: بتاريخ 25 سبتمبر 2007 الموافق للرابع عشر من شهر رمضان المعظم 1428 ه , صرح صديقنا الأستاذ برهان بسيس الى موقع مغاربية الخاضع لاشراف القيادة القيادة العسكرية المسؤولة عن إدارة العمليات الأمريكية في أوروبا وأفريقيا و حوض البحر الأبيض المتوسط. والمعروفة اختصارا يوإسكوم بما يلي : . وكما هو واضح من سياق التعليق الذي جاء في معرض اقتباس لفظي نقله عنه الزميل جمال العرفاوي من تونس ,فان زميلنا بسيس لم يدخر جهدا هذه المرة كما هو حاصل في مرات سابقة في فك الحصار عن السلطة والدفاع عنها في اطار علاقتها بالوسط السياسي المعارض عموما وبالحزب الديمقراطي خصوصا . واذ نميز فعليا بين الصداقة والاحترام ومقتضياتهما , وبين حقنا الطبيعي في الرد على الأداء الرسمي والحكومي في قضايا الحريات العامة وحقوق المواطنة فاننا لن ندخر جهدا هذه المرة في الرد على زميلنا برهان بما نراه ممايزة بين الاحترام لشخصه كمثقف تونسي وصديق وبين أطروحاته وتصريحاته التي يشتم منها أحيانا كثيرة الاشتراك في صناعة القرار الرسمي دون الاعلان عن ذلك من قبل الجهات الحكومية : أولا- واذ أؤكد على عدم حملي لأي صفة رسمية في الحزب الديمقراطي التقدمي ولا حتى العضوية فيه برغم أنه يشرفني حمل لواء النضال داخله كحزب شرعي وقانوني حمل لواء النضال من أجل تونس لجميع التونسيين دون عقد ايديولوجية أو مغالاة فكرية , فانه من هذه الأرضية ومن منطلق وطني ومن مبعث ايماني العميق بحق الديمقراطي التقدمي في الذود عن كيانه وعن فضاءاته السياسية كغيره من التيارات المعارضة الجادة لم أدخر جهدا على مدار الأيام الفارطة في الكتابة المتدفقة من أجل ايصال صوتي الأخوين الشابي والجريبي الى الرأي العام الوطني والى جمهور واسع من القراء . 2- كان حريا بالصديق برهان بسيس والذي عرفت عنه دماثة الخلق والتواصل الايجابي مع الوسط المعارض في اطار التوازن الذي يتطلبه العمل في مجال الاعلام , ألا يكون مجرد لسان مرافعة عن أداء السلطة الخانق للحريات في كل مناسبة يعرف فيها النشاط المعارض ارتفاعا كميا أو نوعيا في الأداء , وهو مايجعلني أدعوه في نزاهة وصراحة الى النأي بنفسه عن الادلاء ببعض المواقف وترك مهمتها الى السيد بوبكر الصغير الذي يتقن أكثر لعبة اللف والدوران حتى ولو تطلب منه الأمر التوغل عمقا في عوالم الافتراء . 3- فيما يخص الصراع داخل هياكل الحزب الديمقراطي التقدمي والذي أعلنه الأستاذ بسيس كمبرر لدخول الأستاذ الشابي والأستاذة الجريبي في اضرابهما عن الطعام ومن ثمة محاولة الالتفاف على تيار داخلي صاعد يرفض هيمنة الامين العام السابق , فانني أشعر بالخجل أن يعرض شخصان حياتهما للخطر بناء على سبب أثبت المؤتمر الأخير لهذا الحزب المعارض تهافته , حيث يعلم الجميع أن الأستاذ أحمد نجيب الشابي تخلى عن الأمانة العامة ورفض التمديد له في رئاسة حزبه من منطلق ايمانه بالتداول وحق الأجيال الجديدة في المشاركة السياسية وهو ماجعله لايتوانى في تسليم المشعل لامرأة تونسية مناضلة أراد النموذج الاعلامي الرسمي تحويلها الى ديكور تليفزيوني أو تأثيث خطابي يغطى به على قمع تطلعات مجتمعنا نحو فضاء ديمقراطي حر . 4- أدعو زميلي الفاضل الأستاذ برهان بسيس الى ممارسة دوره كمثقف حر ونزيه داخل أجهزة الحكم , ومن ثمة الى مساعدة كل أحرار البلاد على شق طريق مشترك ومتوازن نحو الحرية والمأسسة والاصلاح في فضاء عام يتسع للجميع رسميين ومعارضين , مقيمين على أرض الوطن وحتى منفيين , وهو ماأظنه قادرا على فعله من خلال النصح والمشورة الصادقين لأصحاب القرار وعلى رأسهم رئيس الجمهورية التونسية الذي دعى رسميا وفي أكثر من مناسبة الى تحرير الفضاء الاعلامي ووعد بدعم دور المعارضة في الحياة الوطنية . 5 - أخيرا , أؤكد على أن كلماتي هذه ومرافعتي عن زعيمين وطنيين وهما الأخوين الشابي والجريبي لم تكن الا بدافع شخصي أردت من خلاله البرهنة على أنني سأظل متوازنا ووطنيا غيورا ماحييت وذلك من خلال الدفاع عن كل مكسب وطني حتى وان كان القائمون عليه القادة الرسميون لتونس , وأظن أن وجود فضاء جغرافي حر يحتضن نشاطات الحزب الديمقراطي التقدمي أو غيره من الأحزاب الوطنية ليس الا علامة على صحة المسار الديمقراطي وسلامته ,وعلى العكس من ذلك فان محاصرة مقرات الأحزاب السياسية والتضييق على مناضليها والتحقيق معهم وتهديدهم علاوة على منع انعقاد مؤتمر الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان ومحاصرة الرابطيين وغيرهم من الحقوقيين وهياكلهم الجمعياتية مع الاحتفاظ بمئات التونسيين في السجون بناء على عدم الارتياح لقناعاتهم السياسية أو استنادا الى محاكمات جائرة مع استمرار محنة المنفيين خارج التراب الوطني ...كل ذلك ياصديقي العزيز برهان بسيس ليس الا دليلا قاطعا على وجود أزمة حقيقية في الفضاء العمومي وأزمة حقوقية وسياسية تونسية لاتحتاج الى مزوقين أو مجملين بقدر ماأنها تحتاج الى مناضلين شرفاء يساعدون تونس على الخروج منها . حرره مرسل الكسيبي بتاريخ 27 سبتمبر 2007- 15 رمضان 1428 هجري *كاتب واعلامي تونسي- رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية :