إلى جانب عديد القضايا والمشاكل الهيكلية التي تواجهها الفلاحة والتي استعصى التوصل إلى حلول ناجعة لها زادت ظاهرة السرقات والاعتداءات المتكررة على الثروة الفلاحية من سرقات وعمليات تهريب متكررة للمنتجات والمواشي في تفاقم مشاغل الفلاحين وفي رفع منسوب المخاوف والهواجس لديهم. بعد أن سجلت هذه الجرائم ارتفاعا لافتا ما بعد 2011 بلغ عدد قضاياها العام الماضي أكثر من 1930 قضية مقابل 2208 قضايا في 2012. ليتواصل نزيف اعتداءات السطو على قطيع الماشية لتنخفض إلى حدود التسعة اشهر الأولى من السنة الجارية إلى 555 قضية مسجلة. وبلغت قيمة المسروق من رؤوس الأغنام والأبقار 3 مليون دينار السنة الماضية بما يمثل تهديدا مباشرا للفلاحين في مورد رزقهم واستدامة نشاطهم. وبحكم تأقلم السرقات مع طبيعة مواسم الإنتاج الفلاحي تبرز هذه الفترة مع انطلاق موسم الزيتون تكاثر الاعتداءات على غابات الزياتين التي لم تعد تطال حبات الزيتون فقط بل أصبحت عصابات النهب في السنوات الأخيرة تستهدف قطع الشجرة برمتها ونقلها على متن شاحنات خفيفة لجنيها على مهل على ما يبدو. مخاوف وتحذيرات مثّل ملف السرقات ومظاهر التهريب للثروة الفلاحية أمس محور ندوة وطنية نظمتها النقابة التونسية للفلاحين بالتعاون مع وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري وبحضور ممثلي الوزارات المعنية من داخلية وتجارة ومالية لتدراس الحلول الكفيلة بوضع حد لنزيف الخسائر والأضرار المادية والبدنية التي تلحق بالمنتجين جراء تكرر جرائم الاعتداءات. وسط صيحات استغاثة وفزع للمشاركين من الفلاحين الذين ضاقوا ذرعا بكم الجرائم المرتكبة في حقهم محذرين من حجم المخاطر التي تستهدف استمرارية عديد الأنشطة وتراجع الإنتاج وضرب الاستثمار في غياب مناخ عمل آمن. حول هذا الهاجس تحدث كريم داود رئيس النقابة التونسية للفلاحين ل»الصباح» منبها إلى خطورة الاعتداءات في مظهريها الإجرامي المتعلق بسرقة المواشي والمنتوجات الفلاحية ومن خلال عمليات التهريب التي تضر بالاقتصاد الوطني وبالقطاع الفلاحي مبرزا حالة التوجس والقلق التي تسود المنتجين والتي لا تشجع على الانخراط في الإنتاج من جديد خوفا من التعرض إلى السطو والنهب دون قدرة على استرجاع المسروق من رؤوس الماشية أو من أكياس الزياتين والغلال والخضر حتى معدات الري التكميلي لم تسلم من براثن هذه العصابات مؤكدا ضرورة تكاثف جهود ويقظة الجميع من سلط أمنية وفلاحية وتجارية.. لحماية الفلاحين ومستغلاتهم وتشديد المراقبة والمتابعة بالمناطق الريفية وتعزيز الرقابة على الطرقات للتحري والتثبت من طبيعة المواشي المنقولة ومصادر المنتجات المحمولة بالشاحنات. مطالبا في هذا الشأن التعجيل بتفعيل القوانين الموجودة ومنها قانون 2005المتعلق بتربية الماشية. بالتأكيد على تفعيل مقتضيات الترقيم الإلكتروني للمواشي وتوفير بطاقة تعرف بمنشإ الحيوان وبيان نظام الاسترسال عند نقله من جهة لأخرى والتحري في مصدر البضائع المنقولة، كما دعا إلى تشديد آليات التصدي للذبح العشوائي وتكثيف الفرق الأمنية بالمناطق الريفية وتحسيس الفلاح بضرورة الإسراع بالإشعار والتبليغ عند التعرض لأي عملية سرقة. ويمثل الترخيص في حمل السلاح للفلاحين مطلبا ملحا لتمكينهم من الدفاع النفس وحماية محاصيلهم علاوة على تنظيم أسواق الدواب والأسواق الفلاحية باعتماد البطاقات المهنية للتصدي للدخلاء. وطالب داود بتطبيق الأحكام والعقوبات الزجرية والردعية الصارمة ضد المعتدين. مكافحة التهريب بالنسبة لظاهرة التهريب التي تشكل عبئا اقتصاديا وصحيا على الدولة يتعين تشديد المراقبة والتصدي للظاهرة على الحدود وبالطرقات العامة لما تمثله من تخريب للاقتصاد المنظم. واقترح رئيس النقابة تقنين العلاقات التجارية الحدودية بما يضمن تنظيم التعامل والتبادل في إطار قانوني يحد من نزيف تسريب السلع وتهريب الحيوانات مع ما تحمله من مخاطر أمراض وآفات تهدد صحة المستهلك والثروة الحيوانية. من جهته أبدى وزير الفلاحة سمير الطيب لدى إشرافه على الندوة تفهمه لمخاوف الفلاحين ومربي الماشية مؤكدا العمل على تفعيل القوانين الزجرية المتوفرة وتكثيف الحملات والدوريات للتصدي للاعتداءات بالتعاون الوثيق بين مختلف الجهات المعنية والسلط الأمنية.