لم تنقطع طوال الأسبوعين الأخيرين أصوات الأولياء المتذمرة والمنتقدة عن الارتفاع احتجاجا على لخبطة نظامي العطل والامتحانات هذه السنة الدراسية بعد أن تحولت عطلة الشتاء المطولة نسبيا والموحدة بين جموع التلاميذ والطلبة إلى مصدر إرباك وإرهاق للولي كما التلميذ. وإلى نقمة بدل متعة وراحة بسبب إرجاء إجراء امتحانات نهاية السداسي الأول إلى ما بعد عطلة الشتاء، في توجه استثنائي وفريد من نوعه في برمجة الفروض والاختبارات إلى ما بعد العطلة، قطعا مع كل النواميس البيداغوجية والتربوية التي تفترض أن تكون العطلة لاحقة لا سابقة لماراطون الامتحان المرهق متوجة للمجهود المبذول في المراجعة والمذاكرة لاستعادة الأنفاس والتمتع بقسط من الراحة الذهنية والبدنية حتى تكون العودة واستئناف الدروس في كنف الأريحية وحسن الاستعداد لخوض الشوط الثاني من السنة الدراسية. لتتحقق الغاية المنشودة من العطل كان يفتر ض الاستمتاع بقضاء جزء هام منها بعيدا عن الكتاب والكراس والحفظ والتمارين وحشو الأدمغة بما يلزم وفي أغلب الأحيان بما لا يلزم ولا يفيد من معلومات ومن محاور تثقل كاهل البرامج وترهق طاقة التلميذ على الاستيعاب والتمكن ومع ذلك يتواصل التشبث بها ويتمادى تلقينها ليجد الممتحن نفسه مجبرا على مجاراة سباق البحث والركض وراء الأعداد والمعدلات للنجاح بدل دعم مكتسباته وتحسين مهاراته التعليمية وإثراء مردوده بما يرسخ في الذاكرة ويثري زاده المعرفي. وهو ما لم يحصل هذه المرة بشهادة عديد الأولياء والتلاميذ الذين قضوا عن مضض وكره معظم أيام العطلة في مساعدة أبنائهم على المراجعة والتأهب لاجتياز الامتحانات التي تمتد روزنامتها على مدى هذا الشهر والانطلاق في سداسية جديدة مطولة ومرهقة رغم ما يتخللها من عطل مجزأة ومصغرة بمعدل أسبوع عطلة بعد خمسة أسابيع دراسة مسترسلة. منظومة عطل أثارت وتثير بدورها جدلا وتضاربا لافتا في المواقف والآراء منذ تبنيها والدخول في تفعيل قرارها بداية السنة الدراسية الماضية، كشف تطبيقها على أرض الواقع كثرة سلبياتها لما ألحقته وتلحقه من تشويش وتشتيت لجاهزية التلاميذ الذهنية والبيداغوجية وإرباك لمردوده بعد كل رجوع في فترة شبه استقرار دراسي سرعان ما يعصف به أسبوع عطلة يرى الكثيرون أنه لا مبرر له. هكذا شاء قدر المنظومة التربوية المرتهنة إلى ارتجالية عديد القرارات والخيارات والتي جعلت من الإجراء المنظم لنظام العطل والامتحانات باكورة ثمار الإصلاح التربوي المنتظر منذ سنوات. للأسف جاءت الثمرة مشوهة ومسقطة على منظومة عليلة زاد المرض بها استفحالا في السنوات الأخيرة رغم الإجماع الحاصل على تشخيص أسبابه وتأثيرها على تردي الأوضاع التربوية وتراجع جودة التعليم ونتائجه، وبرغم انطلاق الحوار المجتمعي حول التربية والتوصل إلى توافق حول مخرجات الإصلاح إلا أن الوضع ظل يراوح مكانه، حتى أن النقطة المشتركة في مستوى الاتفاق حول ضرورة مراجعة الزمن المدرسي وتعديل نسق الدراسة اليومي بقيت حبيسة الرفوف إلى يوم الناس هذا ويبدو أن تطبيقها لن يرى النور قبل خمس سنوات قادمة بحسب تأكيد وزير التربية الحالي حاتم بن سالم، ما يعني هدر وقت طويل آخر في اعتماد منظومة منخرمة، فهل يكون إصلاح ما أفسده خيار نظام العطل والامتحانات الحالي محل مراجعة سريعة وناجعة،وهذا أضعف الإيمان؟