تمكّنت وحدات الإنقاذ التابعة لديوان البحرية التجارية والموانئ من إنقاذ سفينة تجاريّة جنحت شرق سواحل جزيرة قرقنة وذلك دون أيّ ضرر للسفينة وجميع تجهيزاتها وطاقمها وحمولتها وبدون ضرر على البيئة والمحيط البحري فجر الثلاثاء 2 ديسمبر 2008. وتعود تفاصيل هذه الحادثة إلى تاريخ 11 نوفمبر 2008 إثر جنوح السفينة "رشا ستار" (RASHA STAR) حاملة الراية المالطية والبالغ طولها 107 أمتار والمحمّلة ب6.600 طنّ من الذرة، وفي الإبّان تمّ إرسال وحدات تدخّل تابعة لديوان البحرية التجارية والموانئ على عين المكان لمتابعة تطوّر أحداث جنوح السفينة والتدخّل عند الإقتضاء. وبتاريخ 14 نوفمبر 2008 تلقّت إدارة ميناء صفاقس من مجهّز السفينة "رشا ستار" طلبا رسميّا لإنقاذ السفينة المذكورة، وعلى إثره تمّ تفعيل المخطّط العاجل للتدخّل والإنقاذ حيث تحوّل الجرّار البحري «سيفاكس» التابع لديوان البحرية التجارية والموانئ بكامل طاقمه إلى موقع جنوح السفينة "رشا ستار" وانطلق في محاولة سحب السفينة نحو الإتّجاه المعاكس لجنوحها مع الإستعانة بمحرّكها الرّئيسي مستفيدا من حركة المدّ الأقصى للبحر في هذه المنطقة. إلاّ أنّ هذه المحاولة لم تثمر بالرّغم من التعزيز بالجرّار البحري «ابن مهري». ودعما لإمكانيّات الجذب الذاتيّة لميناء صفاقس الموجودة على عين المكان وتنفيذا للفصل الأوّل من سيناريو الإنقاذ الّذي أعدّته هياكل الديوان مسبّقا، تمّ الإستنجاد بجرّار بحري ثالث من ميناء بنزرت (بطاقة 3600 حصانا بخاريا) وحال وصوله إلى موقع الجنوح زوال يوم 15 نوفمبر انطلق في مناورات الجذب صحبة الوحدتين البحرييتين للديوان وتحت إشراف لجنة الإنقاذ والمركز المتقدّم للتدخّل. وعلى امتداد ستّة أيّام كاملة تمّ تخصيصها لتوفير جميع الإمكانيّات وإعداد كلّ الظروف التقنية من جهر للأعماق المحاذية للسفينة وسيرها بصفة مسترسلة، ودراسة حركة المدّ والجزر وإمكانيّات الإستفادة منها في ظروف مناخيّة قاسية ومتردّية حيث بلغت قوّة الرياح قرابة 80كلم في الساعة. إلاّ أنّه ومباشرة عند الإنتهاء من التحضيرات المذكورة ولدى شروع فريق التدخّل في عمليّات سحب السفينة رفض ربّانها قطعيّا كلّ عمليّات السحب أو الدّفع متعلّلا بتقدّم سنّ السفينة البالغ 31 سنة والحالة المتردّية لهيكلها والّتي لا يمكن لها تحمّل قوّة الجذب. سيناريو ناجح وأمام هذه الوضعيّة قرّرت الإدارة العامة لديوان البحرية التجارية والموانئ وبالتشاور مع الأطراف الممثّلة للسفينة المرور إلى السيناريو الثاني الّذي أعدّ منذ بداية العمليّات ليكون بديلا في حالة تعثّر عمليّات المساعدة والإنقاذ بوسائل الجرّ، والإلتجاء إلى طريقة تنقيص حمولة السفينة في عرض البحر على متن سفينة ثانية حتّى تتمكّن من الطفو. وحال الإتّفاق بين جميع الأطراف تمّ تفعيل هذا السيناريو وانطلقت التحضيرات اللّوجيستيّة للقيام بهذه العمليّة في كنف السلامة حيث تمّ كراء سفينة يتمّ فيها تفريغ جزء من حمولة السفينة الجانحة، فتوفير مصاصة حبوب بطاقة 100 متر مكعّب في الساعة ونقلها إلى موقع الجنوح، وتوفير الواقيات المطاطيّة لإمتصاص الصدمات لمسافنة السفينتين دون أضرار. وفي زمن قياسي تمّ تسخير وتعبئة جميع الطاقات والإمكانيات لتنفيذ هذه العملية في عرض البحر. ومع مساء يوم 29 نوفمبر وبعد نجاح عملية إرساء السفينتين جنبا لجنب والتأكّد من سلامة الموقف بدأت عمليّات امتصاص كميّة 1200 طنّا من الذرة من عنابر السفينة الجانحة وتفريغها على متن السفينة الثانية بالرغم من العوامل المناخية الصعبة الّتي شهدتها سواحلنا خلال نهاية الأسبوع المنقضي. وقد استمرّت هذه المحاولة على امتداد قرابة يوم ونصف وإلى حدود طفو السفينة "رشا ستار"، أنذاك تمكّن الجرّار البحري من سحبها إلى عرض البحر بدون أيّ ضرر للسفينة وجميع تجهيزاتها وطاقمها وكذلك حمولتها وخفرها إلى ميناء صفاقس التّجاري الّذي أرست به في حدود الساعة الثانية من فجر يوم الثلاثاء 2 ديسمبر.