يقرع الباب... تفتح.. فتجد أمامك شابا أو شابة يبتسم في وجهك ثم يقدم إليك نفسه بطريقة تشبه عرضا للمحفوظات الدراسية "أنا مندوب شركة كذا (أحيانا لا يمكنك تبيّن اسم الشركة من فرط سرعة الالقاء).. نقترح عليك عرضا خاصا لاحدث ماركات العطور" ثم يخرج من حقيبة يتأبّطها قنينة عطر ويواصل الموشّح "مثل هذا العطر يباع في المحلات بأثمان باهظة.. سوف لن أقول لك 50 أو 40 دينارا بل 15 دينارا فقط (وأحيانا 10).. ومع هذا العطر النسائي.. يمكنك الحصول على عطر رجالي وآخر للاطفال.. ليس هذا فقط.... فإذا اقتنيت تلك القنينة لك منا هديّة" ومع كل قارورة يخرجها من الحقيبة يصر ويلح على منحك "رشة" مجانية كدليل إثبات على صحة مديحه للبضاعة التي يروج لها. السطور السابقة تعكس واقعا بتنا نعيشه بصفة متكرّرة... واقع يصادفك في الشارع... في قاعات الحلاقة وفي بيتك أيضا حيث يخرج عليك مندوب المبيعات في أي وقت من النهار ليطلعك على هذه الفرصة التي عليك عدم تفويتها لانها لن تعاد.. وفي مجمل الاحوال يعجز هذا المندوب عن إقناعك بقبول معروضاته خصوصا أن وقوفه الفجئي أمامك لا يمنحك الرغبة في الشراء بل حتى مجرّد النظر إلى ما يعرضه وإنما يذكي في نفسك الرغبة في التملّص منه تحت شتى التعلات وفي بعض الحالات يتعرض هؤلاء الشباب للكثير من المواقف السخيفة من طرف بعض المواطنين الذين يستوقفونهم ليس بدافع الشراء وإنما ل"تعدية " الوقت. الواقع أن انتشار هذا النوع من التجارة يفرض جملة من التساؤلات حول قانونية هذه المهنة التي تستوجب الاتصال المباشر بالزبائن سيّما في بيوتهم خصوصا أن هؤلاء المندوبين لا يستظهرون بوثائق تثبت تعاملهم مع تلك الشركات... نقطة أخرى هامة تتعلق بالبضاعة المروّجة وهي بالاساس مقلّدة.. فهل هناك نصوص قانونية تبيح الترويج لمثل هذه البضاعة على هذه الشاكلة؟ نحن ندرك أن الكثير من هؤلاء الشبان والشابات الذين يجوبون الشوارع لساعات طوال يفعلون ذلك لكسب بعض المال... يتعبون ويمضون النهار بطوله يتنقلون بين الاحياء والازقة ومن بيت إلى آخر بينما يجلس مسؤولو تلك الشركات مستريحين وراء مكاتبهم في انتظار ما سيجنيه مندوبو المبيعات طوال اليوم ليقدموا إليهم في نهاية المطاف حفنة من الدينارات نظير كل "قطعة" يبيعونها. أليس هذا استغلالا لطاقات الشباب التي من المفترض أن توظف في مواضع أفيد... ومضيعة لوقتهم الذي يقتطعونه على حساب مراجعتهم وأحيانا حضور الدروس؟