تونس الصباح: تزايدت في الاونة الاخيرة حوادث المرور معظمها نتيجة المخالفات المرورية الخطيرة التي يرتكبها سائقو السيارات. هذا الموضوع على حدته وتشعبه وعمق أبعاده ما يزال للاسف يطرح عدة اشكاليات مع تواصل النتائج السلبية لحوادث الطرقات كما ونوعا وبالتالي تواصل الفواجع والضحايا في الارواح والجرحى فضلا عن الخسائر المادية. وفي كل حادث مروري قاتل عادة ما تتبادر إلى الذهن أسئلة محيرة لكنها متكررة على غرار لماذا لا يتم فتح ملف ظاهرة حوادث الطرقات في تونس بجرأة وطرح حلول أكثر نجاعة ولو كانت قاسية ومؤلمة للبعض حتى نوقف نزيف الارواح والخسائر أو التقليل منها للحد الادنى؟ ولماذا لا يتم تشديد العقوبات على المخالفين والترفيع في الخطايا، والاهم الصرامة في تطبيق أحكام مجلة الطرقات؟ صحيح أنه مهما تعددت أوجه معالجة ملف حوادث الطرقات لا يمكن ضبطها أو وقفها نهائيا لكن المتأمل في الموضوع يرى دون شك أن حزمة التشريعات والقوانين المتعلقة بمجلة الطرقات خصوصا منها ذات البعد الوقائي الردعي رغم أهميتها في حاجة ماسة إلى المراجعة الدورية. فقد بات من الضروري اليوم وأمام تنامي أسطول السيارات وكثرة حوادث المرور وبالاخص كثرة مخالفات الطريق لعدة أسباب منها ما يرتبط بدرجة أولى بسلوكات سائقي السيارات على الطريق وبدرجة أقل أسباب موضوعية قد تكون متعلقة أساسا بحالة الطريق أو لعوامل طبيعية. لكن المهم هو أن نسبة كبيرة من حوادث المرور تعود لاخطاء بشرية كتعمد مخالفة قواعد المرور وهو ما يعني أن الافراط في السرعة وعدم احترام مسافة الامان، والمجاوزة الممنوعة، وعدم استعمال حزام الامان، والسياقة دون رخصة، واستخدام عربات لا تحترم القواعد الفنية والمرورية، وغيرها من المخالفات بات أمرا شائعا على طرقاتنا. كما تنامت أيضا ظاهرة كثرة حوادث الطرقات خلال العطل وأيام العيد وذلك رغم الدعوات والتحذيرات المتكررة من قبل مصالح المرور لتوخي الحذر والتقليص من السرعة وخاصة احترام مسافة الامان لكنها لا تجد صدى لدى بعض سائقي السيارات. إن التشديد والصرامة في تطبيق أحكام مجلة الطرقات هي الحل الانسب لتجنب الحوادث المرورية التي عادة ما تحدث بسبب مخالفة قواعد المرور، ولعل في الاسراع بتشغيل واستغلال منظومة محطات الرادار الالي التي ركزت في بعض الطرقات سيكون له الاثر الايجابي في ردع المخالفين والتقليص من الحوادث القاتلة..ثم إنه بات من الضروري الاسراع بردع المخالفين عن طريق استنباط أفكار جديدة على غرار اعتماد الرادارات المتحركة ذات الاستعمال اليدوي التي لا تتطلب مجهودا كبيرا من قبل العون المكلف بذلك. وأن يتم تسيير دوريات أمنية لاعوان المرور في سيارات مدنية. ثم إن اجبارية ربط حزام الامان يجب أن تكون شاملة على كافة الطرقات وفي خارج مناطق العمران كما في داخلها، وهو ما يعني أن يتم اقرار اجبارية حزام الامان في كل الاوقات بمجرد ركوب السيارة سواء لسائقها أو مرافقيه وهو اجراء معمول به في عدة بلدان في العالم ومنها بلدان عربية. لكن بالتوازي مع ذلك وجب الترفيع من مقدار الخطية المالية لمن لا يستعمل حزام الامان إلى الضعف ولم لا أكثر من ذلك. كما بات من الضروري أيضا مراجعة أحكام مجلة الطرقات خصوصا في بابها الزجري عبر الترفيع في خطايا جل المخالفات المرورية، لان ذلك سيكون له أثر ايجابي في التوقي من حوادث الطرقات باعتبار أن سن خطايا كبيرة للمخالفين سينعكس دون شك على سلوك السواق ويجعلهم يفكرون ألف مرة قبل تعمد الاتيان بمخالفة. ومن بين مظاهر عدم احترام قوانين الطرقات في تونس عدم احترام الاولوية وعدم احترام إشارات المرور والسياقة في حالة السكر، وفي هذا العنصر بالذات يمكن تكثيف مراقبة قياس نسبة الكحول عبر تقنيات معروفة ويسيرة الاستعمال خاصة خلال فترات الاعياد وخلال فصل الصيف الذي مازال يحدث خلاله أكبر معدل لحوادث الطرقات، وخلال أيام آخر الاسبوع.. يذكر أن عدد حوادث المرور في تونس مازالت مرتفعة رغم انخفاضها النسبي مقارنة بالسنوات السابقة، فقد بلغت سنة 2007 أكثر من 10680 حادثا نتج عنها قرابة 1500 قتيل وأكثر من 14500 جريح. وتمثل السرعة العنصر الاساسي من حيث خطورة الحوادث وقد ساهمت بنسبة 26,12% من المجموع العام للقتلى و17,82% من المجموع العام للجرحى ويحتل فصل الصيف الصدارة من حيث عدد الحوادث المسجلة بنسبة 26,13%.