ميلوني : تدفقات الهجرة تراجعت بنسبة 60% بفضل علاقات التعاون مع تونس وليبيا في المقدمة    بنزرت: إنطلاق اختبارات الباكالوريا في 27 مركز امتحان    16 سجينا مترشحا لاختبارات الباكالوريا هذه السنة    تونس صقلية منتدى حول فرص الاستثمار والتبادل في مجال الصناعات الغذائية    طاقة مستقبلية واعدة ..الهيدروجين الأخضر .. طريق تونس لتفادي العجز الطاقي    مرابيح البريد التونسي تفوق 203 ملايين دينار سنة 2023..    أخبار المال والأعمال    زلزال بقوة 5.3 درجات يضرب هذه المنطقة..    أخبار النادي الإفريقي: تأجيل الجلسة الانتخابية ومسؤولية تاريخية للحكماء والسوسيوس    ينتظم الأسبوع القادم بحضور رئيس الحكومة منتدى تونس للاستثمار تحت شعار «تونس، حيث تلتقي الاستدامة والفرص»    أسعار بيع الحبوب المزارعون ينتظرون التسعيرة الجديدة ويأملون الترفيع فيها    كيف سيكون طقس اليوم؟    وفاة شاب بصعقة كهربائية في سليمان..    تقرير: علامات التقدم في السن تظهر على بايدن في الاجتماعات الخاصة مع قادة الكونغرس    عاجل/ إطلاق نار في محيط السفارة الأمريكية ببيروت..    هام/ انطلاق الدورة الرئيسية لامتحانات البكالوريا..عدد المترشحين وسن أكبر مترشح..    بين القيروان وسوسة: وفاة شخصين في اصطدام لواج بشاحنة ثقيلة    تزامنا مع الحج.. طلاء أبيض لتبريد محيط مسجد نمرة    بالفيديو: عراك تحت قبة البرلمان التركي بين نواب حزبين    بطولة رولان غاروس للتنس: سينر وألكاراز يضربان موعدا في نصف النهائي    لشبهات غسيل الأموال ..الاحتفاظ برجل الأعمال حاتم الشعبوني    الكونغرس الأمريكي يوافق على مشروع قانون لفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية    لقاء يجمع وزير الصّحة بنظيره المصري    وفد صيني يزور مستشفى الرّابطة ويتعرف على التّجربة التّونسية في مجال طب وجراحة القلب والشّرايين    السّواسي... كان عائدا بعد صلاة الصّبح ..وفاة مؤذن نهشته كلاب سائبة    وزارة التربية حسمت الجدل ..منع الكوفية لا يستهدف القضية الفلسطينية    بورتريه .. جو بايدين... الضّائع    مبابي يستعد لمقاضاة باريس سان جيرمان    استفسار حول تأثير التطعيم    تأخير النظر في القضية المرفوعة ضدّ البحيري مع رفض الإفراج عنه    رئيس الجمهورية يهتم بمشروع تنقيح عدد من فصول المجلة التجارية المتعلقة بنظام التعامل بالشيك    بوادر صابة القمح الصلب واللين محور لقاء رئيس الدولة بوزير الفلاحة و كاتب الدولة    إصدار سلسلة من ثلاثة طوابع بريدية حول النظم الغذائية المبتكرة    تصفيات مونديال 2026 - المنتخب التونسي من اجل الفوز الثالث على التوالي والمحافظة على الصدارة    رولان غاروس: انس جابر تودع البطولة بخسارتها امام الامريكية كوكو غوف 1-2    الدورة 19 للمهرجان الدولي للفيلم الشرقي بجنيف: مشاركة 4 أفلام تونسية 2 منها في المسابقة الرسمية    تونس الثقافة والأدب والموسيقى تشع في الصين من خلال زيارة رئيس الجمهورية    في ندوة حول الملكية الفكرية والذكاء الاصطناعي: "ما يُنتجه الذكاء الاصطناعي يشرّع لانتهاك حقوق التأليف"    الاستعداد للحج .. "شوق" وعادات وفيه "منافع للناس"    نجم المتلوي يطالب بطاقم تحكيم اجنبي واستعمال الفار في لقائه ضد مستقبل سليمان    حصة تونس السنوية من صيد التن الاحمر تقدّر ب3 آلاف طن    سيول .. رئيس الحكومة يلتقي رئيس موريتانيا    تفاصيل الدورة 48 لمهرجان دقة الدولي: انماط متنوّعة في دورة التأكيد    عاجل/ إعلان سعر الأضاحي بشركة اللحوم وموعد انطلاق البيع    هذا موعد رصد هلال شهر ذو الحجة    4 نصائح لمحبي اللحوم    عاجل/ هذا موعد رصد هلال ذو الحجة..    مُشاركة 4 أفلام تونسية في الدورة 19 للمهرجان الدولي للفيلم الشرقي بجنيف    درّة زرّوق تطلق علامة أزياء مستوحاة من جدّتها    رئيس الحكومة يلقي كلمة تونس في افتتاح أشغال القمة الأولى الكورية الافريقية    عاجل : اكتشاف سلالة شديدة العدوى من إنفلونزا الطيور    انطلاق أشغال الجلسة العامة للنظر في مقترح القانون عدد 30 لسنة 2023 بمجلس النواب    في المعهد العالي للفنون والحرف بتطاوين ...7 آلاف كتاب هبة لمكتبة المعهد    "كاف" يعلن مواعيد انطلاق النسخة الجديدة لمسابقتي رابطة الأبطال والكونفدرالية    ديوكوفيتش غير متأكد من استمراره في فرنسا المفتوحة بعد إصابته في ركبته    مدرسة الصفايا بالسعيدة والقضية الفلسطينية ... إبداعات تلمذية ومبادرات تنشيطية    بيت الحكمة يُصدر كتابا بعنوان "رحلة اليوسي" لمحمّد العيّاشي بن الحسن اليوسي عن تحقيق الباحث التونسي أحمد الباهي    متى تبدأ ليلة وقفة عرفة؟...وموعد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واشنطن تعيد النظر في إستيراتيجيتها الشرق أوسطية
نشر في الوسط التونسية يوم 09 - 10 - 2009

بعد مرور أكثر من أربع سنوات على غزو العراق، تغير ميزان القوى الإقليمي على نحو أدى إلى زيادة النفوذ الإيراني، وبطريقة جعلت العديد من دول المنطقة تفكر في تطوير برامجها النووية بشكل ينذر بتداعيات خطيرة على أمن هذه المنطقة ويهدد المصالح الأمريكية فيها، مما يستدعي من واشنطن إعادة النظر في استراتيجيتها في الشرق الأوسط.
هذه هي خلاصة الدراسة الصادرة عن مركز الدراسات الاستراتيجية "Strategic Studies Institute" التابع لكلية الحرب الأمريكية "US Army War College"، والمعنونة ب"التهديدات الإقليمية والاستراتيجية الأمنية: الوضع المقلق حاليًا في الشرق الأوسط" أو "Regional threats and security strategy: the troubling case of today's middle east". وأعد الدراسة "جيمس راشيل" "James A. Russell"" وهو مدير تحرير مجلة رؤى استراتيجية ""Strategic Insight مجلة إليكترونية نصف شهرية تصدر عن مركز الصراعات المعاصرة "center for contemporary conflict" وهو أيضًا يعتبر أحد المتخصصين في شئون الشرق الأوسط وقضايا الإرهاب والأمن القومي.
الشرق الأوسط . مخاطر متجددة
تبدأ الدراسة بتساؤل رئيسي مفاده: هل يتوجب على الولايات المتحدة الاهتمام بالمخاطر التي تهدد أمن منطقة الشرق الأوسط؟ وفى محاولة للإجابة على هذا التساؤل تستعين الدراسة برأي المحلل الاستراتيجي "إدوارد لوتواك""Edward Luttwak" الذي نفى وجود أي ارتباط بين المنطقة والشئون العالمية، ومن ثم فإن هذه المنطقة لا تستحق من وجهة نظره أي اهتمام لا من جانب الحكومة الأمريكية ولا من المجتمع الدولي بصفة عامة. ويدعم "لوتواك" رأيه بأربع حجج رئيسية: أولها أن الصراع العربي الإسرائيلي فقد أهميته الاستراتيجية وصار نزاع داخلي.
ثانيها أن التهديدات العسكرية الإقليمية ليست جوهرية.
ثالثها أن المجتمعات الشرق أوسطية ليس عرضة للتغير السياسي ومن ثم فمن الأفضل تركها وحدها من قبل القوى الخارجية.
أخيراً فإن هذه المنطقة تعد راكدة اقتصادياً وثقافياً بل ومتخلفة وفقاً لمؤشرات التنمية العالمية.
وقد تعرضت وجهة نظر "لوتواك Luttwak " لانتقادات حادة، كان أبرزها التقرير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي مطلع العام الحالي فى جنيف. وقد تنبأ هذا التقرير بالمخاطر التي ستهدد المجتمع الدولي خلال العقد القادم، مؤكداً أن منطقة الشرق الأوسط ستظل المحدد الرئيسي لمدى استقرار الجماعة الدولية، ومن ثم فإن التصدي للمخاطر الموجودة فى تلك المنطقة يعد عاملاً هاماً للحفاظ على الأمن العالمي. وقد لخص التقرير المخاطر النابعة من الشرق الأوسط والتي تمثل بدورها تهديداً للأمن العالمي في الآتي:
1 توقف إمدادات الطاقة أو ارتفاع أسعار النفط، ويطالب التقرير دول المنطقة المنتجة للنفط بزيادة إنتاجها خلال السنوات العشر المقبلة من أجل تغطية الاحتياجات العالمية من هذا المورد من جهة، والحيلولة دون ارتفاع أسعاره من جهة أخرى. وكانت إحصائية صادرة عن وكالة الطاقة الدولية قد تنبأت بزيادة الطلب العالمي على النفط من 84 مليون برميل يومياً عام 2005 إلى 116 مليون برميل يومياً بحلول عام 2030. ومن المتوقع أن تزيد حصة الدول النفطية وتحديداً دول الخليج إلى 44% من الإنتاج العالمي عام 2030 بعد أن كانت 35% عام 2004. ومن ثم فإن الاقتصاد العالمي سيعتمد بشكل كبير على دول الخليج.
2 الإرهاب الدولي، فقد أصبح العراق مصدر جذب للمجاهدين من كل دول المنطقة بل ومن كافة أنحاء العالم، الأمر الذي ألقى بتداعياته السلبية على دول الشرق الأوسط التي تعانى بدورها من عدم الاستقرار. ومثلما انتقل المجاهدون من أفغانستان فى مطلع تسعينات القرن المنصرم إلى مناطق الصراعات فى العالم، صار العراق اليوم تربة خصبة ومرتع للإرهابيين بشكل يهدد باشتعال الاضطرابات فى جميع أنحاء العالم.
3 انتشار أسلحة الدمار الشامل، فيشير التقرير إلى أن المساعي الإيرانية نحو امتلاك السلاح النووي دفعت دول المنطقة من الرباط إلى مسقط إلى إعلان نيتها هي الأخرى فى تطوير برامجها النووية. ومن ثم بعد أن كان ثمة قوة نووية واحدة فى هذه المنطقة وهي إسرائيل، فإن تعدد القوى النووية سينذر بتداعيات خطيرة.
وفى إطار حديثها عن عدم الاستقرار فى الشرق الأوسط وتأثيره على الأمن العالمي، تعزو الدراسة عدم الاستقرار هذا إلى كون المنطقة مازالت تعيد ترتيب أوراقها بعد غزو العراق (الحادث الأبرز فى المنطقة بعد حرب 1967). فقد ساهمت حرب العراق فى تغيير ميزان القوى بالمنطقة، وتزامن ذلك مع وجود مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية التي مثلت بدورها ضغوطاً على النخب الحاكمة فى الشرق الأوسط، وهى:
وجود تحالفات بين الدول الكبرى والفاعلون غير الدوليون، مثل التحالف بين إيران وسوريا وحزب الله وحركة حماس وبعض الميليشيات الشيعية والمنظمات السياسية فى العراق. وقد اعتبر هؤلاء أنفسهم بمثابة قوى مقاومة ناجحة ضد إسرائيل والولايات المتحدة فى فلسطين ولبنان والعراق. ومن ثم فإن زيادة شعبية هذه القوى فى المنطقة مثّل تحدياً جوهرياً للنخب الحاكمة.
خطر المد الشيعي الإيراني بالنسبة للدول السنية فى الخليج والمنطقة بصفة عامة، الأمر الذي دفع هذه الدول إلى إقامة علاقات سياسية متوازنة فيما بينها لملئ الفراغ الناتج عن تدهور النفوذ الأمريكي بالمنطقة.
قطع إيران خطى كبير نحو امتلاك السلاح النووي، مما ساهم فى زيادة قوة طهران الإقليمية التي تعززت بعد غزو العراق، حيث تمارس إيران نفوذاً كبيراً فى الجنوب العراقي.
انتشار الحركات الإسلامية السياسية عبر المنطقة.
توجهات شعوب المنطقة المعادية للولايات المتحدة وإسرائيل.
المعضلة الأمنية فى المنطقة
تشير الدراسة إلى أن طبيعة المعضلة الأمنية بالنسبة لدول المنطقة قد تغيرت نتيجة تغير ميزان القوى. وفى محاولاتها لتفسير مفهوم "المعضلة الأمنية" تتطرق الدراسة إلى الافتراضات التي قامت عليها المدرسة الواقعية فى العلاقات الدولية، إذ تنظر هذه المدرسة إلى النظام العالمي باعتباره نظام فوضوي تسعى خلاله كل دولة لتحقيق مصالحها الذاتية.
ثم تطورت هذه المدرسة إلى الواقعية الجديدة ورائدها "كينيث والتز" الذي أكد أن الدول تسعى لحماية أمنها حتى لو كان ذلك على حساب أمن الدول المجاورة، ولتحقيق هذا الهدف تلجأ الدول إلى تعزيز قدرتها العسكرية والسياسية من خلال الدخول فى تحالفات مع دول أخرى قوية، وأيضاً عبر تطوير قدراتها النووية.
وترى الدراسة أن هذه الافتراضات تنطبق بشكل كبير على دول منطقة الشرق الأوسط، على اعتبار أن البيئة الإقليمية غير المستقرة فى هذه المنطقة دفعت دولها إلى تسليح أنفسهم عبر شراء المعدات والتجهيزات العسكرية، لذلك لم تكن مفاجأة أن أصبحت المنطقة أكبر سوق للأسلحة التقليدية فى الدول النامية. وطبقاً لمؤسسة أبحاث الكونجرس الأمريكي فإن دول المنطقة وقعت عقوداً تقدر ب75.5 مليار دولار لشراء أسلحة خلال الفترة من 1998 إلى 2005.
ورغم أن دول المنطقة أنفقت بسخاء على شراء المعدات العسكرية، فإن ذلك لم يساهم فى دعم القدرات العسكرية لهذه الدول بشكل يصون أمنها ويحميها من الأعداء الخارجيين. ومرد ذلك على حد ذكر الدراسة هو أن هذه الدول باستثناء إسرائيل فضلت توظيف أدواتها العسكرية داخلياً لقمع المعارضين لنظمها، وكان نتيجة ذلك أن أصبح هناك خلل كبير فى العلاقة بين هذه الدول والقوى الأخرى المسيطرة فى المنطقة.
وتمضى الدراسة قائلة أن دول المنطقة فشلت حتى فى التعاون معاً لتوفير أمنها (المنظور التي تقوم عليه المدرسة الليبرالية الجديدة). وتدلل الدراسة على ذلك بعدة أمثلة منها الجامعة العربية التي فشلت فى توحيد دولها لمواجهة المخاطر التي تهددها، وكذلك مجلس التعاون الخليجي الذي لم يفلح فى تعبئة أعضائه ضد أي من إيران أو العراق.
ويبقى الاستثناء الوحيد فى هذا الصدد هو التحالف الإيراني مع النظام البعثي فى سوريا، وكان الغرض منه خدمة الأهداف الإيرانية فى لبنان من خلال دعم حزب الله فى مواجهة إسرائيل.
وتضيف الدراسة أن هذه الاستراتيجية التي اتبعتها أغلب دول المنطقة بتركيزها على أمنها الداخلي دون الخارجي، دفعها على الاعتماد على الولايات المتحدة في توفير الضمانات الأمنية لها. ومن أبرز هذه الدول (مصر والأردن والكويت والبحرين وقطر والإمارات والسعودية) التي لجأت بعض هذه الدول إلى إبرام اتفاقيات تعاون دفاعي أحادى الجانب مع الولايات المتحدة، تلتزم من خلاله أمريكا بالدفاع عن هذه الدول، مقابل السماح لواشنطن باستخدام التسهيلات العسكرية فى الدول المشار إليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.