أعاد الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي الجدل من جديد حول التحوير الوزاري بعد تصريحه أمس أنه حان الوقت للتفكير فيه من أجل التقييم وإيجاد الحلول للأزمات المتراكمة لإنقاذ البلاد. ويبدو توقيت ومحفزات الدعوة إلى التفكير في التحوير منطقية إلى حد ما من باب البحث عن ضخ دماء جديدة وحلحلة الوضع المتأزم على أكثر من صعيد لا سيما أن جميع المؤشرات تلوح سلبية بل إنها تتجه إلى مزيد التدحرج ولا ينكر ذلك إلا من لا يريد تأمل الواقع بإمعان . وحقيقة الوضع أن الأزمات مست جل القطاعات تقريبا والبلاد تعيش على وقع تململ وإضرابات طالت البريد والفسفاط والوظيفة العمومية والتعليم بشقيه الثانوي والعالي والصحة وأثرت مباشرة على أوكد اهتمامات التونسي وانشغالاته وفي مقدمتها تعليم أبنائه في ظل مخاوف من سنة بيضاء، زد على ذلك تواصل التحركات الاحتجاجية في الجهات والتي بلغت في شهر جانفي بمفرده 1490 احتجاجا وفقا لما ورد في التقرير الأخير للمرصد الاجتماعي بالمنتدى التونسي للحقوق الإقتصادية والاجتماعية. لقد أصبح الوضع شبيها إلى حد كبير بحالة العطالة أو العطب في البلاد «EN PANNE» وسط غياب الحلول لدى الحكومة وهي قناعة تتأكد يوميا. في المقابل تبدو الصورة ضبابية وتطرح التساؤل إلى اي حد يمكن ان تصمد البلاد والحال على ما هي عليه؟ خاصة وأنه بات من الواضح أن الائتلاف الحاكم -تفاديا لعبارة حكومة وحدة وطنية التي لم تعد ذات معنى على أرض الواقع- انتقل ذهنيا وفعليا إلى مرحلة ما بعد الانتخابات التشريعية المقبلة وكأن المتفق عليه غير المعلن هو تسيير الوضع على ما هو عليه إلى ما بعد 2019. ولعل دعوة اتحاد الشغل إلى التقييم والتفكير في ضخ دماء جديدة في الحكومة تصب في خانة اقتناع الجميع، وفي مقدمتها المنظمة الشغيلة التي كانت لوقت غير بعيد مساندا قويا إن لم نقل وحيدا لحكومة الشاهد، ببلوغ الوضع منتهاه وبجدية المخاوف المطروحة على استقرار الوضع الاجتماعي في البلاد وعليه فقد حان الوقت للتغيير. لكن ما يثير المخاوف مع عودة الحديث من جديد عن التحوير الوزاري هو أن تختزل المسألة في خانة «التنفيسة» المؤقتة والوقوع من جديد في جدل الأسماء المرشحة للتوزير ورغبة هذا الطرف أو ذاك في تصفية حسابات ما ويشغل التحوير الساحة السياسية والحزبية ووسائل الإعلام والرأي العام لفترة من الزمن دون أن يغير ذلك من الوضع المتأزم شيئا يذكر. إن المخاوف جدية حول مستقبل المسار الانتقالي في البلاد والاستحقاقات الانتخابية وإن انطلقت في جزئها البلدي لكنها ما تزال مهددة وأي خطوة باتجاه مزيد إهدار الوقت والدوران في حلقة مفرغة لن يكون في صالح أحد.