الصحة العالمية.. استهلاك الملح بكثرة يقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    عُثِرَ عليه بالصدفة.. تطورات جديدة في قضية الرجل المفقود منذ حوالي 30 سنة بالجزائر    عاجل: لأول مرة: تونس تصل المرتبة الثانية ضمن التصنيف الدولي للبيزبول    السلطات الاسبانية ترفض رسوّ سفينة تحمل أسلحة إلى الكيان الصهيوني    الديبلوماسي عبد الله العبيدي يعلق على تحفظ تونس خلال القمة العربية    يوميات المقاومة .. هجمات مكثفة كبّدت الاحتلال خسائر فادحة ...عمليات بطولية للمقاومة    فتحت ضدّه 3 أبحاث تحقيقية .. إيداع المحامي المهدي زقروبة... السجن    المنستير .. المؤبّد لقاتلة صديقها السابق خنقا    في ملتقى روسي بصالون الفلاحة بصفاقس ...عرض للقدرات الروسية في مجال الصناعات والمعدات الفلاحية    رفض وجود جمعيات مرتهنة لقوى خارجية ...قيس سعيّد : سيادة تونس خط أحمر    دخول مجاني للمتاحف والمواقع الأثرية    ارتفاع عجز الميزان الطاقي    دغفوس: متحوّر "فليرت" لا يمثل خطورة    العدل الدولية تنظر في إجراءات إضافية ضد إسرائيل بطلب من جنوب أفريقيا    تعزيز نسيج الشركات الصغرى والمتوسطة في مجال الطاقات المتجددة يساهم في تسريع تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي قبل موفى 2030    كاس تونس - تعيينات حكام مباريات الدور ثمن النهائي    الترفيع في عدد الجماهير المسموح لها بحضور مباراة الترجي والاهلي الى 34 الف مشجعا    جلسة بين وزير الرياضة ورئيس الهيئة التسييرية للنادي الإفريقي    فيفا يدرس السماح بإقامة مباريات البطولات المحلية في الخارج    إمضاء اتّفاقية تعبئة قرض مجمع بالعملة لدى 16 مؤسسة بنكية محلية    وكالة (وات) في عرض "المتوسط" مع الحرس .. الموج هادر .. المهاجرون بالمئات .. و"الوضع تحت السيطرة" (ريبورتاج)    طقس الليلة    سوسة: الحكم بسجن 50 مهاجرا غير نظامي من افريقيا جنوب الصحراء مدة 8 اشهر نافذة    القيروان: إنقاذ طفل إثر سقوطه في بئر عمقها حوالي 18 مترا    تأمين الامتحانات الوطنية محور جلسة عمل بين وزارتي الداخليّة والتربية    كلمة وزير الخارجية التونسي نبيل عمار أمام القمة العربية    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    توزر: تظاهرة احتفالية تستعرض إبداعات أطفال الكتاتيب في مختتم السنة التربوية للكتاتيب بالجهة    وزارة الثقافة تنعى المطربة سلمى سعادة    صفاقس تستعدّ للدورة 44 لمهرجانها الصيفي    صفاقس: هدوء يسود معتمدية العامرة البارحة بعد إشتباكات بين مهاجرين غير نظاميين من دول جنوب الصحراء    وزارة الفلاحة توجه نداء هام الفلاحين..    "فيفا" يقترح فرض عقوبات إلزامية ضد العنصرية تشمل خسارة مباريات    جندوبة: وزير الفلاحة يُدشن مشروع تعلية سد بوهرتمة    عاجل: "قمة البحرين" تُطالب بنشر قوات حفظ السلام في فلسطين..    هل سيقاطعون التونسيون أضحية العيد هذه السنة ؟    106 أيام توريد..مخزون تونس من العملة الصعبة    اليوم : انطلاق الاختبارات التطبيقية للدورة الرئيسية لتلاميذ الباكالوريا    سوسة: الإطاحة بوفاق إجرامي تعمّد التهجّم على مقهى بغاية السلب باستعمال أسلحة بيضاء    ناجي الجويني يكشف عن التركيبة الجديدة للإدارة الوطنية للتحكيم    المعهد الوطني للإحصاء: انخفاض نسبة البطالة إلى حدود 16,2 بالمائة    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    رئيس الجمهورية يبحث مع رئيس الحكومة سير العمل الحكومي    قيس سعيد يُؤكّد القبض على محام بتهمة المشاركة في وفاق إرهابي وتبييض أموال    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    ظهورالمتحور الجديد لكورونا ''فيلرت '' ما القصة ؟    الأيام الرومانية بالجم . .ورشات وفنون تشكيلة وندوات فكرية    محمد بوحوش يكتب...أدب الاعتراف؟    الخُطوط التُونسية في ليبيا تتكبد خسائر وتوقف رحلاتها.    بطولة اسبانيا : أتليتيكو يهزم خيتافي ويحسم التأهل لرابطة الأبطال الاوروبية    إصدارات.. الإلحاد في الفكر العربي الإسلامي: نبش في تاريخية التكفير    زلزال بقوة 5.2 درجات يضرب هذه المنطقة..    استشهاد 3 فلسطينيين بنيران جيش الاحتلال في الضفة الغربية    أمراض القلب والجلطات الدماغية من ابرز أسباب الوفاة في تونس سنة 2021    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جوانب خفية في علاقة اتحاد الطلبة ببورقيبة والحزب الدستوري
عيسى البكوش والمنصف الشابي في مؤسسة التميمي:
نشر في الصباح يوم 31 - 08 - 2008

تونس - الصباح: خصصت الجلسة العلمية صباح أمس بمؤسسة التميمي للبحث والمعلومات (سيمنار الذاكرة الوطنية) للتوقف عند بعض محطات الحركة الطلابية في أخر المرحلة الاستعمارية والعقود الاولى من بناء الدولة الحديثة.. بحضور ثلة من الجامعيين والباحثين والاعلاميين.
وخصصت الجلسة في قسمها الاول للاستماع الى شهادتين الاولى قدمها الاستاذ عيسى البكوش الامين العام لاتحاد طلبة تونس بين 1969 و1971 والاستاذ المنصف الشابي أحد النشطاء اليساريين في الستينات والسبعينات واحد المؤتمرين في قربة 1971الذين اصدروا عريضة ال105 التي طعنت في تنصيب قيادة جديدة للاتحاد خلال تواجد غالبية المؤتمرين في المطعم..
بعد التقديم العلمي للندوة من قبل الدكتور عبد الجليل التميمي قدم عيسى البكوش شهاداته وخواطره وبعض ذكرياته عن مرحلتي الخمسينات والستينات مع الجيل الذي أدرك الحقبة الاخيرة من الكفاح الوطني والمرحلة الاولى من بناء تونس الحديثة..
قال عيسى البكوش: "تاثرت مبكرا بعدد من الوطنيين بينهم معلم وطني درسنا في أريانة هو الكشاف محمد التريكي (الذي تولى لاحقا خطة قائد عام للكشافة التونسية).. فضلا عن تأثري برموز من مؤسسي الاتحاد العام لطلبة تونس الذي تاسس بجامع صاحب الطابع بتونس في 1952 بصفة غير قانونية بحضور بعض رموز الزيتونة مثل الشيخ البدوي (زعيم حركة صوت الطالب الزيتوني) ثم رسميا في باريس عام 1953.. وفي فرع الاتحاد بباريس تعرفت على شخصيات وطنية كاريزماتية بينها السادة منصور معلى وعمار المحجوبي والمناضل الراحل يوسف الورداني.. ثم على جيل من رجالات تونس الذين لعب بعضهم ولايزال دورا مميزا في بناء تونس وفي قيادة الدولة."..
محجوب القرفالي ورفاقه
ويمضي عيسى البكوش قائلا: "في مرحلة الستينات كان النشاط مع ثلة من الوطنيين في فرع باريس التابع للاتحاد العام لطلبة تونس وفي فروعه بتونس بينهم المناضل الكبير والمحبوب والامين العام للمنظمة أواسط الستينات السيد محجوب القرفالي وعبد الله غشام وعبد الحي شويخة ومحمد بن احمد.. ورغم انتمائنا الى الحزب الدستوري وولائنا للزعيم الراحل الحبيب بورقيبة فقد لعب اتحاد الطلبة دورا متميزا وتمتع بهامش من الاستقلالية.. وعلى هامش مؤتمر الاتحاد في 1966 نظمت مسيرة صغيرة في بنزرت احتجاجا على اصرار قيادة الحزب فرض مرشح للكتابة العامة رغم تقديرنا الشخصي للاسم الذي وقع اختياره (المناضل والصديق الكفء محمد بن أحمد).
وقد انعكست التعددية والحركية السياسية على مؤتمرات اتحاد الطلبة منذ مؤتمر قابس 1967 الذي فاز فيه سليم علولو بالكتابة العامة ثم مؤتمر 1968في منزل تميم عندما تنافست قائمتان دستوريتان، قائمة بزعامة محجوب القرفالي وكان من بين عناصرها عيسى البكوش الذي فاز بالمرتبة الاولى ب160 صوتا (وقد كلفت بخطة كاتب عام مساعد مكلف بالاعلام والصحافة) وفاز المناضل محجوب القرفالي ب100 صوت وبالامانة العامة..
وكانت القائمة الدستورية الثانية بزعامة الدالي الجازي والمنجي بوسنينة وقد التحقا بديوان السيد احمد بن صالح (وكان السيد عبد الرزاق الكافي رئيسا لديوانه).
مؤتمر المهدية
وقد كنت مع ثلة من المناضلين في التحضير لمؤتمر المهدية 1969.. وكان المناضل محجوب القرفالي طلب من قيادة الحزب (احمد بن صالح ومحمد الصياح..) عدم التدخل للتعيين فاستجابت القيادة أول الامرثم تراجعت.. وكان المتنافسون على الامانة العامة حسن فضة خنتوش ومصطفى الزغل ورجب الحاجي وعبد الحكيم تقية.. وأذكرأن احمد بن صالح جمع المترشحين وطلب منا تفسير سبب الترشح.. لكن السيد الباهي الادغم رئيس المؤتمر اتصل بنا صبيحةالمؤتمر وقدم لنا الزميل رجب الحاجي باعتباره المرشح الرسمي للامانة العامة..
لكن الاخ محجوب القرفالي (الامين العام المتخلي) رفض التعيين والتزكية وتمسك بحق المؤتمرين في الانتخاب الحر.. "وكانت الحصيلة أن المؤتمر صوت بالاجماع على اختياري لمدة عامين امينا عاما مع هيئة ادارية متوازنة وممثلة " ومن بين العناصر الجديدة في الاتحاد أن 40 من نواب مؤتمر المهدية (ال170) كانوا من طلبة اليسار.. ررغم تحفظات البعض قابلنا الزعيم الحبيب بورقيبة في القيروان وتلوت امامه كلمة تاثربها كثيرا..
بدايات التوتر
لكن توترات عديدة ظهرت في علاقتنا بادارة الحزب.. ومع عدد من المسؤولين الحزبيين والحكوميين الكبار.. مثلا مدير الحزب طلب منا في سبتمبر 1970 ادانة تجربة التعاضد واحمد بن صالح فاعتذرت شخصيا واعتبرت الهيئة الادارية للاتحاد ان الامرلا يتعلق باشخاص بل مسار تتحمله القيادة ككل.. وغضب بورقيبة لموقنا.. خاصة أن غالبية المنظمات ساندت قمع احمد بن صالح والمقربين منه..
وبمناسبة زيارة روجرس وزيرخارجية امريكا في 9 فيفري 1970 الى تونس نظمنا اجتماعا طلابيا شعبيا في بورصة الشغل بالعاصمة بموافقة السيد الباهي الادغم كاتب الدولة للرئاسة ضد السياسة الامريكية واندلعت مسيرة نحو السفارة الامريكية.. حصلت فيها مواجهات.. وحاول مدير الحزب السيد حسيب بن عمار تهدئة الاوضاع عبر نزوله بنفسه في المظاهرة في سيارات الجيش لدعوة الطلبة والمتظاهرين الى الهدوء.. وقد غضب بورقيبة بسبب تلك المظاهرة..
علما أن السيد حسيب بن عمار مدير الحزب حاول التهدئة لكن الامور تجاوزت التقديرات وقامت قوات الامن باعتقال عديد الطلبة.. وكان السيد المنجي الكعلي (مدير الحزب لاحقا) مديرا للامن".
النزعة نقدية داخل الحزب والدولة "ومن بين العناصرالجديدة وقتها أن المكاتب الفيديرالية في الكليات الكبرى أصبح لها نفوذ.. واصبحت بمثابة المكاتب التنفيذية الفعلية.. وبعضها مثل مكتب الاداب كان يساريا وقريبا من المعارضة.. وهو ما ساعد على تغيير الخطاب السياسي للدستوريين انفسهم في اتحاد الطلبة.. وبالرغم من الصبغة الدستورية للمكتب التنفيذي كانت النزعة النقدية الشبابية طاغية.. وفي 30 جويلية 1970 القى الرئيس الحبيب بورقيبة خطابا انتقدنا بسبب "تغيبنا عن حضورحفل عيد الجمهورية يوم 25 جويلية" (الذي لم ندع اليه على الارجح) وقال بورقيبة:
"لاحظت تغيب منظمة الطلبة يوم عيد الجمهورية.. بسبب عناصر اقحمها احمد بن صالح في مؤتمر اتحاد الطلبة بالمهدية وهي عناصر خالفت توجه الحزب يوم زيارة وزير الخارجية الامريكية لبلادنا.. وقد استنتجت ان لا مبرر لوجود هذه المنظمة ثم راجعت نفسي".
واستطرد البكوش قائلا: "علاقتنا باحمد بن صالح كانت نقدية.. والمناضل محمد المصمودي وهو من اصدقاء الاتحاد الاوائل كان يشجعنا على الاحتكاك بتيارات أخرى والتعامل النقدي مع المواقف الحزبية والحكومية الرسمية".
وفي الهيئة الادارية 11 أوت 1970 تمسكنا بمقررات مؤتمر المهدية ورفضنا الرضوخ لضغوطات الزعيم بورقيبة والمتشددين (او "المحافظين" الدستوريين)..
وفي 1971 خضنا معارك سياسية ونقابية تدعم توجه الاستقلالية.. وقد صدرت تصريحات حكومية تعتبر التعليم العالي "حظا" اتصلنا بالسيد الهادي نويرة كمكتب تنفيذي وانتقدنا التوجه وقد غضب الهادي نويرة رغم قبوله الحوار معنا بعد ذلك..ثم وقع خلاف بين الطلبة والادارة حول طريقة تنظيم الامتحانات فنظمت اضرابات ثم صدامات ساندناها.. اغلقت في وجهنا كل وسائل الاعلام ما عدا "الصباح" في تونس و"جون افريك" و"لومند" في الخارج..
وفي مارس 1971 كتبت رسالة الى اللجنة العليا للحزب التي كانت تضم شخصيات سياسية مهمة بينها المناضل الديمقراطي السيد أحمد المستيري حول الوفاء لمبادئ الحزب مع التمسك بخيار الديمقراطية.. لكننا بقية عرضة للانتقادات والتهجمات.. لكن المختار الزناد عضو اللجنة المركزية للحزب رفض الاتهامات الموجهة الينا منذ مؤتمر المهدية ودعم الخيار الديمقراطي داخل الحزب.. وقد رفعنا في وجه خصومنا داخل الحزب شعار: قوة الحزب في تقوية المنظمات وليس في اضعافها.
وزيرالشباب والرياضة الطاهر بلخوجة هدد بقطع المنحة (16 ألف دينار).. ثم استدعيت مرارا من قبل لجنة الاستقصاء في ادارة برئاسة الطيب سليم، لاني ذكرت في خطاب طلابي:اني امين عام كل الطلبة التونسيين وليس الدستوريين فقط.
الباهي الادغم دعاني مرارا وحاورني واجتمع بي مع اعضاء المكتب خلال 3 ساعات ودعانا الى عدم مساندة احمد بن صالح.. وفسر لنا مبررات محاكمته وملابساتها..
بن صالح دعاني قبل مغادرة الحكومة وقال لي: اني استاذ ولا ارى مانعا ان يكون طلبتي افضل مني..
اجتمعت الهيئة الادارية يوم 13 افريل يوم 1971 طلبت منها محاسبتي ماليا طوال ساعات.. ثم اعلنت الاستقالة للصحافة العالمية والوطنية.. وخاصة جون افريك ولوموند.. واستقال عياض النيفرمحمد الطيف من المكتب ايضا.. فكلف الصديق محمد الصغيرداود باعداد مؤتمر قربة..
وفي المؤتمر كان الرئيس ونائبه من مجموعتنا كان النائب الثاني من المجموعة الاخرى..
اقترحت 8 أعضاء من بين 33 في الهيئة الادارية من غيرالدستوريين.. لكن حصلت المفاجاة بعد ان طالت الاشغال اذ استبعد رئيس المؤتمر ونائبه الموالي لنا.. وخلال حصة استراحة اغلقت القاعة على المجموعة المنافسة وتمت تلاوة قائمة اعضاء المكتب التنفيذي والهيئة الادارية المنصبين.. فانسحب 105 من نواب المؤتمر واصدروا لائحة الطعن في النتائج التي فرضت بعد ابعاد رئيس المؤتمر ونائبه الاول.. والغاء مرحلة مناقشة اللوائح وفرض تنظيم الانتخابات.. وكان الشعار" المؤتمر لم ينه اشغاله".. في الاثناء اصدرت ادارة الحزب عقوبات بقيادة السيد محمد بن عمارة مديرالحزب ضد بعض المؤتمرين..
كان طبيعيا أن ندعم كطلبة الخيار الاشتراكي الذي رمز اليه احمد بن صالح والخيارالليبيرالي الذي يرمز اليه احمد المستيري.. كما دعمنا التعريب.. كانت لنا لقاءات مع القيادات الطلابية العربية والفسطينية ومع التيارات الطلابية غير الدستورية.. استمرالنضال 17 تحت شعار "المؤتمر لم ينه أشغاله".. تكونت جمعية قدماء الاتحاد العام لطلبة تونس برئاسة السيد عمار المحجوبي.
سنوات الجمر
ثم أحيلت الكلمة الى الاستاذ المنصف الشابي الذي واكب نفس الاحداث من نفس الموقع: "المناضل عيسى البكوش عرفته منذ الخمسينات في الدراسة في اريانة.. كان مناضلا وعاش سنوا ت الجمر.. فهو دستوري تحرري منفتح.. لكنه كان عرضة لانتقادات وضغوطات الحزب والحكم والتنظيمات السرية الطلابية التي كانت تقف وراء الفيدريراليات.. دخلت الجامعة سنة 1969 بعد خروجي من السجن رغم حرماني من حق المشاركة في الباكالوريا.. شاركت في الباكالوريا الفرنسية في تونس بصفة استثنائية ضمن اجراءات وافقت عليها استثنائيا الوزارة.. كنا نحمل توجها سياسيا اوصلنا الى السجن.. وبعد مغادرتنا.. دخلت السجن بعثيا وتطورت الى ماركسي لينيني من خلال الاحتكاك مع مجموعة افاق اليسارية.. غادرت المعتقل ومجموعتي في السجن مثل نجيب الشابي ومحمد الصالح فليس كانت لا تزال رهن الاعتقال..
لما دخلت الجامعة كان هدفي الاساسي تاسيس مجموعة يسارية وهو ما تم فعلا.. وكان المجال في الجامعة مفتوحا.. بسبب التململ والصراعات الداخلية الحزبية الدستورية. بسرعة كونا لجانا ثقافية كثيرة تابعة للفيديراليات.. ومكونة لها.. خاصة في الاداب.. توفرت لنا اطر للعمل القانوني..
وكانت مرحلة 1969 مرحلة بناء موقف.. وتاسيس هياكل طلابية.. خاصة في كلية الاداب ب9 أفريل (وفرع التاريخ في الكلية).. وكنا نستقبل طلبة من مختلف الكليات الكبرى: الحقوق والطب والعلوم..
في تلك المرحلة كانت الاحداث الدولية وخاصة نضالات شعب فيتنام ضد القوات الامريكية.. مع ربط بين تلك الاحداث والانحياز الامريكي لاسرائيل.. كان انتسابنا معنويا الى قضايا دولية عادلة وهو ما يفسرالاحتجاجات الطلابية والشباية ضد زيارة وزيرالخارجية الامريكي الى تونس.. وكان الاجماع الطلابي حول هذه القضية بما في ذلك قيادة الاتحاد العام لطلبة تونس.. الذي كنا نعتبره ممثلا لكل الطلبة (17 ألف طالب).. قررنا تنظيم مائوية لينين.. ورغم اعتراضات الحزب وافق عيسى البكوش على تنظيمه في مقرالاتحاد العام لطلبة تونس.. في نهج الصادقية.. ظهرت في 1970 معركة حول الصبغة الحزبية الدستورية للاتحاد كما كانت تنص على ذلك بطاقة الانتماء الى الاتحاد..
منذ "الندوة الوطنية الطلابية الدستورية" في صائفة 1970 كانت الخلافات والصراعات السياسية بين الطلبة الدستوريين واضحة.. وهي صراعات انفجرت في مؤتمر قربة 1971.. سنة غليان جامعية سبقت مؤتمر قربة.. سنة التحضير لتكريس استقلالية الاتحاد عن الحزب الدستوري..
40 نائبا في مؤتمر قربة من بين 175 كانوا يساريين.. لكن تجاوب نسبة من الدستوريين معنا كان قويا في المؤتمر.. والانتخابات التحضيرية للمؤتمروقعت في مناخ ديمقراطي تعددي.. رغم حضور الشرطة في مداخل الاتحاد.. الجو كان مشحونا خارج اتحاد الطلبة وحملة اعلامية سبقت مؤتمر قربة.. وتلويح باسترجاع الحزب للقيادة.. خلال التصويت على اللائحة السياسية انقسم الطلبة الدستوريون وهو ما سمح بتلاوتها فقرة فقرة.. وهو ما افرز مجموعة ال105 (دستوريون ومعرضون)..
المؤتمر مبرمج ل3 ايام.. وفي اليوم العاشرمن المؤتمراتصل الهادي نويرة لانهاء الاشغال.. خلال حصة الغذاء بقت اقلية داخل قاعة المؤتمر وتلت قائمة اعضاء الهيئة الادارية والمكتب التنفيذي المنصبين.. عين الحبيب الشغال امينا عاما.. فحصلت القطيعة الهيكلية بين اتحاد طلبة تونس مع الجامعة وطلبتها..
في نهاية جانفي 1972 وقعت مضايقة سيمون للوش حرم بن عثمان.. فتحركنا.. ونظمنا تحركات احتجاجية.. واسسنا هيكلا تحضيريا للمؤتمر الثامن عشر في صيغته الجديدة قررنا عقد المؤتمر في الساحة الكبرى للمركب الجامعي.. وكان مفتوحا لعموم الطلبة..
في احدى قاعات المركب الجامعي.. كنا انجزنا النص الختامي للمؤتمر فتدخلت قوات الامن بعنف ومنعتنا يوم 5 فيفري بقوة من تلاوة البيان الرسمي والختامي للمؤتمر..
مؤتمر جامع صاحب الطابع
ثم فتح باب النقاش العام وكان أول المتدخلين السيد محمد بالحاج عمر الذي قدم بدوره شهادات عن بعض المراحل التي مر بها اتحاد الطلبة.. وقال بالخصوص:الشهادات عمل جليل.. لكنه جهد مبعثر وتنقصه الدقة.. المطلوب تفعيل الشهادات والتنسيق بينها وبين الوثائق.. شخصيا حضرت المؤتمرات الاربعة الاولى للاتحاد العام لطلبة تونس.. بدءا من مؤتمر26 فيفري 1952 بجامع صاحب الطابع برئاسة عبد المجيد شاكر.
والمؤتمر الثاني(الذي اعتبره البعض تاسيسيا او المؤتمر الاول) في 1953 بباريس برئاسة منصور معلى.. في 1955 فرض علينا الحزب عبد المجيد شاكر رئيسا للاتحاد.
واجمالا فان استقلالية اتحاد الطلبة عن ادارة الحزب كانت ضعيفة جدا في الخمسينات والستينات.. فالندوات الوطنية الدستورية مثلا كانت ترسم كل ما سوف يجري في المؤتمر وتشكيلة المكاتب التنفيذية وتحسم اسم الامين العام الجديد..
في مؤتمر بنزرت الطلابي في 1966 (الذي تراسه احمد المستري وزيرالدفاع وكان الهادي بكوش واليا ورئيسا للجنة التنسيق)تحالف الدستوريون والمعارضون والمستقلون ورفضوا التعيين..
محمد بن احمد كان مبوءا للامانة العامة في 1966 (وهو منفتح وتقدمي).. وتعرض طلبة دستوريون بينهم منيركشوخ منسق الطلبة الدستوريين الى الاعتقال.. فخرجت مسيرة طلابية ضد التعيين وللافراج عن الموقوفين.. فحصل وفاق حول الامين العام محمد بن احمد (لان بورقيبة على علم باسمه) مع تمكينهم من انتخاب مكتب.. فكانت الحصيلة ان وجد محمد بن احمد نفسه كاتبا عاما مع هيئة معارضة له.. ففشل في مهمته..
وقد تواصلت مضايقتنا بعد الاستقلال بعد رفض وزيرين للداخلية تمكيننا من التأشيرة.. وفي عام 1956 امر بورقيبة بطردنا من مكتبه (مكتب المحاماة) احتجاجا على اعتراضنا على ابعاد بن صالح من الاتحاد..
وفي عام 1970 لم يساند اتحاد الطلبة الحملة على بن صالح.. مثلما امتنع البشير بلاغة الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل عن ذلك.. فابعد المناضل البشير بلاغة من قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل.. لانه رفض التنيد ببن صالح.. وعوض بالحبيب عاشور..
النقاش العام
وفي حصة النقاش العام الثانية اثيرت نقاط عديدة من قبل عدد من المتدخلين بينهم الاستاذ التميمي حول امتداد الحركة الطلابية التونسية التي بدأت في 1911 مع تحركات الطالب الزيتوني وأعلام مثل الشيخ الخضر حسين والفاضل بن عاشور والمختاربن محمود.. وتساءل البعض ان لم يكن تأسيس اتحاد الطلبة في باريس ردا على تنامي دور صوت الطالب الزيتوني..
لما فشلت تجربة " الكتلة " الزيتونية (بزعامة عمر شاشية وعزوز الرباعي..) في ضرب منظمة صوت الطالب.. وزعمائه الرمزيين مثل الشيخ محمدالبدوي وعبد الرحمان الهيلة والفاضل بن عاشور والمختار بن محمود..
وتساءل عادل الثابتي الباحث في التاريخ المعاصر عن الاسباب التي فسرت ضعف "الدستوريين المحافظين" وقتها في الجامعة..
وتساءل الدكتورعبد الجليل التميمي: أين دور الطلبة الزيتونيين؟وكيف كانت علاقتهم عند التاسيس باتحاد طلبة تونس؟ وأين أرشيف المسيرة الضخمة لاتحاد طلبة تونس؟ أين ادبيات الدستوريين والمعارضين؟ لماذا يوجد كثير من المسكوت عنه في مسيرة الاتحاد وعلاقتها بالحزب والدولة؟ لماذا تاخرت عملية عقد المؤتمر18 من 1971 الى 1988؟
دور الجامعة الزيتونية
وتساءل المولدي الاحمر استاذ علم الاجتماع في كلية 9 أفريل عن اسباب طغيان الصبغة السياسية والحزبية على مسيرة اتحاد طلبة تونس على صبغته النقابية.. كما اثار عدد من المتدخلين تساؤلات وشهادات تهم مسيرة الجامعة الزيتونية طوال القرن الماضي ودور منظمة طلبة شمال افريقيا المسلمين في فرنسا وفروعها في البلدان المغاربية..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.