القاتل مشى في جنازة القتيل وتقبّل التعازي فيه وبكى بمرارة رحيله الأسبوعي - القسم القضائي: جريمة فظيعة جدّا جدّا تلك التي جدت منذ أيام بمدينة منزل بوزيان بولاية سيدي بوزيد.. وراح ضحيتها شاب في السادسة والثلاثين من عمره لم يمض على زواجه سوى عامين على يد صديق عمره فيتم رضيعيه (توأم) اللذين لم يتجاوز عمرهما 11 شهرا وألحق زوجته بقائمة الأرامل) وهي في ربيع العمر.. أطوار هذه الجريمة التي اهتز لبشاعتها أهالي المنطقة كشف خيوطها أعوان فرقة الأبحاث العدلية للحرس الوطني بسيدي بوزيد الذين اجتهدوا دون كلل أو ملل حتى كشفوا أسرارها وأوقفوا مقترفها... «الأسبوعي» تحدثت الى شقيق الضحية محمد فاضل ويدعى عز الدين وتحصلت على المعطيات التالية: رد يقول محدثنا أنّ شقيقه يعمل منذ سنوات في ميدان التجارة وهو ينتمي لعائلة محافظة ومستورة ماديا «تزوّج منذ عامين ورزق توأما (ولد وبنت) وكان يعيش رفقة عائلته في سعادة لا توصف وكانت تربط بيننا ببعض علاقة متينة ولكن فجأة حدث ما لم يكن في الحسبان». تأخر وحيرة ففي العادة كان محمد يعلم والدتي بوجهته كلما غادر البيت - يتابع عز الدين بنبرات حزينة -«ولكن في ذلك اليوم صادف أن تحوّلت والدتي الى منزل أحد أقاربنا فعلمنا أن أخي غادر مساء محل سكناه ومنذ ذلك الحين انقطعت أخباره.. لقد دبت الحيرة في نفوسنا عندما أعلمتنا زوجته بتأخره عن العودة على غير العادة.. خاصة وأن هاتفه المحمول ظلّ يرن دون إجابة. فانطلقنا في عملية البحث ولم نترك مكانا اعتاد شقيقي التوجّه اليه بين الفينة والأخرى واتصلنا هاتفيا بعدد من أصدقائه ولكن ما من أحد عرف حقيقة اختفائه». مشهد فظيع يواصل عز الدين سرد أطوار الواقعة الأليمة:« لقد تواترت الساعات بطيئة ونحن لم نكلّ بل واصلنا البحث ولكن دون جدوى الى أن بلغنا الخبر المؤلم الذي صعقنا جميعا.. فبعد نحو 24 ساعة من الاختفاء الغامض لشقيقي اتصل بي أحد معارفي هاتفيا وأعلمني أن أعوان الحرس عثروا على جثة في بئر فسارعت بالتوجه على عين المكان وهناك كانت المفاجأة ...كانت جثة أخي في انتظاري.. كان المشهد فظيعا جدا جدا..» يصمت عز الدين..وصمته نابع من الوجع الذي لحق به وهو يرى شقيقه الشاب الطموح، الهادئ ، جثة ملطخة بالدماء. راعي غنم عثر على الجثة وفي ذات السياق علمنا أن راعي غنم فوجئ وهو يرعى شياهه بوجود قطرات دم عالقة بمحيط بئر كائن وسط ضيعة فلاحية فدفعه فضوله لمعرفة مصدرها وباقترابه من المكان وإلقائه نظرة داخل البئر لمح جثة آدمية فانتابه الهلع وسارع بإشعار أعوان مركز الحرس الوطني بمنزل بوزيان الذين أشعروا بدورهم قاعة العمليات والحماية المدنية والنيابة العمومية ليتحول الجميع لاحقا الى موطن الواقعة حيث انتشلت الجثة ونقلت الى أحد المستشفيات لعرضها على الطبيب الشرعي. إيقافات وبحث متواصل وبالتوازي تولى أعوان فرقة الأبحاث العدلية للحرس الوطني بسيدي بوزيد البحث في ملابسات الجريمة بمقتضى إنابة عدلية صادرة عن حاكم التحقيق بابتدائية الجهة وقد أجروا سلسلة من التحريات وحملات مكثفة أوقفوا أثناءها مجموعة من الأشخاص على ذمة الأبحاث إلى أن كشفوا القاتل . وفي هذا الإطار أفادنا عز الدين شقيق الهالك أن الأخير ليست له أية عداوة مع أي كان وأن الجريمة بشعة للغاية «إذ خطط القاتل لها جيدا للاستيلاء على أموال شقيقي» يقول محدثنا قبل أن يواصل: «لقد تسلم بندقية صيد من أحد أصدقائه بعد أن أوهمه بأنه سيقتل كلبا ثم ألتقى بشقيقي وتوجها معا الى وجهة نجهلها وهناك أطلق نحوه خرطوشة أدت الى وفاة محمد وحتى يخفي جريمته وضع الجثة في سيارة ثم توجه نحو ضيعة فلاحية تبعد نحو 10 كيلومترات عن موقع الجريمة وألقى بالجثة في بئر قبل أن يغيّر ملابسه الملطخة بالدماء ويحرقها كما قام بتنظيف السيارة ثم راح يشاركنا أحزاننا وتقبل التعازي.. لقد نجح في التمويه بعد أن قتل أخي الذي هو صديق عمره واستولى على أمواله (حوالي 4700 دينار) ولكن في النهاية ظهر الحق وزهق الباطل إذ انكشف الأمر وبالمناسبة نشكر أعوان الحرس الوطني الذين بذلوا مجهودات كبيرة مكنتهم من القبض على القاتل الذي نطالب بالقصاص منه». صابر المكشر