ليس غريبا أن تصبح مقولة «إن الغاية تبرر الوسيلة» هي أبرز ما يميز فلسفة السياسة في العالم والعلاقات بين مكونات المجموعة الدولية وخاصة في الولاياتالمتحدة هذه الأيام بمناسبة سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي جسدت بصورة فعلية هذه المقولة حيث كرّست مجددا انتهازية المرشحين من أجل الوصول الى البيت الأبيض. هذه القاعدة أكدها المرشح الديموقراطي باراك أوباما مجددا من خلال تصريحاته أمام لجنة «إيباك» والتي سعى من خلالها إلى كسب تعاطف اللوبي الصهيوني الأمريكي بتعهده بجعل القدس عاصمة موحدة لدولة إسرائيل والحفاظ على هويتها ك«دولة يهودية»، ولم يكف أوباما ذلك بل تعداه إلى اعتبار أمن إسرائيل مقدسا متناسيا أن الدولة العبرية إنما قامت على اغتصاب حقوق شعب كامل سلبت أرضه ومزقت هويته الوطنية بتواطؤ العديد من الدول وعلى رأسها بريطانيا والولاياتالمتحدة وهو ما لا تقره القوانين والشرائع الدولية المختلفة بل ترفض الاحتلال بمختلف صوره واشكاله وتؤكد على حق الشعوب في تقرير المصير وتحقيق السيادة الوطنية غير المنقوصة. الواقع أن مثل هذه التصريحات المنحازة ما هي في نهاية الأمر إلا صفحات من كتاب «الأمير» لماكيافيل ترسخ مرة أخرى مقولة الغاية تبرر الوسيلة في التفاف واضح على الحقيقة وممارسة التمويه والتناسي للقضايا العادلة والتي لا تقبل نقاشا أو تأويلا، وهي تكرس أيضا سياسة المعايير المزدوجة التي ينتهجها السياسيون والادارات المختلفة للبيت الأبيض والغاية كل الغاية فقط كسب مزيد من الدعم المادي والمعنوي لأصوات اللوبيات وأموالهم لضمان النجاح والوصول إلى البيت الأبيض. في الحقيقة إن مثل هذه التصريحات وكل هذا الانحياز للطرف الاسرائيلي على حسب حقوق الشعب الفلسطيني وإن كانت تنسف كل جهود السلام - المتعثرة أصلا - تبعث على التشاؤم بامتياز وتعيد قطار السلام إلى محطة الانطلاق، لذلك وجب على الفلسطينيين اليوم وأكثر من أي وقت مضى الاسراع في توحيد الصفوف ونبذ الخلافات والجلوس إلى طاولة الحوار الوطني الشامل كي لا تضيع القضية وحلم شعب كامل لمواجهة التحديات وأن يعولوا على أنفسهم وليس على قوة خارجية أثبت التاريخ أن وعودها كانت دائما زائفة.