تتميز المهرجانات الرمضانية في تونس بتركيزها على الموسيقى الصوفية والدينية. إذ تنظم في المدينة العتيقة تظاهرات تسمى بالخرجة وتتمثل في خروج مجموعة من فرق الطرق الصوفية من أحد زوايا الأولياء الصالحين وتسلك مسارات محددة من المدينة، مرددين المدائح و الأذكار. وحتى بالنسبة للمهرجانات الرمضانية التي تقدم عروضا فنية فإنها تخصص في برنامجها حيزا هاما للموسيقى الصوفية. كما تدعم وزارة الثقافة هذه الموسيقى وتشجع على إدراجها ضمن روزنامة المهرجانات. يقول لطفي المرايحي، مدير مهرجان الموسيقى الروحية "مهرجان الموسيقى الروحية هو تظاهرة ثقافية بالأساس وتتوجه إلى فئة معينة مولعة بهذه النوعية الموسيقية". وأبدى المرايحي ارتياحه للدعم والصدى الكبير الذي أصبح يحظى به المهرجان وللإضافة التي يقدمها للمشهد الموسيقي في تونس. وتشهد هذه الموسيقى إقبالا واسعا من التونسيين سواء من الشباب الذين يجهلونها أو الباحثين أو الفنانين الذين تلهمهم هذه الموسيقى. تقول الطالبة نعيمة حسن "انا استغل فرصة شهر رمضان لكي أتعرف على جانب مهم من حضارتنا وثقافتنا. وكل مرة اكتشف أشياء كثيرة كنت أجهلها". و يوجد في تونس ثلاث مهرجانات متخصصة في الموسيقى الصوفية و هي مهرجان الإنشاد الديني ومهرجان الموسيقى الآلاتية ومهرجان الموسيقى الروحية. وحول سؤال عن أهمية هذا النوع من الموسيقى في نشر إسلام مغاير للإسلام المتشدد، يقول المرايحي "تستطيع هذه الموسيقى سواء أكانت صوفية أو دينية أو روحية، أن تكون وجها لإسلام منشرح، فيه سماع وسماح وليس إسلام العبادة المتشددة". و يضيف "في تونس هذا النوع من الموسيقى متواجد في مهرجانات متعددة، لكن المهرجان الوحيد الذي يتضمن برمجة متكاملة هو مهرجان الموسيقى الروحية". ويعتبر حاتم الفرشيشي وهو أحد المنشدين الهامين في تونس أن شهر رمضان هو شهر تراثي وروحي بالأساس لذلك يتوجه الاهتمام بالموسيقى والطرق الصوفية وأولها الطريقة السلامية. و يقول "السلامية المعروفة كثيرا في تونس هي طريقة من الطرق الصوفية وهي تصب في جذورنا العربية الإسلامية". ومؤسس الطريقة السلامية هو عبد السلام الأسمر، وهو في الأصل من ليبيا. ويردد المنشدون في هذه الطريقة أناشيد وأشعار من مجلد "سفينة البحور" وهو يحتوي على كل ما قاله المتصوف عبد السلام الأسمر وما قيل حوله. وتتعدد في تونس المدارس الصوفية كالقادرية والسلامية والجيلانية، لكنها ترتبط بالمناطق التي تنشأ فيها. يقول المرايحي"المدارس الصوفية، في تونس مرتبطة بالمحلية أكثر منها من الفكر الصوفي. لذلك فالممارسات تختلف مثلا بين الريف والمدينة". وفي دراسة أعدها الموسيقي التونسي فتحي زغدة، تحت عنوان "الإنشاد في الطريقة الإسلامية:قراءة موسيقية".يذكر زغندة أن الطرق الصوفية تمثل قسما بارزا في التراث الموسيقي في تونس وينعت "بمألوف الجد" وهو مصطلح يقابله "مألوف الهزل" بالنسبة للموسيقى والغناء الدنيوي. وقد شهد الإنشاد الصوفي في تونس ازدهارا ملحوظا خاصة في القرن الخامس عشر تاريخ انتشار الحركات الصوفية وتعميم مبدأ الطرقية. وتعتبر الطريقة الشاذلية حسب المختصين المرجع الأساسي للطرق الصوفية في تونس وهي منسوبة إلى أبي الحسن الشاذلي الذي لعب دورا كبيرا في ترسيخ تيار التصوف في تونس.