نسبة التضخم مرتفعة جدا وهي مرجحة للارتفاع خلال السنة الجارية والوضع الصعب حتم إتخاذ إجراءات مؤلمة هذا ما أكده محافظ البنك المركزي مروان العباسي خلال ندوة صحفية انتظمت أمس بمقر البنك المركزي وبحضور عدد من مديري البنك لتقديم الأسباب التي حفت بالترفيع في نسبة الفائدة المديرية ب75 نقطة لتصعد من 5 بالمائة إلى 5.75 بالمائة. وأبرز العباسي أن تواصل ارتفاع نسبة التضخم التي وصلت خلال شهر فيفري المنقضي إلى حدود 7.1 بالمائة، مشددا على أنها نسبة عالية جدا ومخيفة، حتمت على البنك الترفيع في سعر الفائد المدير على اعتبار أن من أهم مهام البنك هو اتخاذ الخطوات اللازمة للمحافظة على مستوى الأسعار والضغط عليها حتى لا تواصل صعودها إذ أن تضخم الأسعار أخطر على الاستثمار من الترفيع في نسبة الفائدة لدى البنك. وكشف العباسي أن التضخم قد ارتفع إلى مستويات غير عادية إذ كان يترواح بين 2و 3 بالمائة ثم 4 و5 بالمائة وليبلغ اليوم هذه النسبة العالية، وشدد محافظ البنك المركزي أن الترفيع في نسبة الفائدة المديرية كان ضروريا للحد من التضخم والحفاظ على مستوى الأسعار وحتى الضغط عليها وخوفا من الدخول في حالة من الضخم لا يمكن احتواءها أو التحكم فيها. وأشار أن ميزان الدفوعات يشهد عجزا يفوق 10 بالمائة بحجم 10087 مليون دينار بعد ان كان في حدود 4.8 بالمائة في 2010 وبحجم3012 مليون دينار. وأبرز المحافظ أن هذه الأرقام نتيجة حتمية لما يشهده الوضع الاقتصادي العام من تدحرج خاصة وأن التوريد بات أكبر بكثير من التصدير في ظل تراجع تصدير النفظ والفسفاط ومختلف القطاعات التصديرية بالإضافة إلى تقهقر عائدات القطاع السياحي من العملة الصعبة وهو ما دفع ببلادنا للاتجاه أكثر فأكثر نحو التداين، وأكد العباسي أن التضخم كان يمكن ان يكون أعلى من7.1 بالمائة لكن البنك المركزي وبفضل الإجراءات التي قام بها وأبرزها الترفيع في نسبة الفائدة قاوم وصول التضخم إلى مستويات أرفع. وأكد في هذا السياق على وجوب ترشيد التوريد ودفع التصدير والاستثمار لأنه لا تنمية ولا نمو دون إستثمار، وبين أنه رغم استقلالية البنك المركزي الا انه من الضروري التنسيق مع مختلف الجهات المعنية من أجل الضغط على التضخم وعجز ميزان الدفوعات والميزان التجاري ما من شأنه ان يدعم الإستثمار، كل هذا مع وجوب الدفع بمختلف القطاعات الاقتصادية حتى تتحرك وتعود إلى الإنتاج وتقديم قيمة مضافة للاقتصاد. تضخم ب7.2 بالمائة في 2018 ومن جانبها أكدت ريم قلصي مديرة عامة للسياسات النقدية بالبنك المركزي أن تدخلات البنك عبر الترفيع في نسبة الفائدة المديرية مكنت من الضغط على التضخم الذي بلغ 5.1 بالمائة في 2012 بعد ان كان في حدود 3.5 بالمائة في 2011 ووصل إلى 5.8 بالمائة في 2013 وتراجع الى 4.9 بالمائة في 2014 و2015 لينزل إلى 3.7 بالمائة في 2016 وذلك بفضل النظرة الاستباقية للبنك المركزي الذي تصدى للضغوطات التضخمية، وواصلت قائلة ان عودة نسبة التضخم للارتفاع في 2017 إلى 6.4 بالمائة ثم 6.9 بالمائة في جانفي 2018 و7.1 بالمائة في فيفري من نفس السنة جعلت ردة فعل البنك حاسمة و هي الترفيع في نسبة الفائدة المديرية ب75 نقطة ما جعل TMM يتراوح اليوم بين 4.75 بالمائة و6.75 بالمائة بعد ان كان في حدود 5.6 بالمائة. واعتبرت أن التخضم الأساسي، أي ارتفاع أسعار المواد الطازجة وأسعار المواد الغذائية، قد أجج الضغوطات التضخمية هذا إلى جانب تراجع صرف الدينار مقابل العملات المرجعية أي الأورو والدولار وارتفاع أسعار المواد الأولية والمحروقات إلى جانب الزيادات في نسب الأداء على القيمة المضافة ونسب الاداء على الاستهلاك والأداء على التوريد التي جاء بها قانون المالية للسنة الجارية والتي أثرت أيما تأثير على أسعار المواد المعملية والمواد الغذائية المحولة. وكشفت أن نسبة التضخم قد تصل خلال السنة الجارية إلى 7.2 بالمائة على أن تسجل تراجعا متوقعا خلال السنة القادمة 2019. الترفيع مضاد حيوي محمد زكيمة مدير عام تحليل الأسواق أكد أن الترفيع في نسبة الفائدة المديرية جاء في إطار التنسيق مع استراتيجية التنبؤ بالتضخم والاجراء يعتبر بمثابة المضاد الحيوي الذي سيحقق استقرارا على مستوى الأسعار على اعتبار أن التضخم بات تضخما هيكليا وإذا لم نأخذ الإجراءات اللازمة فسندخل في دوامة من التضخم يصعب احتواؤها وهو ما جعل البنك يقر زيادتين في نسبة الفائدة خلال 2017، مبرزا أنه إذا ما تواصل التضخم فإن 2018 ستشهد زيادات أخرى. وختم المدير مؤكدا على مواصلة دعم وتمويل البنك المركزي للبنوك حتى تكون أكثر قوة وتتمكن من مجابهة الوضع الإقتصادي ودعم الاقتصاد. الخروج إلى السوق المالية بشير الطرابلسي مدير عام التصرف في المخزونات والأسواق كشف أن تراجع مخزوننا من العملة الصعبة وبالتالي انخفاض أيام التوريد إلى أقل من 80 يوما يعود الى ان بلادنا تمكنت من مجابهة دفوعات بحوالي 2 مليار دينار حيث استوردت 760 مليون دولار محروقات و100 مليون دولار أدوية. وأشار إلى أن تونس قد نجحت على امتداد السنوات الفارطة في الحفاظ على مخزونها من العملة الصعبة ب90 يوما وأكثر حيث نحجت في اتباع سياسة ماكرو-اقتصادية عقلانية ما جعلها تظهر رغم الوضع الإقتصادي ذات إستراتيجية مالية قوية قادرة على الخروج، بفضلها وبفضل ما انجزته من اصلاحات هيكلية، إلى السوق المالية الدولية أواخر مارس الجاري. وفي ذات الصدد ختم مروان العباسي محافظ البنك المركزي بأن النقاشات والمفاوضات بشأن صرف القسط الثالث من قرض صندوق النقد الدولي متواصلة على أن تمر بلادنا أمام مجلس إدارة صندوق النقد يوم 23 مارس الجاري.