تحولت «الصباح» امس الى معتمدية الشابة ومنها الى منطقة «الهنيات» التي تبعد عن ملولش حوالي 14 كلم.. ثم توغلت في مسالك فلاحية للوصول لعائلات ضحايا ومفقودين واهالي الناجين في حادث غرق مركب الصيد بسواحل جربة حيث امتزجت الدموع بفرحة الناجين الخمسة من موت محقق... وخيم الحزن على المنطقة... فالبعض كان يتقبل تعازي المفقودين قبل العثور على جثثهم في حين كان افراد عائلتي المرحومين رمزي وحسين بصدد انتظار حلول جثمانيهما اللذين تأخرا بسبب اخضاعهما للتشريح... سويعات مرت على افراد العائلتين لحين وصولهما اثر صلاة العصر... وبمسجد «الهنيات» اقيمت صلاة الجنازة قبل تأبينهما ومواراة جثمانيهما الطاهرين باحدى المقابر في جو مهيب وخاشع.. «الصباح» التقت ايضا بالناجي حسن الحاج عمر مساعد الرايس فتحدث الينا بصوت متهدج ومتقطع.. لقد كنا ننتظر موعد حلول الافطار (لأيام شوال) حين داهمتنا امواج متلاحقة تسببت في حصول الكارثة.. في تلك الاثناء تفطن الينا عدد من البحارة فحاولوا انقاذنا ليكتب اللّه لنا عمرا جديدا... ثم وفي مرحلة لاحقة تولوا انتشال الجثث. تفاصيل عن الحداثة الفاجعة هزت الاوساط البحرية مساء يوم الخميس 9 اكتوبر على سواحل جربة تسببت في هلاك بحارين في حين نجا خمسة منهم بأعجوبة وبقي ستة بحارة في عداد المفقودين.. تفاصيل هذه الكارثة التي تابعها الرأي العام منذ فجر يوم الجمعة واكبتها «الصباح» انطلاقا من ميناء الصيد البحري بصفاقس.. وعلمنا أن المركب البحري «علي كعنيش» قد غادر سواحل صفاقس يوم 5 اكتوبر اي في اليوم الخامس من عيد الفطر في حدود الساعة الخامسة والنصف تقريبا كان فريق العمل يعمل بكل نشاط على ظهر المركب وتحديدا بسواحل جربة فباغتتهم أمواج متتالية لم تستمر سوى ثوان معدودة تسببت في غرق المركب المذكور جراء الرياح العاتية و«النو». وصول الجثث في حدود الساعة الرابعة مساء يوم امس الاول وصل المركبان «سعيد» و«أحمد سمير» يقلان على ظهريهما جثتي الضحيتين والخمسة بحارة الناجين فكان المشهد جد مؤثر بعد ان احتشدت جموع غفيرة من اهالي الضحايا والمفقودين وافراد عائلاتهما البحارة اللذين كتب لهما اللّه عمرا جديدا... مركبان تفطنا لغرق «البلانصي» وفي خضم كل هذه المشاهد المؤثرة والصور الدرامية والاجواء التي خيم عليها الحزن دنونا من البحارة الناجين وهم على التوالي: محمد بن فرج مساعد «الرايس» وحسن بلحاج وحبيب هنية وعبد الرزاق العموري شهر «رزيق» وفوزي بن فرج... فحدثونا بمرارة وحرقة وألم لفراقهم لزملائهم رغم الحالة النفسية التي كان عليها جميعهم فهالتنا تصريحاتهم التي شددوا على ذكر تفاصيلها مع نشر الوقائع الحقيقية لهاته الكارثة التي كانت ستودي بحياتهم جميعا لولا تفطن بحارة كانوا على ظهر مركبي «سعيد» و «أحمد سامي» المركب الذي غمرته مياه البحر في ظرف لم يتجاوز الثواني قبل ان يغرق وتم الاتصال بالنجدة وبأعوان الحرس البحري. ورغم كل العوائق والصعوبات ورداءة الطقس وخطورة كل تلك المواقف جازف كل من كان على ظهر مركبي «سعيد» و«أحمد سامي» دون أن يأبهوا بتلك الامواج العاتية فخاطروا بحياتهم وبفضل ما أوتي من جهد وما منه الله من ارادة قوية وعزم على التحدي لانقاذ ما يمكن انقاذه تمكن البحارة الذين تسلحوا بالصبر وبرباطة الجأش من انقاذ حياة خمسة بحارة وانتشال جثتي «رمزي الحمروني» و«حسين بن حمدة بن مسعود». البحارة يواصلون عملية البحث بعد ان يئس البحارة الذين حملوا على عاتقهم مسؤولية مواصلة البحث عن المفقودين الستة وهم: خالد هنية وفيصل بن المولدي بن خليفة وشكري هنية وحمودة هنية وعلى العمري... شدوا رحالهم في اتجاه صفاقس بعد ان نقلوا الجثتين والناجين على متن مركبيهما».