تونس-الصباح: عبر السيد علي جبيرة كاتب عام نقابة أطباء الاختصاص للممارسة الحرة عن انشغاله من عدم برمجة مواعيد مضبوطة للشروع في التفاوض بشأن مراجعة الاتفاقية القطاعية للتأمين على المرض، مع الصندوق الوطني للتأمين على المرض. وكشف عن أبرز النقاط التي سيتم إثارتها لدى الشروع في عملية مراجعة مضمون الاتفاقية. وأفاد في تصريح خص به "الصباح" أن من بين النقاط التي ستتم إثارتها أثناء مراجعة الاتفاقية، مسألة مسار العلاج المنسق، وتوسيع قائمة الأمراض المزمنة والعمليات الجراحية والاستشفائية، ومزيد تكريس انفتاح منظومة التأمين على المرض على القطاع الخاص عبر السماح بالتكفل بخدمات الاستعجالي المقدمة من قبل المؤسسات الصحية العمومية. وقال جبيرة، أن موضوع مسار العلاج المنسق والذي يعني المنظومة العلاجية الخاصة أو منظومة الطرف الدافع (وتتضمن وجوب اختيار المضمون لطبيب العائلة الذي يوجه المريض لأطباء الاختصاص حسب الحالة المرضية باستثناء بعض الاختصاصات، مع توفير امتياز يتمتع به المضمون الاجتماعي يتمثل في دفع 30 بالمائة من كلفة العيادات الطبية، والأدوية، والتصوير بالأشعة، والتحاليل البيولوجية..) تطرح إشكالية كبيرة لدى أوساط أطباء الاختصاص خاصة على مستوى التطبيق. ورغم اعترافه بأن منظومة الطرف الدافع يلجأ إليها أساسا الفئات الاجتماعية ذات الدخل المحدود والمتوسط، أو التي غالبا ما لا تتمتع بتأمين تكميلي، إلا أنه حذر من أن استمرار تطبيق المنظومة على النحو الجاري به العمل، لن يسمح بإنجاحها باعتبار أنها تهم جميع الأطراف من مسدي الخدمات الصحية المتعاقدة مع الصندوق، وخاصة منهم أطباء الاختصاص. تكريس مزيد من المرونة واقترح في السياق ذاته أن يتم تكريس مزيدا من المرونة على المنظومة العلاجية الخاصة في اتجاه وضع صيغ بديلة تضمن نجاح تطبيقها، وتمنع حصول تجاوزات أو مخالفات من أي طرف كان. مشددا على أن أهمية أن تكون علاقة مسدي الخدمات الصحية وخاصة أطباء الاختصاص مع صندوق التأمين على المرض مبنية على الثقة المتبادلة. وفي ما يتعلق بمحور تكريس مزيد من انفتاح الصندوق على القطاع الخاص، أشار الدكتور علي جبيرة أن الوضع الحالي يتميز بعدم وجود توافق بين القطاعين الصحيين العام والخاص، على اعتبار أن الامتيازات الممنوحة للمضمونين ترجح أكثر كفة القطاع الصحي العمومي وهو ما يفسر النسبة الكبيرة للمضمونين الذين خيروا الانخراط بالمنظومة العلاجية العمومية. قائلا " جاء الوقت لتوسيع قائمة الأمراض المزمنة التي تكفل بها الصندوق بالقطاع الخاص، فضلا عن توسيع قائمة العمليات الجراحية والاستشفائية." واقترح ايجاد آلية تضمن انتفاع المسجلين ضمن المنظومة العلاجية الخاصة، ومنظومة استرجاع المصاريف من خدمات مراكز الاستعجالي، وهو مطلب ملح طرحته عدة أطراف من مسدي الخدامات الصحية. كما دعا إلى تحسين طرق التكفل خاصة بالأمراض السرطانية على اعتبار أن التكفل يشمل حاليا التصوير بالأشعة، والعلاج الكيميائي فقط، ولا يشمل العمليات الجراحية المتصلة بهذه الأمراض. الاستخلاص المباشر للجراحين الاستشفائيين نقطة أخرى أشار إليها كاتب عام نقابة أطباء الاختصاص وتتمثل في اقتراح الاستخلاص المباشر للأطباء المختصين المتعاقدين لدى قيامهم بالعمليات الجراحية والاستشفائية بالمصحات الخاصة، عوضا عن انتظار استخلاص أتعابهم من قبل الصندوق.. وشدد على أهمية تحلي كافة الأطراف المعنية بواجب المسؤولية والعمل على إنجاح المنظومة الجديدة للتأمين على المرض، عبر الحوار وتبادل وجهات النظر والأفكار. مؤكدا على عنصر التشاور بين جميع الأطراف من مسدي الخدمات الصحية لإيجاد أفضل الحلول لمختلف الاشكاليات المطروحة لضمان التطبيق الأمثل والناجع لمنظومة التأمين على المرض. تجاوزات..وتعاقد شكلي جدير بالذكر أن بعض أطباء الاختصاص المتعاقدين مع صندوق التأمين على المرض يعمدون إلى عدم الالتزام بأحكام الاتفاقيات القطاعية المبرمة. وقد اتصلت مصالح صندوق التأمين على المرض بعدة عرائض وتشكيات تفيد تعرض المضمونين الاجتماعيين لتجاوزات على غرار تجاوز التعريفات التعاقدية، (مطالبة المضمون بدفع 35 دينار أو أكثر في حين أن كلفة العيادة حددت للطبيب المختص ب30 دينارا). ويتعمد بعض أطباء الاختصاص رفض التعامل بصيغة الطرف الدافع، فضلا عن إنكار بعضهم تعاقدهم مع الصندوق لتجنب التعامل مع المضمونين الاجتماعيين الحاملين لسند المنظومة العلاجية الخاصة. وهو ما يكرس ظاهرة التعاقد الشكلي المقنع، أي أن هؤلاء الأطباء يعبرون بطريقة غير مباشرة عن عدم اقتناعهم بجوانب من الإصلاح رغم تعاقدهم الطوعي!. وهذا ما يهدد بإفشال الأهداف التي تم من أجلها إصلاح نظام التأمين على المرض. اشكاليات رغم ارتفاع نسب التعاقد يذكر أيضا أنه تم يوم 23 مارس المنقضي توقيع الاتفاقية القطاعية بين الصندوق الوطني للتأمين على المرض ونقابة أطباء الاختصاص. وهي نفس الاتفاقية الموقعة من قبل نقابة أطباء الممارسة الحرة، علما وأن المجموع العام للأطبّاء المتعاقدين مع الصندوق الوطني للتأمين على المرض يفوق حاليا 4370 طبيبا أي ما يفوق 87 بالمائة من أطباء الممارسة الحرة يتوزعون بين 2070 طبيب اختصاص، و2290 طب عام. كما تقارب نسبة الصيادلة المتعاقدين ال100 بالمائة. وكذلك الشأن بالنسبة للبيولوجيين، ومراكز التصوير بالأشعة، والمصحات الخاصة. وبالتالي فإنه تم تجاوز مشكل تعاقد مسدي الخدمات الصحية الذي كان مطروحا مع بداية تطبيق النظام الجديد للتأمين على المرض. لكن النسب الكبيرة من المتعاقدين تخفي ورائها حتما عدة اشكاليات ونقائص ذكرنا جانبا منها وسنأتي عليها بالتفصيل في مقالات لاحقة.