لعل ملف أبناء الزواج المختلط بعد طلاق الوالدين وما يثيره من أزمات اجتماعية وأسرية ونفسية وحتى السياسية والقانونية والديبلوماسية من أهم الملفات –اليوم- التي تشغل العديد من الاسر التونسية.. لا سيما أن الكثير من الحالات غالبا ما تنتهي بحرمان الآباء من أبنائهم سواء كان ذلك عن طريق ضغوط ديبلوماسية من السفارات أو عن طريق عصابات مرتزقة تعمل لصالح الامهات الأجنبيات، ليبلغ عدد ابناء الزواج المختلط الممنوعين من السفر في تونس والذين تم تسفيرهم بطرق غير شرعية 50 طفلا وهو رقم في غاية الخطورة والحساسية يتطلب من جميع السلط المعنية الانتباه ومراجعة الامور بكل جدية.. ذلك ما أكده رئيس جمعية «جسور» ظافر بالطيبي أمس بأحد النزل في العاصمة خلال ندوة صحفية تحت عنوان «تهريب أطفال ممنوعين من السفر عبر معبر ببوش الحدودي». لقاء حضره ثلة من الإعلاميين وممثلو المجتمع المدني وأحد المتضررين (وجدي اللوز) الذي تحدث عن تفاصيل معاناته المتمثلة في حرمانه من بنتيه واللتين تم تسفيرهما عبر المعبر الحدودي «ببوش» بتواطؤ من أمنيين ومهرب. وقد تم توزيع ملف شمل كل حيثيات الواقعة، والذي بمجرد تصفحه يتبين لك منذ الوهلة الاولى مدى أهمية التفاصيل الموجودة بالأثر والحجج الدامغة عن تورط المتهمين من أمنيين و»كناطرية».. ويجعلك تتساءل : لم كل هذا التأخير في محاسبة الجناة؟ تفصيل قانوني محامي المتضرر بين أن تونس اليوم تشتكي العديد من النقائص في جل القطاعات وأن قاضي التحقيق بصدد النظر في مئات الملفات سنويا (من 300 الى 500 قضية) لكن «ملفات الفساد الكبرى مهما كان تفشيها تبقى من مشمولات الدولة والمواطن لا حول ولا قوة له في ظل التعتيم والمماطلة.. أما مسألة تشكيل وفاق من اجل التسفير بطرق غير شرعية فقد يصل الحكم على الجناة فبها الى 12سنة سجنا وهو ما لم يقع تطبيقه الى اليوم رغم الرسائل التي وجهت إلى رئاسة الحكومة وأن الملف بعهدة القضاء».. أين الكرامة؟ من جهته تساءل نزار طازني (ناشط سياسي) وهو قريب للمتضرر قائلا: «أين وعود رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بحفظ كرامة المواطن وحماية حدودنا.. ألم يعدا التونسيين بمحاربة الفساد في اجتماع وثيقة قرطاج وغيره من الاجتماعات؟.. ألا يكفي هجرة الأطباء والأساتذة والجامعيين الى الخارج؟ أم نحن في طريق اللامبالاة أمام موضوع شائك وخطير كتهريب الأطفال؟». ليختم تدخله بأنه «لولا تميز الجنسيات الاخرى على الجنسية التونسية لما تجرأت الأم على حرمان الأب من فلذات كبده وحرمت البنتين من عاطفة الأبوة».. رئيس الجمعية بدوره في نهاية اللقاء أوضح أن جمعية «جسور» تعرضت لحالات متعددة وكشفت تفاصيلها في ندوات سابقة، غالبا ما كان فيها المتهمون زوجات أجنبيات استعن بسفاراتهن ليتم الضغط على السلطات عن طريق السفراء في حين أن حالة المعني بالأمر (وجدي اللوز) والذي كان موجودا في لقاء أمس كانت أخطر بكثير لان ابنتيه محجر عنهما السفر ورغم ذلك تم تهريبهما عن طريق الارتشاء والوفاق «الإجرامي». ثم إن المماطلة وجلب الملف من محكمة أريانة الى محكمة نابل يطرح العديد من التساؤلات بل يدعو الى الحيرة ..الى متى استمرار مثل هذه الممارسات في مثل هكذا ملفا؟ الأمل ان تحمل الايام القادمة رسائل ايجابية من السلط القضائية خاصة وان الامر يتعلق بأطفالنا.