ساعات قليلة فصلت بين الاعلان عن الفوز التاريخي للسيناتور باراك أوباما بسباق الانتخابات الرئاسية وبين السباق الجديد لتشكيل الحكومة الامريكية المرتقبة في خضم توقعات بان الاولوية ستكون لتشكيل فريق المالية للخروج بالبلاد من اسوا ازمة مالية تواجهها منذ عقود حتى ان دايفيد غرين المحلل السياسي لشبكة سي ان ان واحد مساعدي الرئيس ريغن ثم كلينتون اعتبر ان هذه المرة الاولى التي يكون فيها اختيار وزير المالية بنفس درجة الاهمية في اختيار وزير الخارجية للادارة الامريكية. وقبل حتى ان تزول الاجواء والمظاهر الاحتفالية التي رافقت تغييرالمشهد السياسي الذي عاش على وقعه الامريكيون ومعهم العالم في احدى اكثر السباقات الانتخابية اثارة بدات ملامح المعركة القادمة في تحديد المناصب الجديدة والبحث عن الشخص المناسب في المكان المناسب في حكومة الرئيس الرابع والاربعين للولايات المتحدة لتكشف عن بعض الوجوه المرتقبة التي ستنضم الى فريق أوباما وذلك قبل ستة وسبعين يوما على موعد ادائه اليمين الدستورية وتوليه منصبه رسميا في العشرين من جانفي المقبل موعد تدشين الرئيس أوباما وعائلته مقر البيت الابيض خلفا للرئيس جورج بوش بعد ولايتين رئاسيتين كانتا ولاتزالان محور جدل مثير فيما يتعلق باداء الرئيس المتخلي داخليا او خارجيا... على ان الكثيرين يتساءلون عن الوجوه التي سيعتمد عليها الرئيس الجديد خلال السنوات الاربع القادمة خاصة وان أوباما قد لجأ الى الاستعانة بنحو سبعمائة مستشار في مختلف الميادين خلال حملته الانتخابية وان ثلاثمائة على الاقل من هؤلاء مستشارون سياسيون.. ولعل اول ما يلاحظ بشان الاسماء التي ترددت حتى الان ان اغلبها من اعوان واطارات الادارة السابقة للرئيس كلينتون بل ان الفريق الانتقالي للرئيس أوباما يضم جون بوديستا الامين العام للبيت الابيض في عهد الرئيس كلينتون وفاليري جاريت مستشارة أوباما وبيتي روس مديرة مكتب أوباما سيناتور الينوي ومن بين ابرز المشتشارين السياسيين دافيد بلوف مدير حملة أوباما الانتخابية ودافيد اكسيلرود كبير الاستراتيجيين ورئيسي فريق الاتصالات الذي يضم روبيرت غيبس ودان بفيفرالى جانب جانيت نابوليتانو وزيرة التجارة في عهد الرئيس كلينتون ايضا وويليام دالي وزير النقل والطاقة في حكومة كلنتون ايضا... على طريقة ساركوزي و قد لا يكون من المفاجاة في شيء ان يرتبط اول اعلان للرئيس الامريكي الجديد وهو يبدا تشكيل حكومته الجديدة بالكشف عن المسؤول الاول لكبير موظفي البيت الابيض وهو رام ايمانويل عضو الكونغرس عن ولاية الينوي واعلان أوباما هذا الخيار بعد وقت وجير من اعلان فوزه في الانتخابات انما يعزز التقارير التي كشفت في خضم الحملة الانتخابية بان تشكيل حكومة أوباما امر سبق نتائج الانتخابات بوقت طويل رغم اجماع اغلب المراقبين الامريكيين على ان سباق تشكيل الحكومة سيكون السباق الاعسر الذي قد يفوق السباق الى البيت الابيض نفسه وبهذا الخيار يكون أوباما قد لجأ الى احد الوجوه السياسية المعروفة في شيكاغو واختار صديقا مقربا منه وان كان يختلف معه في طريقة عمله وادائه حيث يعتبر ايمانويل من المتصلبيين الذين لا يتخلون عن ارائهم ببساطة.. ولعل في مناورة اسرائيل بالترحيب بهذا التعيين ما يلف بعض جوانب هذه الشخصية ولا سيما جذور ايمانويل الذي يحمل الجنسية الاسرائيلية وكان ينتمي الى مجموعة صهيونية متشددة، وبالاضافة الى ما يعنيه هذا المنصب من اهمية سيما انه يتعلق باكبر موظفي البيت الابيض فان ايمانويل يعد من ابرز مساعدي الرئيس كلينتون قبل ان يتحول الى عالم البنوك والاستثمار ثم ينجح في دخول الكونغرس ممثلا عن شيكاغو وقد تراس في 2006 اللجنة المسؤولة عن حملة الديموقراطيين وظل على الحياد في المعركة الحاسمة والتنافس المتفاقم بين المرشحين الديموقراطيين هيلاري كلينتون وباراك أوباما. أوباما الذي بدا يومه الاول بعد الفوز بالانتخابات بتلقى اول التقارير من كبار مسؤولي الاستخبارات الامريكية يتهيا في نفس الوقت للتعود على حياته الجديدة في البيت الابيض ويعكف مع الفريق المكلف بالاعداد للمرحلة الانتقالية لتحديد الاولويات لمواجهة تحديات المرحلة القادمة بكل ما تحمله من ارث مثقل بالازمات والاهتزازات التي سيضطر لتحملها عن سلفه... وفي خضم الازمة المالية التي تعيشها الولاياتالمتحدة فان منصب وزير المالية الجديد في حكومة أوباما يعد اوكد الاولويات بالنسبة له ومن المنتظر ان يسبق الاعلان عن الفريق الاقتصادي للادارة الامريكية الاعلان عن بقية الفرق الاخرى ومن الاسماء المرشحة للمالية لورانس سامرز وزير المالية السابق في ادارة الرئيس كلينتون وتيموتي غيتر رئيس البنك الفيدرالي الاحتياطي بنيويورك. وفيما تتجه الانظار الى الفريق الامني الجديد للرئيس أوباما فان التكهنات تتجه الى اعتماد الرئيس الجديد طريقة ساركوزي في منح حكومته المرتقبة وجها ممتزجا بين الديموقراطيين والجمهوريين حيث يرجح ان يطلب أوباما من وزير الدفاع روبير غيتس الاحتفاظ بمنصبه في هذه المرحلة خاصة في خضم التحديات المقبلة في الملفين العراقي والافغاني الا ان مصادر اخرى اثارت اسمتساك هاغل لخلافة غيتس وهو جمهوري ممثل عن ولاية نبراسكا ويحظى باحترام الديموقراطيين وهو يعد من ابرز معارضي الحرب على العراق. ويعتبر الملاحظون انه اذا لم يختر أوباما سوزان رايس مسؤولة للامن القومي فان ذلك سيكون بمثابة صفعة حادة للمراة التي عملت مع الرئيس كلينتون والتي حددت معالم سياسته الخارجية طوال حملته الانتخابية. اما بالنسبة للسيناتور هيلاري كلينتون التي فشلت في اقتلاع ورقة الترشح باسم الحزب الديموقراطي والتي قدمت مع وزجها دعمها لأوباما فان بعض المصادر المقربة من أوباما تلمح الى منحها حقيبة الصحة الا ان نفس المصادر غير متاكدة من امكانية قبول السيناتور كلينتون لهذا المنصب. في المقابل تبقى حقيبة الخارجية وهي من المهام المثيرة للاهتمام في أية ادارة امريكية فان من ابرز الاسماء المرشحة لهذا لمنصب الديموقراطي جون كيري منافس الرئيس بوش في الانتخابات الرئاسية السابقة يليه ريشتارد هولبروك وبيل ريتشاردسون. ويسعى الملاحظون الى المقارنة بين ظروف صعود أوباما وبين صعود فرانكلين روزفلت في خضم ازمة 1933 المالية... ومع انه لا يمكن حسب البروتوكولات المعمول بها للرئيس الامريكي المنتخب باراك أوباما اتخاذ أية قرارات قبل توليه منصبه رسميا خلال عشرة اسابيع فانه بامكانه ان يتلقى في المقابل برقيات التهاني التي تصله من مختلف انحاء العالم وان يواصل في المقابل من مقره في شيكاغو جهود تشكيل الحكومة المرتقبة بمساعدة الفريق الانتقالي الذي تطغى عليه خيارات ادارة الرئيس كلينتون بما يمكن ان يثير التساؤلات حول امكانيات واحتمالات انضمام الرئيس السابق بيل كلينتون الى ادارة أوباما خاصة اذا رفضت السيناتور هيلاري تقلد حقيبة اصلاحات القطاع الصحي... في المقابل يبقى ما يمكن ان تجلبه ميشال أوباما سيدة امريكا الاولى من تغييرات مرتقبة داخل البيت الابيض بدوره محل جدل في مختلف الاوساط الاعلامية الامريكية التي بدات تبحث عن دور للمحامية الشابة التي رافقت زوجها في مسيرته السياسية قبل بضع سنوات ويبدو انه كما فرضت لورا بوش ذوقها على مقر البيت الابيض بعد انتقاداتها العلنية لهيلاري كلينتون ولذوقها المتدني في اختيار الالوان والاواني فان الظاهر ان سيدة البيت الابيض الجديد قد تتجه بدورها الى فرض ميولاتها على البيت الابيض وربما اضافة بعض ما يفتقر اليه من مرافق في ظل تركيبة عائلتها ووجود طفلتين وكلب مدلل فيه بالاضافة الى ميولات سيد البيت الابيض الجديد في ممارسة كرة السلة خلافا لمغادر البيت جورج بوش المغرم برياضة الغولف..