كما كان متوقعا تواصل تدحرج كرة الثلج وطالت موجة المطالب والاحتجاجات الجهوية على تردي أوضاع الفلاحين والمطالبة بإيجاد حلول عاجلة لها هذه المرة ولاية باجة، بعد أن تزامن انطلاق الموسم الفلاحي هذا الخريف مع سلسلة من التحركات والاعتصامات في عدد من ولايات الشمال الغربي بكل من الكاف وسليانة وجندوبة . احتجاجات انطلقت منعزلة من حيث رقعتها الجغرافية وفي شكل تحركاتها التي اقتصرت على رفع مضامين ومطالب تهم حدود المنطقة. أكد خلالها مؤطرو الاحتجاجات على الصبغة الخصوصية والطابع الجهوي للمطالب في علاقة بنقص البذور وارتفاع أسعارها والأضرار الناجمة عن تقسيط مياه الري وضعف قيمة التعويضات والمديونية والاشكاليات المترتبة عن تفعيل قانون الاستثمار.. والترفيع من حصص كل جهة من الاعلاف وغيرها من المشاغل.. التي تظل مهما اختلفت في تفاصيلها واحدة آو تكاد. أمام ضغط هذه التحركات واتساع نطاقها لم تجد وزارة الفلاحة والصيد البحري والموارد المائة من سبيل لامتصاص فتيل الغضب سوى التعامل «حالة بحالة» مع المطالب وتخصيص مجالس عمل خاصة بالجهات التي استبسلت في تبليغ أصوات فلاحيها وتصاعدت فيها درجة الضغط. مجالس نظرت في المشاغل والمطالب المطروحة وإقرار جملة من الإجراءات والحلول العاجلة والتعهد بتسوية لاحقة لبعض المسائل والاشكاليات. لا شك أنها حققت جملة من المكاسب لكل جهة غاضبة لكنها تبقى على أهميتها حينية ووليدة الظرف والضغط. في انتظار التسريع بتسوية شاملة لمجمل المشاكل والملفات على صعيد وطني تراعي مشاغل كافة الجهات الفلاحية واستباق بروز أزمات واحتجاجات بولايات أخرى قبل تأزم الوضع من جديد. بمناطق إنتاج تعرف ذات المشاغل والصعوبات لكن صوتها لم يرتفع بعد احتجاجا على تعكر الأوضاع بها. بعد الاستجابة لمطالب الجهات الغاضبة برزت على الخط ولاية باجة، وطالب الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري وعدد من المكاتب المحلية تخصيص مجلس وزاري لإيجاد حلول عاجلة لتردي وضعية القطاع بالجهة من خلال نقص البذور الممتازة والعلف الحيواني ونقص مشاتل الزياتين وتفاقم ظاهرة السرقات وأزمة المديونية... مسائل تستوجب حسب الهياكل المحلية والجهوية للمنظمة الفلاحية إيجاد حلول عاجلة. حراك احتجاجي ينذر بالتوسع لا نعلم إن كان وزير الفلاحة سيتمادى في معالجته بالأسلوب الحالي الذي قد يحل الإشكال بصفة ظرفية لكنه لن يوفر المعالجة الجذرية والحلول الاستراتيجية لأزمات القطاع.