مشادة كلامية فدفع فآرتطام فغيبوبة ف ...وفاة! كاميراهات المراقبة التقطت أطوار الجريمة والبحث متواصل لايقاف القاتل الضحية سافر الى لندن لإجراء تربص على نفقة الدولة.. ووضعية عائلته دفعته الى البقاء للعمل خطب مصريّة وكان يستعد للزواج ...ولكن! الأسبوعي- القسم القضائي: هذه القضية تعبّر أطوارها وملابساتها عن مأساة شاب تونسي استقرّ بالمهجر وفي نفسه حلم أن يكوّن ذاته ويعيل أسرته المتواضعة.. ولكن فجأة تلاشى هذا الحلم واغتيل في قلب لندن العاصمة البريطانية.. انتهت رحلة هذا الشاب بمقتله غدرا وعاد الى أمه جثة في صندوق بعد أن كان يحلم بالعودة في سيارة ويكفكف عبرات والدته ويساند والده الذي طالما وقف الى جانبه والى جانب شقيقيه أثناء الدراسة العليا.. كان يرنو لبناء مستقبله ويضمن لنفسه ولعائلته العيش الكريم.. غير أن أحلامه تلاشت..وتوقف قلبه عن الخفقان.. وانتهت رحلة شاب مكافح في قلب لندن. مات عاطف الجبلاوي أصيل ولاية القيروان إثر تعرضه لإعتداء.. هذا الخبر تناقلته وسائل الإعلام البريطانية وظلت ترصد تطوراته ومستجداته.. فماذا حصل؟ ما هي أطوار هذه الجريمة؟ وما هي الظروف التي حامت حول وقوعها؟ وأي ذنب اقترفه هذا المهاجر التونسي الذي يشهد له الجميع برفعة الأخلاق؟ «كوارجي» مبدع وطالب متفوق في البداية ووفقا لمعطيات وردت بموقع «ستارتايمز» فإن عاطف ولد يوم 8 ماي 1981 بإحدى مناطق ولاية القيروان حيث زاول دراسته الابتدائية والثانوية بنجاح.. وبالتوازي انضم الى فريق النادي الرياضي العلوي حيث أبدع في مسيرته الكروية القصيرة إذ صعد الى صنف الاكابر وعمره لم يتجاوز السابعة عشرة ثم استدعي لأحد تربصات المنتخب الوطني لكرة القدم.. غير أن عاطف قرر الانقطاع عن نشاطه الرياضي بعد نجاحه بامتياز في اجتياز مناظرة الباكالوريا للتفرغ لدراسته العليا بكلية الآداب والعلوم الانسانية (اختصاص انقليزية). وحسب ذات المصدر كان المأسوف عليه من أبرز أعضائه النشيطين فإنّ عاطف تحصّل على نتائج ممتازة في دراسته العليا فأرسلته الدولة عندما كان يدرس في السنة الثالثة الى بريطانيا للمشاركة في تربص لمدة شهر رفقة مجموعة من الطلبة المتفوقين. الوداع الأخير ولكن قبل السفر عاد عاطف الى مسقط رأسه لتوديع أهله ..لم يكن يعلم المسكين أن ذلك اللقاء بأسرته هو الأخير له.. كان فرحا جدا في تلك الايام.. رسم اسم الجلالة على الواجهة الخلفية لباب منزلهم قبل ثلاثة أيام من سفره الى لندن.. ليظل ذكرى.. مجرد ذكرى ربما مؤلمة وربما سعيدة.. حياة جديدة حزم الطالب التونسي حقائبه وسافر الى لندن يحمل جملة من الأحلام.. مرّت الثلاثون يوما مدة التربص بسرعة.. وعاطف لم يحقق شيئا من أحلامه.. فكر طويلا.. واتخذ القرار الصعب.. البقاء في عاصمة الضباب لإعالة أسرته المتواضعة الامكانيات.. كان المسكين رغم صغر سنه في تلك الفترة متحديا للغربة وفراق الأهل والأصدقاء.. كان يقول في قرارة نفسه «كلو يهون من أجل بابا وأمي وإخواتي». انطلق عاطف في حياة جديدة.. عثر على عمل بمطعم سوري ولكنه انقطع بعد فترة عندما تفطن لإعتماد المطعم على لحم الخنزير في إعداد المأكولات ورفض حتى تسلم أجرته.. ثم راح يبحث عن عمل آخر.. في الاثناء تعرف على موظفة مصرية بأحد البنوك بلندن وتقدم لخطبتها وبدأ في الاستعداد للزواج خلال الأشهر القادمة ولكن فجأة حصل ما لم يكن في الحسبان. الوفاة ذكرت عدة مواقع الكترونية انقليزية أن معركة كلامية نشبت بين مجموعة من الشبان بوسط طريق بمنطقة «هاروو»harrow» على بعد مائتي متر فقط من منزل رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير في ساعة متأخرة من مساء يوم 7 مارس الفارط تعمد أثناءها أحد أطراف المعركة إصابة عاطف بلكمة فأفقده توازنه مما تسبب في سقوط الشاب التونسي وارتطام رأسه بحافة الرصيف ليغمى عليه منذ ذلك الحين. وعلى جناح السرعة تم نقله الى مستشفى «شارنغ كروس» حيث احتفظ به تحت العناية المركزة ووصفت حالته الصحية بالحرجة بسبب إصابته بارتجاج في المخ وعجز الأطباء عن إنقاذ حياة الشاب التونسي ليلفظ أنفاسه الاخيرة بعد ثلاثة أيام من زمن تعرضه للاعتداء. الصدمة خبر الوفاة صدم أصدقاء عاطف في بريطانيا وخطيبته المصرية.. وهنا أشارت صحف بريطانية الى أن النبأ خلف صدمة في نفوس أصدقاء الشاب التونسي المعروف بخفة روحه وطيبة قلبه.. النبأ خلّف في لندن كل هذا الألم فما بالكم بما خلفه في مسقط رأس المأسوف عليه.. القلم يعجز عن وصف شدة الحزن والوجع اللذين ألمّا بعائلة عاطف وبأقاربه.. ظلّت سلواهم في البكاء وفي ما تبقى من ذكرياته عالقة بمخيلتهم. نجا من الموت وهو طفل فحسب موقع «ستار تايمز» فإنّ عاطف نجا من موت محقق في عدة مرات فعندما كان عمره أربع سنوات سقط في بئر محاذ لمنزل والديه يبلغ عمقه 25 مترا ونجح والده في إنقاذه ثم سقط ذات مرّة من أعلى شجرة توت وأرتطم رأسه باليابسة ولكنه نهض سليما معافى.. وانفجرت قارورة غاز داخل منزل والديه بينما كان يلعب بالكبريت ولم يصب بأذى.. وعندما كبر وبدأ يخطط لبناء مستقبله تعرض لاعتداء أليم وغير مبرّر أدى الى وفاته . اعتداء قاتل فقد أشار موقع «هاروو» الالكتروني نسبة الى المنطقة التي وقع فيها الاعتداء الى أن كاميراهات المراقبة بينت بوضوح أطوار الاعتداء القاتل الذي تعرض له الشاب التونسي.. ونقل منذ أيام عن المفتش «بيروت أندي» قوله أن كاميراهات المراقبة التقطت صورا للقاتل وهو يصيب الضحية في رأسه مما تسبب في سقوطه أرضا وارتطام رأسه بالرصيف وأضاف «لقد تمكنا من تحديد هوية المتهم ونحن بصدد مطاردته والبحث عنه». في حين أشار موقع «ستار تايمز» الى أن خلافا نشب بين عاطف وأحد أصدقائه داخل منزله بحضور صديق ثالث ولكن الاخير تمكن من فض النزاع واصطحب عاطف الى خارج المنزل غير أن المتهم التحق بهما وواصل استفزاز عاطف محاولا الاعتداء عليه وهو ما حزّ في نفس الشاب التونسي فحاول رد الفعل ولكن المتهم دفعه وأسقطه أرضا ليرتطم رأسه بالرصيف مما تسبب في وفاته بعد ثلاثة أيام. الوصية قد تكون هذه الحادثة عادية للبعض في ظلّ الاخبار المأسوية القادمة إلينا بين الحين والآخر من أوروبا ولكن الغريب فيها وصية المأسوف عليه التي كتبها قبل سبع سنوات وتركها لدى صديق له طالبا منه أن يسلمها لعائلته بعد مماته وكأننا بعاطف كان يرى نهايته قريبة وأن عمره لن يطول في هذه الحياة التي أعطاها الكثير من شبابه ووقته وجديته ودراسته ولكنها خانته ولم تعطه شيئا سوى الألم.. والموت.. وحدد عاطف في هذه الوصية أسماء من سيتولون غسله كما حدد هويات أربعين شخصا من أقاربه وأصدقائه ليشاركوا في صلاة الجنازة أولهم والده ومن ضمنهم شقيقه صابر. وأوصى المأسوف عليه أهله بعدم الإتيان بالبدع وطلب «السماح» من كل من أذاه في حياته كما أعرب عن تسامحه مع من أذاه.. وطلب المسكين من أسرته إكرام الضيوف أثناء مماته (يعني المعزين) كما حدد هويتي من سيواريانه الثرى وناشد أقاربه بعدم الاسراف أثناء جنازته والدعاء له بالثبات عند السؤال والصدقة إن أمكن وناشد أربعة من أصدقائه الصلاة.. انتهت الوصية.. وانتهى معها الكلام..!! صابر المكشر للتعليق على هذا الموضوع: