باحت الدورة الحالية لعدول الاشهاد بنتائجها وقد تحصل الاستاذ كمال بن منصور على المرتبة الاولى في الفوج وهو من مواليد 5 جوان 1986 بالشابة ومتحصل على الاستاذية في الحقوق من كلية الحقوق بسوسة: فكان لنا معه هذا اللقاء: * وانت صاحب المرتبة الاولى خلال هذه الدورة لعدول الاشهاد؟ نعم والحمد لله، تحصلت خلال الفترة التكوينية لعدول الاشهاد بالمعهد الاعلى للقضاء على معدل 20/13,39 واحرزت على المرتبة الاولى. * هل تحدثنا اكثر عن مهنة عدالة الاشهاد في تونس؟ ان عدالة الاشهاد في تونس تسهر على خدمة مرفق التوثيق الرسمي، وهي من المهن القضائية المساعدة للقضاء، فعدل الاشهاد بوصفه مساعدا للقضاء هو مأمور عمومي مختص في تحرير الحجج الرسمية من عقود بيع وهبة ومقاسمة ومعاوضة وعقود زواج واجراء الاستجوابات وتلقي التصريحات وتحرير الفرائض وغيرها.. فمثلما يختص القضاة في النظر في النزاعات والفصل فيها، يختص المحامون في الترافع في القضايا ويختص عدول التنفيذ في تنفيذ الاحكام ويختص عدول الاشهاد في تحرير العقود والحجج الرسمية. * هناك جيلان من عدول الاشهاد في تونس، أليس كذلك؟ نعم، فيما مضى كانت مهنة الاشهاد توكل بمقتضى تراخيص لبعض المشائخ وخاصة منهم اساتذتنا الاجلاء خريجي جامعة الزيتونة والصادقية وكانوا يتولون تحرير العقود، ولازال البعض منهم يمارس مهنة الاشهاد الى الان، الا ان تدخل المشرع التونسي سنة 1994 نظم مهنة عدل الاشهاد ونفض الغبار عنها، وجاءت ارادة التشريع واضحة في تطوير المهنة التي اصبحت تشترط وجوبا لممارستها حصول عدل الاشهاد على الاستاذية في القانون مع نجاحه في مناظرة الالتحاق بالمهنة في صورتيها الكتابية ثم الشفاهية مع اجراء تربص تكويني بالمعهد الاعلى للقضاء الذي يتخرج منه عدل الاشهاد بعد حصوله على شهادة تأهيل للمهنة. * كيف كانت فترة التربص بالمعهد الاعلى للقضاء؟ كانت فترة صعبة وممتعة، فهي بالضرورة صعبة لاهمية وجدية التكوين بالمعهد الاعلى للقضاء سواء كان نظريا او تطبيقيا ولان عدل الاشهاد هو مساعد للقضاء، فمروره بالمعهد الاعلى للقضاء ينمي فيه اولا واساسا هذا الشعور بانتمائه للاسرة القضائية الموسعة، وباعتبار عدل الاشهاد مختص في تحرير الحجج الرسمية فانه يتلقى تكوينا قانونيا وعمليا شاملا في مجال اختصاصه اذ ان تحريرات عدالة الاشهاد متنوعة وتشمل العقود العقارية وعقود الشركات والعقود المتعلقة بالاحوال الشخصية وعقود الزواج او تحرير الفرائض وغيرها، لذلك كان الساهرون على تكوين عدول الاشهاد في منتهى الجدية الى حد الصرامة حتى نستفيد من كل المواد وبلغ عددها 14 مادة درسناها خلال 6 اشهر علاوة على التربص بمكاتب عدول الاشهاد والزيارات الميدانية الى المؤسسات التي نتعامل معها بطبيعة مهنتنا كادارة الملكية العقارية او المحكمة العقارية وغيرها، ورغم ان الفترة التكوينية تميزت بصعوبتها الا انها ايضا كانت شيقة وممتعة، خلالها جمعنا المعهد الاعلى للقضاء بزملاء واساتذة وقضاة محترمين فقضينا فترات ممتعة مع بعضنا البعض واستفدنا من تجارب الاخرين. صرنا اصدقاء، سواء جمعت هذه الصداقة بين متربصي فوجنا التاسع لعدول الاشهاد او بيننا وبين زملائنا متربصي عدول التنفيذ او زملائنا الملحقين القضائيين. والسادة الاساتذة الافاضل والقضاة السامون الذين درسونا كانوا لنا بالفعل خير سند وكنا نلقى منهم كل النصح والمؤازرة. * قلت لي انكم تجرون تربصا تكوينيا بمكاتب عدول الاشهاد، كيف كان هذا التربص؟ هي تجربة بالغة الاهمية اذ ان التكوين النظري بالمعهد الاعلى للقضاء في صباح كل يوم كان مشفوعا بتكوين عملي ومهني نتلقاه مساء كل يوم بمكاتب الاساتذة عدول الاشهاد. وقد عشت فترة التربص التكويني هذه بكل ما فيها من ممارسة لواقع مهنة الاشهاد وخضت فيها غمرة الممارسة الحقيقية لمهنتي قبل ان اباشرها في الواقع. وكانت فرصة سجلتها بحروف من ذهب تعايشت فيها مع الحرفاء ومع الزملاء ومع الادارة واستعملت آليات المهنة وتقنياتها وتعلمت الكثير خلال هذا التربص التكويني. * هل وقفت خلال هذه الفترة على بعض صعوبات قطاع مهنة الاشهاد؟ بالفعل، قد لا يخلو اي قطاع مهني من بعض الصعوبات او المشاكل، وربما مهنة الاشهاد في تونس ومنذ تنظيمها سنة 1994 صارت تحتاج اليوم الى تدخل تشريعي خاصة بعد مرور13 سنة من الانطلاق الفعلي لمهنة عدالة الاشهاد ولا يزال القانون المنطبق عليها هو ذاته القانون المنظم للمهنة او المحدث للمهنة دون ادنى تنقيح. كما ان انخراط بلادنا في مجتمع المعلومات ونحن على وقع متغيرات عالمية كبرى فانه لابد من مزيد النهوض بمهنة الاشهاد والتخفيف عنها من اعباء ثنائية الدفترين والعدلين وكثرة الرقابة عليها والتفكير في واقع جديد لمرفق التوثيق الرسمي في ظل غزو للعقد الالكتروني والمعاملات عن بعد وكثرة الشركات وتكاثر العلاقات التعاقدية بين الناس مما يدعونا الى الاطلاع على تجارب بقية الدول وهو ما ذهبت اليه غرفة عدول الاشهاد بتونس.