رحل الروائي السوداني الكبير الطيب صالح.. تاركا ثروة من الكتب أضفت عليه صبغة عالمية لم يفز بها الغالبية الساحقة من المبدعين والفنانين العرب.. بمن فيهم الذين حصلوا على دعم بملايين الدولارات والأورو.. من مؤسسات تمويل ودعم حكومية و"غير حكومية" دولية.. رحل الطيب صالح بعد أن غزا مع "مصطفى سعيد" بطل روايته "موسم الهجرة الى الشمال" العالم العربي والادب العالمي الذي أولى اهتماما خاصا بالرواية فترجمت الى عدة لغات.. رغم الصبغة المغرقة في محليتها لبعض شخصيات الرواية وأحداثها.. لكن القارىء في كل مكان فهمها وإن عجز عن استيعاب بعض دلالاتها الريفية السودانية. رحل عنا إلى الأبد العملاق الطيب صالح.. لكن ادبه سيظل خالدا برواياته الساحرة مثل "عرس الزين" و"دومة ود حامد" و"موسم الهجرة الى الشمال".. التي سلطت الاضواء على تناقضات المفاهيم والسلوكيات الاجتماعية والأخلاقية للمجتمعات العربية والشرقية عموما.. التقيت مرارا المبدع الطيب صالح في تونس والمغرب وفي مهرجان الجنادرية بالرياض.. وكان في كل مرة يصر بطيبة السودانيين وتلقائيتهم على التنويه ب"تونس الخضراء والجميلة ".. ويسأل عن عدد من رموزها الثقافية والأدبية.. أذكر عنه بالخصوص أننا شاركنا منذ سنوات معا في دورة مهرجان "أصيلة" الثقافي جنوبي مدينة طنجة المغربية فظل صامتا في كل الجلسات الفكرية والسياسية العامة التي حضرها.. وتناول الكلمة مرة واحدة في الحصة الختامية بحضور مديرالمهرجان محمد بن عيسى وزيرخارجية المغرب السابق وعدد كبير من الاعلاميين والفنانين والمثقفين والديبلوماسيين ليتلو على مسامعنا ضاحكا ساخرا.. أبيات شعر هجائي قديمة.. تشكو حال العرب.. فهم الجميع يومها رسالة طيب صالح الرمزية..