تونس الصباح: نظمت مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات التي يديرها المؤرخ عبد الجليل التميمي صباح أمس منتدى الذاكرة الوطنية في حلقة جديدة من حلقاته المخصصة للحديث عن تاريخ الاتحاد العام لطلبة تونس وبالمناسبة تم الاستماع إلى شهادتي السيد فاضل الحميدي الحقوقي الذي ترك بصمات واضحة في تاريخ الاتحاد والسيد مصطفى الصادق منيف الرئيس الشرفي للاتحاد منذ مؤتمر بنزرت سنة 1977. ونظرا لاهمية ما ورد في منتدى الذاكرة الوطنية نوافيكم بملخص لما تم ذكره في الشهادتين تطالعون جزأه الاول في هذه الحلقة وتقرؤون في عدد يوم الثلاثاء القادم بقية التفاصيل. الرجل المريض ذكر السيد فاضل الحميدي في شهادته أن منظمة الاتحاد العام لطلبة تونس نعتت بعد مؤتمر قربة (1971) بالرجل المريض وسميت في الثمانيات بالرجل الميت. وبين أنه من أنصار العمل النقابي سواء كان في اتحاد الطلبة أو في إتحاد الشغل أو في عمادة المحامين ودعا النقابات للاهتمام بمشاعل منخرطيها.. وقال إنه كلما حادت النقابة عن دورها الاساسي وكلما تحولت إلى "حزيب" سياسي كلما فقدت جدواها. وبين أن تونس تعد دولة حديثة العهد بالحكم الجمهوري وهو ما جعل الكثير من الناس نهمين على المناصب. وقال "تراهم قارمين على الكرسي كما يقرم المرء على أكل اللحم".. ولدى حديثه عن مؤتمرات الاتحاد العام لطلبة تونس بين أنه خلال مؤتمر المنستير سنة 1975 كانت هناك رغبة في أن تكون للحزب كلمة في المنظمة الطلابية وذكر أن الحزب كان يتصيد رأس المنظمة.. أما مؤتمر قربة سنة 1971 فقد جمع الكثير من المجموعات المنصهرة مع النظام الحاكم ومع الحزب.. ولاحظ أن الاهتمامات السياسية هي التي أثرت على اتحاد الطلبة. وقال إنه عمل على الدفاع على المنظمة الطلابية وعلى استقلاليتها. وعن مؤتمر بنزرت سنة 1977 قال إنه كان ضد التعليمات المتأتية من أي كان خارج الاتحاد كما كان من المدافعين على ثورة الشباب فالشاب الذي لا يتبنى قضايا العدل والانصاف هو في نظره شيخ.. وقد شهد هذا مؤتمر عدة مشاكل وانتهى بتعيين مصطفى منيف رئيسا شرفيا للاتحاد وذكر أن النظام كان يرغب دائما في احتواء الطلبة وقال إن اتحاد الطلبة خلال الثمانينات دخل مرحلة جديدة وهي مرحلة الصراع.. وبين أن الصراع الداخلي بالحزب الدستوري أثر على الحركة الطلابية. وقال إن محمود مفتاح ومختار موسى والطاهر خواجة هم المسيرون للاتحاد خلال الثمانيات.. مدرسة للنضال الطلابي في شهادته قال السيد مصطفى الصادق منيف إنه عايش مسيرة الاتحاد بصفته عضوا بالهيئة الادارية ثم بالمكتب التنفيذي منذ مؤتمر منزل تميم سنة 1968 حيث انتخب عضوا بالهيئة الادارية إلى مؤتمر بنزرت سنة 1977 حيث انتخب رئيسا شرفيا للاتحاد مرورا بمؤتمرات المهدية سنة 1969 وقربة 1971 والمنستير 1975 لما انتخبته الهيئة الادارية عضوا بالمكتب التنفيذي رغم أنه كان يقيم بباريس.. وقال إنه يرغب في التركيز على بعض الوقائع التاريخية التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بموضوع ترشحه للامانة العامة لاتحاد الطلبة بمؤتمر المنستير سنة 1975 وتنزيل هذه الوقائع في إطارها الطبيعي من مسيرة الاتحاد باعتباره مدرسة متميزة للنضال الطلابي النقابي والوطني وهو يرى أن الاتحاد كان مخبرا مصغرا لما يختلج في نفوس التونسيين من مشاغل فكل الاتجاهات نجدها في الحركة الطلابية عموما وفي الاتحاد العام لطلبة تونس بصفة خاصة وذكر أنه عاش في الاتحاد طيلة عشر سنوات من 1968 وإلى حدود سنة 1978.. وذكر أنه تم انتخابه في مؤتمر المنستير بعد التحوير في النظام الداخلي للاتحاد حتى يكون عضوا في الاتحاد رغم أنه يدرس في باريس.. وقال إن عدد الطلبة بالخارج خاصة في باريس كان وقتها يفوق عددهم في تونس وكانت باريس مركزا للنضال الطلابي كما عاشت الولاياتالمتحدةالامريكية أزمة طلابية وسرعان ما انتقلت هذه الازمة إلى أوروبا ثم انتشرت في بلدان أخرى كما لو أنها أزمة حضارة ناتجة عن النكسة التي عاشها الشباب بعد الحرب العالمية الثانية. وبين أنه خلال فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي كانت الحركات الطلابية في طليعة القوى الحية للشعب وكان الشباب مسكونا بالطموح. وكان اتحاد الطلبة مدرسة للنضال الطلابي والنقابي والوطني.. وذكر أنه مدين للساحة الثقافية الباريسية بتكوينه الثقافي فقد كانت باريس ساحة ثقافية متميزة يلتقي فيها شبان العالم الثالث من كل حدب وصوب يتحاورون ويتجادلون في مختلف المسائل. الصدمة النفطية تحدث منيف عن الصدمة النفطية الاولى وبوادر النظام الاقتصادي العالمي الجديد وذكر أنه إثر ثورة النفط التي اندلعت بعد حرب أكتوبر سنة 1973 وما نجم عنها من تغييرات في موازين القوى الاقتصادية والسياسية في العالم أدى الرئيس الحبيب بورقيبة زيارة على باريس وكان ذلك في ديسمبر 1973 وكان منيف وقتها يتابع دراسته في المرحلة الثالثة بشعبة القانون الدولي العام والعلوم السياسية وبصفته عضوا بالهيئة الادارية المنبثقة عن مؤتمر قربة فقد تابع بكثير من الاهتمام تصريحات بورقيبة الذي قال إن تونس قادرة على أن تلعب دورا هاما في تزويد فرنسا بحاجاتها من النفط رغم الحضر المفروض وقال بورقيبة إن فرنسا لن تبرد وكان بورقيبة وقتها يخطط للوحدة مع ليبيا التي أعلن عنها في جربة في جانفي سنة 1974 ولكن لم يكتب لها النجاح. وذكر أن العرب استغلوا الازمة النفطية للحديث عن قضاياهم وخاصة القضية الفلسطينية وبين أن الاتحاد العام لطلبة تونس كان ينظم سنويا ندوات حول القضية الفلسطينية وفي نفس السياق كانت أشواقه منصبة على تركيز هوية تونس العربية الاسلامية.. القضية الفلسطينية في ما يتعلق بانشغاله بالقضية الفلسطينية قال منيف :بدعوة وجهت لي بصفة شخصية من منظمة الاممالمتحدة شاركت في النصف الاول من شهر أوت سنة 1974 كممثل للشباب التونسي وطبقا لمعايير المنظمة الاممية في فعاليات المؤتمر العالمي للشباب حول المشاكل السكانية الذي تم تنظيمه ببوخارست قبيل انعقاد المؤتمر الدولي للحكومات حول نفس الموضوع. وقد قدم لائحة خلال هذا المؤتمر حول القضية الفلسطينية تمت المصادقة عليها بالاجماع وتعرضت لطبيعة المشكلة الفلسطينية باعتبارها نتيجة حتمية لعملية تهجير جماعي فرضتها العصابات الصهيونية على الفلسطينيين لطردهم من أرضهم وتعويضهم بمهاجرين ينتمون لبلدان وثقافات ولغات مختلفة لا يجمع بينهم سوى الاستجابة لنداء الحركة الصهيونية العالمية وأكدت اللائحة على أن القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية لاجئين بل هي قضية شعب يقاوم احتلالا استيطانيا ويكافح من أجل التحرير ومن أجل تحقيق الكرامة والاستقلال على أرض وطنه. كما عبرت اللائحة عن تأييد شباب العالم لنضال الشعب الفلسطيني وممثله الشرعي منظمة التحرير الفلسطينية في المقاومة التي يخوضها من أجل تحقيق أهدافه الوطنية المشروعة علما بأن منظمة التحرير لم يتم الاعتراف بها في تاريخ انعقاد ذلك المؤتمر إلا من قبل قمة الجزائر لدول عدم الانحياز وقمة لاهور للدول الاسلامية. وتولى منيف على هامش المؤتمر تأسيس الاتحاد الدولي للشباب الاسلامي نظرا للدور الذي لعبه الشبان المنتمون إلى العالم الاسلامي والمشاركون في هذا المؤتمر وكذلك الشباب العربي والافريقي وشباب دول عدم الانحياز في إنجاح اللائحة الخاصة بفلسطين وتم انتخابه رئيسا لهذا الاتحاد. قضية التعريب وتحدث منيف في شهادته التاريخية عن انشغال الاتحاد العام لطلبة تونس بمسألة الهوية العربية الاسلامية والبعد العربي الاسلامي لتونس وروى واقعة طريفة حيث قال في هذا الصدد إنه مباشرة وبعد عودته إلى تونس تم انتخابه من قبل طلبة منظمة الطلبة الاشتراكيين الدستوريين مقررا عاما للندوة الطلابية الوطنية التي انعقدت بتونس وكان ذلك في أواخر أوت 1974 وكان عليه أن يكون أمينا في اللائحة العامة على التعبير عن كل ما تمت المصادقة عليه في لوائح المؤتمر ومن بين تلك اللوائح نجد واحدة تدعو الحكومة لتوخي التعريب الشامل للتعليم في مراحله الثلاث الابتدائي والثانوي والعالي وقد صادقت ندوة الطلبة الدستوريين بالاجماع على لائحة التعريب.. وعند تلاوة اللائحة العامة على الزعيم بورقيبة أبدى الرئيس امتعاضا من الدعوة إلى تعريب التعليم وكان ثلث خطابه تقريبا ردا على هذه الدعوة حيث أكد الزعيم على أهمية التمكن من اللغات الاجنبية.. وقال منيف إن رد بورقيبة أخافه فقد كان يقول بين الحين والاخر "ليس كما قال زميلكم".. كما لو أن مصطفى الصادق منيف هو الذي طالب من تلقاء نفسه بتعريب التعليم في جميع مراحله. سعيدة بوهلال