2006 على استثمارات أجنبية مباشرة بلغت قيمتها 367.7% مليار دولار وهو مستوى قياس لم تبلغه تلك الدول من قبل.
ضمن تتبعه لتداعيات السياسات الاقتصادية السيئة التي يتبناها المحافظون المجدد في الولايات المتحدة الأمريكية ، لاحظ التقرير أن تلك السياسات الاقتصادية اليمينية وما رافقها من تخفيضات كبيرة للضرائب المفروضة على الأثرياء أدت إلى إفقار أعداد كبيرة من المواطنين الأمريكيين ، كما أن تكاليف احتلال العراق التي أسهمت في تأزم الاقتصاد الأمريكي لو تم توجيهها توجيهاً مجدياً فإنها كانت تكفي لانقاد أفقر 30 مليون أمريكي من الفقر ولكان نصيب كل واحد منهم عشرة آلاف دولار فوق متوسط نصيبه من الدخل الذي يبلغ نحو 7800 دولار كذلك كان بالإمكان توظيف تلك التكاليف من أجل سداد ثلاثة أرباع ديون الدول الفقيرة ومنخفضة الدخل، كما كان بالإمكان استخدامها لتمويل بناء وتطوير اقتصادات المنطقة العربية التي استنزفتها الحروب الإسرائيلية والأمريكية.
ويشير التقرير إبان تناوله لتداعيات السياسات الاقتصادية الفاشلة التي يتبناها المحافظون الجدد في أمريكا إلى أن العجز في الميزان التجاري الأمريكي بلغ مستوى رهيباً ، حيث سجل نحو 85 مليار دولار في الشهور الأثنى عشر المنتهية في أغسطس 2006 م، وبلغ العجز في ميزان الحساب الجاري في العام المنتهي في نوفمبر 2006 م ، نحو 837.2 مليار دولار، وهي مستويات من العجز يمكن أن تهدم الاستقرار الاقتصادي لأي دولة تؤدي إلى انهيار عملتها وانفجار التضخم فيها على نحو جامح، لكن الوضع الخاص للدولار كعملة احتياط دولية تتم تسوية القسم الأكبر من المعاملات الدولية بها هو الذي يحمي الاقتصاد الأمريكي ، وهذه الحماية يمكن أن تفقد فعاليتها تدريجياً مع تطور دور العملات الرئيسية الأخرى في سلة الاحتياطات الدولية من العملات في مختلف دول العالم، وربما تأتي الضربة الكبرى في هذا المجال من العملاق الصيني الصاعد للمنافسة على عرش الاقتصاد العالمي عندما تتمكن بكين من تحرير عملتها بصورة كاملة تتيح استخدامها في تسوية المتعاملات الدولية .ص40
ومن محطة الكوارث الاقتصادية للمحافظين الجدد ينتقل التقرير إلى محطة الاقتصاد الفنزويلي ليتناول أهم المؤشرات المعبرة عن أدائه ، وذلك من خلال دراستين تحليليتين تضمنتا على العديد من المؤشرات والحقائق ، حيث لاحظ التقرير في هذا الصدد إنه منذ تسلم شافيز الحكم في عام 1999 م والناتج المحلي لفنزويلا في تزايد مطرد ، كما أن متوسط نصيب الفرد من ذلك الناتج ارتفع من 3680 دولار في عام 1999 م إلى 6359 دولار في عام 2006م.
كذلك على الرغم من الكارثة الاقتصادية التي تعرضت لها فنزويلا عامي 2002 م و2003 م بسبب المحاولة الإنقلابية والإضرابات التي شلت قطاع النفط في فنزويلا التي تعد من أبز صقور الأوبك، فإن الاقتصاد الفنزويلي عاد للصعود بقوة بعد إحباط الإنقلاب واستسلام الولايات المتحدة والقوى المرتبطة بها لوجود شافيز في الحكم ، ويلاحظ التقرير أثناء رصده لمؤشرات أداء الاقتصاد الفنزويلي إبان حكم شافيز أن التضخم الذي كان معضلة كبيرة تراجع تدريجياً في عام 2006 م وبلغ 12.1% كما أن معدل البطالة انخفض إلى نسبة 12.2% عام 2005 م ، في حين ارتفع مؤشر أسعار الأسهم في بورصة كاراكاس ( مقدرة بالعملة المحلية وهي البوليفار) في نهاية عام 2006 م إلى نسبة 127.7% وذلك مقارنة بمستواه في بداية العام، ” ويمكن القول إجمالاً إنه على الرغم من الاضطرابات التي واجهها شافيز المستهدف بصورة جلية من واشنطن والقوى المرتبطة بها من بارونات فنزويلا، فإن الأداء الاقتصادي لبلاده كان معقولاً ، واتجه للتحسن بقوة بعد إنهاء الاضطرابات وارتفاع أسعار النفط ، مما ساعده على تحسين مؤشرات أداء الاقتصاد ومستويات معيشة المواطنين وبالذات الفقراء ، وسيظل التحدي الكبير أمام شافيز في فترة رئاسته الجديدة هو الاستمرار في تحسين توزيع الدخل في بلد مازال يعاني، برغم يسارية شافيز من سوء توزيع الدخل الموروث من عهود سابقة، وهذا التحسين يرتبط بنظم الرواتب والتحويلات الاجتماعية ودعم الخدمات العامة والسلع الأساسية وتنمية الاقتصاد عموماً من خلال معدلات استثمار مرتفعة “ص49..
وبعد أن يتناول التقرير جملة من القضايا المتعلقة بالعلاقات الصينية السودانية والمواقف الاقتصادية لبعض الحركات الإسلامية ينتقل التقرير ليتناول عبر براح تحليلي وارف الأبعاد والمضامين مسألة الاقتصاد العالمي وتحديات مشكلة الملف النووي الإيراني ، حيث شكك معدوه في إمكانية أن تتمكن دول العالم تحمل التداعيات المترتبة على صدور أي قرار دولي يفرض حظراً اقتصادياً شاملاً على إيران نظراً لأن ذلك لن يكون سهلاً ما لم تتمكن بلدان نفطية أخرى من زيادة حجم إنتاجها وصادراتها بما يعادل الصادرات النفطية الإيرانية، فمن الصعب على الاقتصاد العالمي ” الاستغناء عن الصادرات النفطية الإيرانية في ظل الارتفاع الكبير في أسعار النفط في الأعوام الأخيرة، والتي وصلت به إلى 61 دولاراً للبرميل من سلة خامات أوبك في المتوسط في عام 2006 م ، والحقيقة أن الاقتصاد العالمي لا يحتمل أي أزمات كبيرة تشعل أسعار النفط مجدداً ، في ظل استمرار العوامل المسببة لهذا الارتفاع والتي تتركز في زيادة معدل النمو الاقتصادي العالمي وما يترتب عليه من نمو سريع نسبياً في الطلب على النفط، وتعطيل المقاومة الوطنية العراقية لقسم مهم من صادرات النفط العراقية ، والتوترات الأمنية والعرقية والسياسية في العديد من البلدان المصدرة للنفط بما يثير المخاوف بشأن استقرار تدفقات النفط منها ويؤدي إلى ارتفاع أسعاره، والدور الذي تقوم به شركات النفط من أجل إبقاء أسعار الخام مرتفعة لتحقيق أرباح استثنائية خاصة بالنسبة للشركات التي تملك احتياطات نفطية كبيرة من خلال اتفاقيات التنقيب والاستكشاف وتقاسم الإنتاج التي تبرمها مع العديد من الدول النامية المنتجة للنفط ، ويضاف إلى هذه العوامل ما يستجد من ظروف طبيعية تعطل قسماً من الإنتاج العالمي للنفط ، ولذلك فإن نجاح أي حظر نفطي موجه ضد إيران يتوقف على قدرة البلدان المنتجة والمصدرة للنفط وعلى رأسها السعودية على زيادة طاقتها الإنتاجية بصورة تعوض خروج إيران من السوق النفطية العالمية “ص.91.
كذلك وفي خضم تناوله للتفاعلات الاقتصادية المترتبة على الملف النووي لكوريا الشمالية أكد التقرير على ضرورة امتلاك مصر والدول العربية الرغبة في التسلح النووي فبناءً على دراسة الملف النووي لكوريا الشمالية يتضح أنه ( لا يكفي أن تكون مصر على حق في المطالبة بإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وعلى رأسها الأسلحة النووية الإسرائيلية ، إذ يجب أن يكون لدى مصر والدول الأخرى المطالبة بهذا الإخلاء ، برامجها النووية السلمية وقدراتها على السير في اتجاه التسلح النووي إذا لم تتراجع الدول التي تملك أسلحة نووية مثل إسرائيل عن امتلاك هذه الأسلحة وإذا لم توقف الدول الساعية بصورة حثيثة لامتلاك الأسلحة النووية مثل إيران عن هذا السعي الذي يمكن أن يشعل سباق التسلح فوق التقليدي في المنطقة) ص122
اختزل تقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية التحديات التي واجهت الاقتصادات العربية خلال عام 2006 م في تسعة تحديات هي:
1 محدودية الناتج المحلي ونصيب الفرد منه وتبعية نموه لأسعار النفط.
2 تخلف هياكل الاقتصادات العربية وعدم تطورها.
3 تذبذب الإدخار وتدني الاستثمار.
4 البطالة.
5 ضعف التكامل العربي وضغط الخارج.
6 تحدي الموارد المائية ومدى كفايتها لمتطلبات الحياة والتطور.
7 التخلف العلمي والتكنولوجي .
8 الديون الخارجية للدول العربية.
9 نزيف الأموال العربية للخارج وضعف تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر .
وفي سياق تحليله للتحديات الآنفة قدم التقرير جملة من المعطيات والمؤثرات أبرزها ما يلي:
أولاً ( من المؤكد أن حركة أسعار النفط وإيرادات البلدان العربية من القطاع النفطي سوف تظل عاملاً حاسماً في تحديد قيمة الناتج ومعدلات نموه في البلدان العربية إلى أن تستخدم هذه البلدان عوائد تصدير النفط في تحويل بناء اقتصادات صناعية وزراعية وخدمية قادرة على التطور الذاتي في البلدان العربية، بدلاً من إخراج الأموال للخارج أو استخدامها في المضاربة على الأراضي والعقارات والأسهم مما يوجد اقتصادات بالونية مهددة بالانفجار والتدهور” ص129.
ثانياً ( تعد المنطقة العربية الأكثر معاناة في العالم من ارتفاع معدلات البطالة وقد بلغ عدد العاطلين بها حوالي 15 مليون عاطل عن العمل، ويعد ارتفاع معدل البطالة في البلدان العربية تجسيداً لضعف معدل الاستثمار في هذه البلدان وذلك انطلاقاً من أن الاستثمارات الجديدة والتوسعات في الاستثمارات القائمة هي العامل الرئيسي في تحديد حركة مستوى التشغيل والبطالة في أي اقتصاد ، كما يعبر ارتفاع معدل البطالة في الدول العربية، عن ضعف كفاءة الإدارة الاقتصادية الحكومية وعجزها عن ضمان تشغيل قوة العمل سواء لدى الحكومة وقطاعها العام وهيئاتها الاقتصادية ، أو لدى القطاع الخاص والقطاع العائلي من خلال إتباع سياسات اقتصادية كلية ومالية ونقدية محفزة للتوسع والنمو الاقتصادي ، وتلجأ بعض الحكومات العربية إلى إلقاء المسؤولية عن ضعف أدائها الاقتصادي وتزايد معدلات البطالة فيها، على معدلات الزيادة السكانية فيها وما تنطوي عليه من زيادة في قوة العمل، برغم أن الزيادة وقوة العمل في البلدان العربية باستثناء دول الخليج وليبيا، تعد معتدلة وتقل عن المعدلات المناظرة في البلدان التي تدخل نفس الفئة الداخلية التي تقع فيها هذه البلدان،وبدلاً من أن تنظر هذه البلدان العربية إلى عنصر العمل كعنصر إنتاجي مهم يمكن توظيفه بشكل فعال في إنتاج السلع والخدمات وزيادة قدرة الاقتصاد المحلي من خلال استثمارات جديدة تستوعبه، فإنها تبرر فشلها في تحقيق ذلك بشماعة ارتفاع معدلات النمو السكانية ، تلك المعدلات التي تتراجع تلقائياً بالتوازي مع ارتفاع مستويات المعيشة والتعليم، كما حدث في البلدان الصناعية) ص134.
ثالثاً ” تعاني الدول العربية تخلفاً علمياً وتقنياً بالغ الخطورة ، وهو التخلف الذي تتعاظم أسبابه في ظل تراجع القيمة الاجتماعية للعلم في بيئة اجتماعية يتزايد فيها نفوذ الاتجاهات العينية غير العلمية ، وأيضاً في ظل الفجوة الكبيرة بين مؤسسات البحث العلمي ومؤسسات الإنتاج، بما يحول بين المؤسسات البحثية وتحويل إنجازاتها العلمية إلى قوة تقنية فعالة ومنتجة في الواقع وبالرغم من الإقرار العام في أوساط النخبة الثقافية والسياسية في البلدان العربية بالأهمية الحاسمة للبحث والتطوير العلميين في تحقيق التقدم العلمي والتقني والاقتصادي ، وفي رفع القدرة التنافسية لأي اقتصاد من خلال تقليل تكلفة الإنتاج وتحسين جودة المنتجات ، إلا أن السلوك العملي في الدول العربية يتعامل مع البحث والتطوير العلميين باعتبارهما ترفاً ونشاطاً هامشياً يجري إنفاق بعض الأموال عليه من أجل الوجاهة الاجتماعية الإقليمية والدولية وليس من أجل تحقيق إنجازات علمية وتقنية حقيقية ، وتنفق الدول العربية إجمالاً أقل من 0.2% من ناتجها المحلي الإجمالي على البحث والتطوير العلميين ، مقارنة بنحو 2.36% على الصعيد العالمي خلال الفترة من 1996 2002 م ، ونحو 5.1% في إسرائيل نفسها، أي أن إسرائيل تنفق على البحث والتطوير العلميين أكثر مما تنفقه الدول العربية مجتمعه برغم أن عدد سكان إسرائيل يبلغ نحو 2% فقط بالمقارنة مع عدد سكان الوطن العربي، كما أن الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي يقل عن واحد على ثمانية من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية إذا تم احتساب كليهما بناء على أسعار الصرف السائدة ، ويقل عن عشر الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية إذا تم احتساب كليهما بناء على تعادل القوى الشرائية مع الدولار.” ص138.
رابعاً : تكمن أهمية أسباب ضعف تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المنطقة العربية في جملة من العراقيل والعقبات الكؤود والتي أبرزها ما يلي:
أ انغلاق البنية الاجتماعية التقليدية المحافظة في بعض الدول العربية وذلك بصورة لا تشجع على قدوم الاستثمارات الأجنبية.
ب انغلاق بعض الأسواق العربية أمام الاستثمارات الأجنبية وبالأخص تلك الموجودة في البلدان النفطية الكبيرة.
ج عدم توافر ضوابط قوية للمعايير والمواصفات وعدم احترام حقوق الملكية الفكرية.
د وجود معوقات بيروقراطية واستفحال أمر الفساد الكبير والصغير في المنطقة العربية.
ه غياب الديمقراطية وانتشار العمل بالقوانين الاستثنائية.
الجزء الثانى(2/2)
- اقتصادات الخليج وسؤال الطفرة النفطية الثالثة:
نظراً لأهمية المركز النفطي الخليجي على الصعيدين العربي والدولي خصص التقرير محوراً كاملاً لمناقشة وضعية اقتصادات الخليج في ظل الطفرة النفطية الثالثة وذلك باعتبار أن دول الخليج شهدت طفرة نفطية أولى بعد حرب أكتوبر 1973م ، وطفرة نفطية ثانية بعد الثورة الإيرانية وأثناء السنوات الأربع الأولى من الحرب العراقية الإيرانية، ويرى معدو التقرير أن الطفرتين الأوليتين تميزتا بتسرب فوائضهما النفطية للغرب وعلى رأسه أمريكا، وذلك في صورة ودائع مصرفية واستثمارات في الأسهم والسندات الأمريكية والأوروبية وشراء للعقارات الفاخرة وكل ماله علاقة بالتبذير والترف، ” كما توجه قسم منها للمضاربة على الذهب فاشتعلت أسعاره بلا مبرر حقيقي، ثم انهارت تلك الأسعار وفقدت المدخرات العربية جزءاً مهماً من قيمتها بسبب سوء إداراتها، كما توجه قسم منها إلى أسواق الأسهم العربية بحيث أصبح هناك جبال من الأموال تتداول أصولاً عينية محدودة في ظل ضعف معدلات الاستثمار الحقيقية مما أدى إلى صعود الأسعار بشكل بالوني ثم انفجارها بعد ذلك مخلفة أزمات رهيبة لعل أشهرها أزمة انهيار سوق الأسهم الكويتية ( أزمة سوق المناخ) “.ص153.
وبعد أن يلاحظ التقرير أن سلوك الدول الخليجية المصدرة للنفط ومستثمريها لم يختلف كثيراً في الطفرة النفطية الراهنة عن التمظهر السلوكي الذي تم اعتماده في الطفرتين السابقتين يُعرج التقرير وبشكل تحليلي مُسهب على قضايا ومسائل اقتصادية عدة من بينها ما يتعلق بالاتجاهات العامة التي حكمت توظيف أموال الطفرتين السابقتين في منطقة الخليج وكيف أنها لا تختلف كثيراً عن الاتجاهات التي تحكم الطفرة النفطية الراهنة ، فوفق تقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية 2007 فإن معدلات الاستثمار لا تزال متدنية ولا يمكنها أن تشكل رافداً لدورات قوية من النمو الاقتصادي الحقيقي” وهناك خلل واضح بين معدلات الإدخار العالية في غالبية البلدان الخليجية في أوقات ارتفاع أسعار النفط ، ومعدلات الاستثمار الحقيقية في تلك البلدان ،ويعود جانب مهم من هذا الخلل إلى تسرب جانب كبير من مدخرات تلك البلدان إلى الخارج سواء في صورة استثمارات مباشرة أو في الاقتصاد الرمزي في أسواق رأس المال وأسواق العملات، وفضلاً عن هذه العوامل فإن التكوين التاريخي للنخب المالية في البلدان الخليجية لا يتضمن من يمكن تسميتهم بآباء الصناعة أو برواد الاستصلاح والاستزراع ، أو برواد الخدمات والاقتصاد الجديد ، إلا على نحو استثنائي ونادر لا يسمح برفع معدلات تكوين رأس المال، ولا يسمح بتحقيق معدلات نمو معتدلة أو مرتفعة بصورة مستقلة عن حركة أسعار النفط”ص164.
وبالإضافة لمتغير تدني معدلات الاستثمار في منطقة الخليج يناقش التقرير متغيرات أخرى تتعلق بخطورة الاستمرار في المضاربة على الذهب وكذلك الأموال الهائمة في البورصات ونزيف الأموال الخليجية للخارج مشيراً في خاتمته إلى أن الدول الخليجية مطالبة بأن تعمل بشكل دؤوب على صياغة علاقة جديدة مع الدول المستوردة ، وذلك بحيث تتمكن من تخطيط حركة أسعار النفط بشكل لا ينطوي على التذبذبات التي تحدث في سوق النفط دائماً ، فالملاحظ إنه على مدى الأعوام الثلاثين الماضية ( كانت الحوارات والمفاوضات بين مصدري النفط ومستورديه تعكس مستوى مروعاً من الانتهازية من قبل كبار المستوردين في الغرب ، حيث يهتمون بهذه الحوارات عندما ترتفع أسعار النفط على أمل أن تؤدي إلى قيام الدول المصدرة بكبح الأسعار ، أما عندما تنهار الأسعار وتهدد الاستقرار الاقتصادي والسياسي في الدول المعتمدة على تصدير النفط، فإن الدول المستوردة الكبرى لا تلقي بالاً لذلك).ص168.
- نظرة في منظومة الاقتصاد الفلسطيني
في محوره المتعلق بالاقتصاد الفلسطيني أكد تقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية 2007 م على أن الاقتصاد الفلسطيني يعاني منذ انتفاضة الأقصى في سبتمبر 2000م تدهوراً وتراجعاً لكل مؤشراته الاقتصادية والاجتماعية وذلك لأسباب عدة يأتي في مقدمتها الإجراءات التعسفية التي تتخذها دوائر الكيان الصهيوني العنصري ضده، وبالأخص ما يتعلق منها بسياسات الإغلاق والحصار ومصادرة وتجريف الأراضي وبناء الجدار العازل والاجتياحات العسكرية المتكررة وتصعيد وتيرة العدوان والممارسات الأخرى المخالفة للقانون الدولي، ولاحظ التقرير أن ثمة هناك مؤشرات اقتصادية عدة تعزز من فرضية تراجع أداء الاقتصاد الفلسطيني خلال السنوات الست الأخيرة وأن أهم تلك المؤشرات يتمثل في التالي:
أولاً انخفاض متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة لعام 1997 م من 1495,7 دولار / فرد عام 1999 م إلى 1165 دولار / فرد عام 2005 م وبالمثل تراجع متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي من 1767,9 / دولار فرد إلى 1299 دولار / فرد للعامين على التوالي.
ثانياً ارتفاع معدل البطالة من 80 ألف عاطل في عام 1999 م إلى 200 ألف عاطل في عام 2005 م وذلك طبقاً لتعريف منظمة العمل الدولية للبطالة والذي لا يأخذ في الحسبان أعداد العاطلين بسبب اليأس والإحباط من إيجاد العمل، ويؤكد التقرير بإنه إذا ما أخذنا تلك الأعداد في الاعتبار فإن عدد العاطلين عن العمل سيزداد إلى نحو 255 ألف عاطل عن العمل.
ثالثاً تراجع المساهمة الإجمالية لقطاعي الزراعة والصناعة وارتفاع عجز الموازنة العامة إلى 240 مليون دولار عام 2005 م.
رابعاً انخفاض إجمالي قيمة الصادرات وارتفاع الدين العام إلى 1,63 مليار دولار عام 2005 م.
كذلك أكد التقرير على أن عام 2006 كان هو الأسوأ في تاريخ الاقتصاد الفلسطيني فلقد جاء عام 2006 م ( حاملاً تدهوراً غير مسبوق ، وصل لحد الأزمة الإنسانية جراء الحصار المالي الدولي الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية، وذلك منذ تسلم حكومة حركة حماس مهامها في مارس 2006 م أثر فوز الحركة بالأغلبية في انتخابات المجلس التشريعي التي عقدت في يناير 2006 ، حيث تعرض تحويل الأموال للسلطة الوطنية الفلسطينية ووزارة ماليتها إلى حظر كامل قادته الولايات المتحدة، وبالتوازي امتنعت إسرائيل عن تحويل أموال العائدات الجمركية المستحقة السداد للسلطة الفلسطينية التي تمثل وحدها 80% من الإيرادات الجارية للموازنة الفلسطينية والتي بلغت قيمتها عام 2005 م نحو 740 مليون دولار )ص174.
- تقييم المساعدات العربية المقدمة للشعب الفلسطيني:
في مستهل تقييمه للمساعدات العربية المُقدمة للشعب الفلسطيني ينبه التقرير لخطورة الانحراف المصاحب لتوجهات الإنفاق في كل من صندوقي الأقصى وانتفاضة القدس فعلى سبيل المثال يشير التقرير إلى أن صندوق الأقصى ( اعتمد مجالات للإنفاق بقيمة 583,742,000 دولار أمريكي تمثل 73% من إجمالي راس المال المخطط للاكتتاب( 800 مليون دولار) وتمثل 61.4% من إجمالي المبالغ المتوجب إتاحتها عند إضافة الدعم الإضافي المخصص لمشاريع التنمية ( 150 مليون دولار) ، وبلغ إنفاقه الفعلي 491,310,000 دولار أمريكي ما يمثل 61.4% من إجمالي رأس المال المخطط و51.7% من الموارد المتوجب إتاحتها (950 مليون دولار) وتوضيح مجالات الإنفاق توجه 82.4% لدعم ميزانية السلطة الفلسطينية 3.6% لقطاع التعليم، 5.1% لقطاع الصحة ، أما حصة القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية بالنسبة للحالة الفلسطينية فكانت بالغة المحدودية فلم يزد نصيب قطاعات الزراعة والصناعة والإسكان والتجارة والبنية التحتية على 2% ، 0.6% ، 3.6% ، 6.75% ، 4.7% ، لكل منها على التوالي “.ص178.
وعلى الرغم من أن تقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية 2007 م يؤكد على أن استنزاف معظم المساعدات العربية الرسمية في دعم الميزانية الجارية للسلطة الوطنية الفلسطينية هو أمر لا يخلو من الإيجابيات ، فإنه في نفس الوقت يؤكد على أن تجربة المساعدات العربية للاقتصاد الفلسطيني توضح بشكل جلي ومباشر أنه لا يوجد ثمة هناك توجه استراتيجي عربي للتعامل مع المتغيرات السريعة والمصيرية التي تعصف بالساحة الفلسطينية ، الأمر الذي أسهم في إهدار المردود الاقتصادي المتوقع من تلك المساعدات ، كذلك ” رسخت تلك التجربة قاعدة أن النيات الحسنة إن صح وجودها لا يكترث بها كثيراً في مقام مصيري مثل الصراع العربي الإسرائيلي ، وإن المنطقة البراغماتي سيكون محل اعتداد كبير في مثل هذا المقام، والذي يؤكد لنا أن الوضع الذي تكون فيه محصلة الجهود المبذولة مساوية للصفر يتعادل مع الوضع الذي لم تبذل فيه جهود قط!! ” ص 191.
على كل حال من بين الإحصائيات التي يرصدها التقرير حول المساعدات العربية للشعب الفلسطيني تأتي الأرقام والإحصائيات التالية:
1 بلغ إجمالي قيمة المساعدات العربية المُقدمة للشعب الفلسطيني وسلطته واقتصاده ومؤسساته خلال الفترة ما بين سبتمبر 2000 م، وسبتمبر 2006 م نحو 40 مليار دولار.
2 مثلت المساعدات المُقدمة من الأطر الشعبية والأهلية وغير الرسمية العربية نحو 50% من إجمالي المساعدات العربية.
3 بلغت قيمة المساعدات العربية الرسمية نحو 2010,5 مليون دولار، تشمل على 760 مليون دولار لدعم الموازنة الفلسطينية ، 313 مليون دولار من الصناديق والمؤسسات المالية العربية، وهو ما مثل نحو 50% من إجمالي المساعدات العربية .
4 بلغت نسبة سداد الدول العربية الإلتزامات التي أقرتها مؤتمرات القمة العربية والبالغة 3790 مليون دولار، نحو 44.8% فقط ، مما يؤكد على فشل النظام الرسمي العربي في الوفاء باستحقاقات سبق أن أقرها هو على نفسه.
- الصراع المائي مستمر:
في الوقت الذي لم يتطرق فيه التقرير للوضع المائي في منطقة المغرب العربي ، نبه تقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية 2007 م إلى خطورة الوضع المائي لدول أحواض النيل مؤكداً على أن عملية إقتسام المياه المشتركة بين إسرائيل والشعب الفلسطيني والأردن ولبنان وسوريا ارتكزت على معايير الإرهاب والقوة وفرض الأمر الواقع، الأمر الذي ينذر بارتفاع مطرد لمعدل الخلافات الدائرة حول اقتسام المياه ، خاصة وإن معدلات النمو السكاني في فلسطين والأردن تعزز من ذلك وتؤكد ماهيتها الكمية والكيفية على إنه لم يعد هناك مفر من اتخاذ تدابير فاعلة وحكيمة تجاه مسألة النهب الإسرائيلي لموارد المياه السورية والأردنية واللبنانية والفلسطينية .
وبعد أن ينتهي التقرير من تناول أزمة المياه في المنطقة العربية ، يختتم معدي التقرير تقريرهم بالتطرق عبر أوراق تحليلية وعلمية لجملة من المسائل والقضايا المرتبطة بالاقتصاد المصري وفي مقدمتها ما يتعلق بمدى الاستفادة التي يمكن أن تجنيها مصر من اتفاق المشاركة المصرية الأوروبية وكذلك ما إذا كان قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية يكفي لحماية المستهلك المصري، أيضاً ناقشت تلك الأوراق قضايا ومسائل عدة تتعلق بالوضع في القناة والسد العالي ، فعلى سبيل الذكر لا الحصر يرى التقرير أن فكرة إنشاء قناة بديلة لقناة السويس هي فكرة ابتزازية أكثر من أي شيء آخر، فالمسار الأول “المقترح للقناة من ميناء إيلات الصهيوني ، إلى البحر الميت ، ثم من هذا الأخير إلى البحر المتوسط ينطوي على تعقيدات فنية لا يمكن التغلب عليها إلا بتكلفة باهضة ، لأن انتقال السفن سيتطلب أهوسة للإنزال وأخرى لرفع السفن، مما يجعل تكلفة ورسوم مرور السفن غير اقتصادية ولا يمكنها أن تنافس قناة السويس ، أما المسار الآخر لحفر قناة من أم الرشراش ( إيلات ) إلى أشدود على البحر المتوسط ، فإن إمكانية تحقيقه أعلى بالمقارنة بالمسار الأول”ص262.
وفي ختام تقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية نجد أنه ثمة هناك جهداً مميزاً بذله معدو التقرير من أجل إعداد ملحق إحصائي مثمر ومفيد لكل باحث أو مهتم بالحقل الاقتصادي أو السياسي ومن بين الاحصائيات الموجودة في ذلك الملحق إحصائيات دولية تتعلق بالدخل القومي ونصيب الفرد منه في العالم وعرض النفط وحركة أسعاره والحركة المناظرة لمعدل نمو الناتج العالمي والتضخم، وكذلك إحصائيات عربية تتعلق بهيكل الاقتصادات العربية ومعدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي في البلدان العربية وتوزيع الدخل والديون الخارجية وتطور حركة الاستثمارات الداخلة للدول العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.