تونس الصباح: شهدت الساحة الاجتماعية في غضون اليومين الماضيين، حراكا لافتا على خلفية تعطل المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص منذ فترة، بسبب خلافات بين الطرفين النقابي وأرباب العمل.. وعلمت "الصباح" من مصادر قريبة من المفاوضات، أن اجتماعا انعقد أول أمس في مستوى اللجنة العليا للتفاوض، التي تضم الامين العام لاتحاد الشغل، السيد عبد السلام جراد، ورئيس منظمة الاعراف، السيد الهادي الجيلاني، ووزير الشؤون الاجتماعية السيد علي الشاوش، حيث تم التداول بخصوص المسائل الخلافية في المفاوضات المتعلقة بالقطاع الخاص، وهي المسائل التي ظلت عالقة منذ عدة أسابيع.. وحسب المعلومات التي توفرت لدينا، فإن جلسة اللجنة العليا للتفاوض، التي استمرت ما يزيد عن ساعتين من الزمن، نجحت في التوصل إلى تسوية أولية بخصوص هذه المسائل العالقة، من دون أن يعني ذلك وجود توافق في جميع الملفات والاطروحات.. وكان السيد عبد السلام جراد، الامين العام لاتحاد الشغل، التقى أمس مع السيد عبد العزيز بن ضياء، الوزير المستشار لدى رئاسة الجمهورية، الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، حيث تم التطرق إلى المفاوضات في القطاع الخاص.. ووصف الامين العام لاتحاد الشغل اجتماعه بالسيد بن ضياء، ب"المثمر"، على اعتبار أنه وضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بأفق المفاوضات، وهو المسعى الحكومي الذي كان اتحاد الشغل طالب في وقت سابق بتوفره لضمان استمرار التفاوض "بشكل جدي"، على حدّ تعبير النقابيين.. ومن المنتظر في ضوء هذه التطورات، أن تجتمع اللجنة العليا للتفاوض يوم غد الاثنين، لبحث كيفية استمرار المفاوضات في القطاع الخاص، وسط مؤشرات قوية بإمكانية التوقيع على اتفاق بشأن النقاط العالقة، وهو ما سوف يكون بمثابة الاشارة العملية لاستئناف التفاوض في القطاع الخاص.. مسائل خلافية أساسية.. وتتمحور المسائل العالقة بين الطرفين النقابي وأرباب العمل، حول جملة من النقاط، يختزلها بالاساس، الفصل 6 4 من قانون الشغل، المتعلق بمرونة التشغيل، وهو الفصل الذي شهد الكثير من الاخذ والردّ بين الطرفين بسبب تباعد وجهات النظر حوله.. ففيما يرغب الاعراف في الابقاء على الصيغة الراهنة لمرونة التشغيل، طالب النقابيون بوضع آليات لمنع ما يوصف ب"التلاعب" بهذا المحور، خصوصا في ضوء غموض النص التشريعي، وذلك بغاية ضمان استمرارية الشغل وتنفيذ البنود المتعلقة بالعقود محددة المدة، باتجاه ترسيم العامل والحفاظ بالتالي على فرص العمل من التلاشي.. وقال السيد حسين العباسي، الامين العام المساعد لاتحاد الشغل، في تصريح ل"الصباح"، أن الاتحاد يطالب بترسيم أصحاب العقود بعد أربع سنوات من العمل بصورة أوتوماتيكية، من دون أي تأويل للنصوص.. وأوضح أن عقود الشغل محددة المدة، لا بد أن يقع ضبطها وتحديدها حتى لا تكون مجالا لاي "اجتهادات"، خصوصا تلك التي تحاول الالتفاف على عقد الشغل واستتباعاته الملحة، أي الترسيم الفوري.. وأشار العباسي، إلى أن من بين النقاط الخلافية، تلك التي تتصل بساعات التكوين الممنوحة، حيث طالب اتحاد الشغل بأن تكون خالصة الاجر وفقا لمنطوق القانون والعقود المشتركة الموقعة بين الاطراف الاجتماعية، كما طالب بالترفيع في عدد ساعات التكوين للعمال في ضوء تطور العمل وقوانينه وآلياته.. ويطالب اتحاد الشغل من جهة أخرى، بتنزيل الاتفاقية الدولية التي تحمل رقم 135، والتي صادقت عليها تونس مؤخرا، ضمن ظروف العمل النقابي في المؤسسات، وبخاصة مسائل، الخصم من الانخراط، وحماية المسؤول النقابي أثناء توليه المسؤولية النقابية أو بعد فراغه منها، إلى جانب ضمان التسهيلات للمسؤول النقابي صلب المؤسسات، وتخصيص قاعة للعمال والنقابيين، على الاقل ضمن المؤسسات التي تشغّل أكثر من مائتي عامل.. ويأمل النقابيون من ناحية ثانية، القيام بمراجعة الفصلين 28 و29 من مجلة الشغل حول المناولة، التي باتت تمثل تهديدا مباشرا لانماط الشغل القارة في البلاد.. حول الحق النقابي.. وتفيد بعض المعلومات التي حصلت عليها "الصباح"، أن القضايا المتعلقة بالحق النقابي، والتي رغب الاعراف في تعديلها خلال هذه الجولة الجديدة من المفاوضات، على غرار حق الاضراب وتكوين النقابة وغيرها، قد أرجئ التفاوض بشأنها، على أساس أنها من صلاحيات المؤسسة التشريعية وليس من مشمولات المفاوضات الاجتماعية.. وعلمت "الصباح" في هذا السياق، أن وزير الشؤون الاجتماعية، السيد علي الشاوش، قد أقر خلال اجتماعات اللجنة المركزية للتفاوض، وفقا لتصريحات السيد العباسي، عدم مشروعية المفاوضات في طرح الموضوع أو مناقشته، على اعتبار أنه من المسائل التي تعود بالنظر إلى مجلس النواب، خلال مناقشة مجلة الشغل في وقت لاحق.. وقال حسين العباسي، الامين العام المساعد لاتحاد الشغل، أن اللجنة العليا للتفاوض التي ستجتمع يوم غد، ستعطي على الارجح إشارة انطلاق التفاوض في القطاع الخاص إذا ما توصلت إلى توافق نهائي، مشيرا إلى أن "هذه الامكانية باتت متوفرة بنسبة مائوية عالية".. وكانت بطحاء محمد علي، شهدت أمس تجمعا نقابيا وعماليا ضخما، أطلعت من خلاله القيادة النقابية منظوريها على نتائج اجتماعات اللجنة العليا للتفاوض في القطاع الخاص، وتم خلال هذا التجمع الذي حضره مئات النقابيين، رفع شعارات تنادي برفض المناولة وبمراعاة القدرة الشرائية للمواطن.. على صعيد آخر، تقرر في مستوى اللجنة المركزية الخاصة بالمفاوضات في الوظيفة العمومية، انطلاق عملية التفاوض يوم غرة جوان القادم، في ضوء وجود توافق بين الطرفين فيما يتعلق بعديد الامور الترتيبية والقانونية..