وصلت الممرضات الخمس والطبيب البلغار المتهمين بحقن مئات الاطفال في ليبيا بفيروس الايدز وامضوا اكثر من ثماني سنوات في السجن الثلاثاء الى صوفيا بعد الافراج عنهم صباحا. واصدر الرئيس البلغاري غورغي برفانوف عفوا عن الممرضات والطبيب البلغار المحكوم عليهم بالسجن المؤبد في ليبيا والذين افرج عنهم صباح الثلاثاء على ما اعلن وزير الخارجية ايفايلو كالفين بعيد وصولهم الى صوفيا. وقال كالفين "مارس الرئيس برفانوف حقه في اصدار العفو بناء على قناعته القاطعة ببراءتهم". وقد سلم المتهمون الى صوفيا اثر مفاوضات دبلوماسية مكثفة وبموجب اتفاق التعاون القضائي الموقع بين بلغاريا وليبيا عام 1984. ورافق الممرضات والطبيب الفلسطيني الذي حصل مؤخرا على الجنسية البلغارية على متن طائرة حكومية فرنسية سيسيليا ساركوزي زوجة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمفوضة الاوروبية بينيتا فيريرو فالدنر. وجاء الافراج ثمرة جهود دبلوماسية مكثفة قام بها الاتحاد الاوروبي وفرنسا. وكان على ارض المطار في استقبال الممرضات والطبيب الذين بدا عليهم الاعياء عائلاتهم. وفور وصولهم عانقت الممرضات كريستيانا فالتشيفا وناسيا نينوفا وفاليا تشيرفينياشكا وفالنتينا سيروبولو وسنييانا ديميتروفا وكذلك الطبيب اشرف احمد جمعة الحجوج اقرباءهم. كما استقبلهم الرئيس البلغاري غيورغي برفانوف ورئيس الوزراء سيرغي ستانيشيف ووزير الخارجية ايفايلو كالفين وعدد من الدبلوماسيين. واعلن الرئيس الفرنسي بعد الافراج عن الطاقم الطبي انه سيتوجه الاربعاء الى ليبيا في "زيارة سياسية لمساعدة ليبيا على العودة الى صفوف المجتمع الدولي". واكد ساركوزي ان "لا اوروبا ولا فرنسا لم تدفعا اي مبلغ مالي لليبيا" من اجل الافراج عن الممرضات والطبيب البلغار. واشاد من جهة اخرى ب"وساطة قطر وتدخلها الانساني". ورحبت فرنسا والاتحاد الاوروبي في بيان في بروكسل ب"البادرة الانسانية" التي قامت بها ليبيا وسمحت بالافراج عن الممرضات والطبيب البلغار وعبرا "عن امتنانهما العميق لامير ودولة قطر اللذين ساعدت وساطتهما بالتوصل الى هذه النهاية السعيدة". وكان الامين العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان اعلن بعيد وصول الطائرة الرئاسية الفرنسية التي اعادت الممرضات والطبيب من طرابلس "اننا على مسافة يومين من زيارة يقوم بها رئيس الجمهورية الفرنسية الى ليبيا. من الواضح ان هذه الزيارة لم تكن ممكنة لو لم يتم الافراج عن الممرضات والطبيب وهي حجة كان لها وزن كبير". وكشف ان المفاوضين "كانوا حتى النهاية يشككون في الافراج" عن الممرضات والطبيب مشيرا الى ان "حججا انسانية وكذلك حججا سياسية" طرحت خلال المحادثات. من جهتها اعلنت مفوضة العلاقات الخارجية في الاتحاد الاوروبي بينيتا فيريرو فالدنر لدى وصولها الى صوفيا ان الافراج عن الممرضات والطبيب البلغار يسمح بفتح صفحة جديدة بين الاتحاد الاوروبي وليبيا وبتعزيز العلاقات بينهما. وقالت في بيان ان "هذا القرار سيفسح المجال لعلاقة جديدة ومعززة بين الاتحاد الاوروبي وليبيا وسيوطد روابطنا مع منطقة المتوسط ومع مجمل افريقيا" مضيفة "ارحب بقرار الحكومة الليبية نقل (الممرضات والطبيب) البلغار الى بلغاريا واشاطر عائلاتهم واصدقائهم وكذلك حكومة بلغاريا وشعبها فرحتهم". وكان مسؤول حكومي ليبي قال لوكالة فرانس برس في وقت سابق ان الشروط التي وضعتها ليبيا لتسليم الممرضات والطبيب الى صوفيا تم تلبيتها. وقال المسؤول طالبا عدم كشف اسمه لوكالة فرانس برس "تمت التسوية. اخذنا ضمانات لعلاج الاطفال وتأهيل مستشفى بنغازي وضمان الشروط الليبية لتطبيع العلاقات مع الاتحاد الاوروبي" مضيفا ان "الممرضات غادرن البلاد لكن على العالم الا ينسى مأساة الاطفال المصابين بالايدز". الى ذلك اعلن رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو انه تعهد للزعيم الليبي معمر القذافي بالعمل على تطبيع العلاقات بين الاتحاد الاوروبي وليبيا بعد تسوية قضية الممرضات والطبيب. واوضح باروزو في مؤتمر صحافي بعد اعلان وصول الممرضات والطبيب الى صوفيا انه اجرى اتصالا هاتفيا طويلا و"حارا" مع القذافي "عبرت له خلاله عن رغبتنا في تطبيع العلاقات اكثر بين الاتحاد الاوروبي وليبيا" في حال "تسوية" قضية الممرضات والطبيب. وتابع "قلت لهم (الليبيين) اننا سنعمل على هذا التطبيع بما يخدم مصلحة اوروبا وليبيا وافريقيا". وقال انه اوضح في الاتصال الهاتفي ان هذه العلاقات كانت "متعثرة بسبب عدم تسوية هذه القضية والان قد سويت واننا مستعدون للمضي اكثر في تطبيعها". وكانت الممرضات الخمس وصلن الى ليبيا في التسعينات بعد زوال الحكم الشيوعي على امل الحصول على حياة افضل. اما الطبيب اشرف جمعة الحجوج فكان يتدرب في المستشفى الليبي لدى توقيفه. وحسبت وكالة الانباء البلغارية "بي تي ايه" ان المحكومين الستة امضوا 2755 يوما في الاجمال في السجن بليبيا. وحكم على الممرضات والطبيب بالاعدام بتهمة نقل فيروس الايدز الى اكثر من 400 طفل ليبي. والاسبوع الماضي خفف حكم الاعدام الى السجن المؤبد. وتسليمهم الى صوفيا تم بموجب اتفاق ثنائي للتعاون القضائي موقع في 1984 واثر مفاوضات طويلة مع السلطات الليبية. وقد عبر الرئيس البلغاري عن ارتياحه ل"الدور الناشط لشركائنا الاوروبيين وخصوصا الرئيس نيكولا ساركوزي ورئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو والمفوضة بنييتا فيريرو فالدنر" كما شكر سيسيليا ساركوزي "لالتزامها الشخصي" في هذه القضية. واعرب رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون عن "ارتياحه" قائلا في بيان "ان هذا الافراج اصبح ممكنا بفضل الجهود المشتركة" التي قام بها باروزو وساركوزي.