تحتفل تونس للسنة التاسعة على التوالي باليوم العالمي للملكية الفكرية الى جانب مجموعة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو OMPI-WIPO-) وذلك يوم 26 أفريل من كل سنة. وقد اختارت الويبو هذه السنة شعار «الابتكار الأخضر ضمان للمستقبل»، لتبين مساهمة نظام الملكية الفكرية في حفز الابتكار التكنولوجي والنهوض بالتصميم الأخضر.. ويعد الاحتفال بهذا اليوم في تونس مناسبة للوقوف عند البعض من الانجازات العديدة التي تحققت في مجال الملكية الفكرية عموما ومجال الملكية الادبية والفنية (حق المؤلف والحقوق المجاورة) خصوصا منذ التحول المبارك وذلك بفضل حرص سيادة الرئيس زين العابدين بن علي واقتناعه الراسخ بان «الحق في الثقافة جزء لا يتجزأ من حقوق الانسان» وبان الثقافة سند للتغيير، وبان «لا ثقافة دون ابداع ومبدعين». وتجسيما للرعاية الرئاسية التي يحظى بها المبدعون واسرهم اصبح الفنانون والمبدعون وعائلاتهم يتمتعون منذ سنة 2002 بنظام ضمان اجتماعي خاص يخول لهم عديد الامتيازات الصحية والاجتماعية، كما تم احداث صندوق خاص لدعم التغطية الاجتماعية للفنانين والمبدعين والمثقفين، للمساهمة في تمويل نظامهم الاجتماعي الى جانب منحة الدولة التي تضمن التوازنات المالية لهذا النظام. ومن مظاهر العناية الرئاسية الموصولة نذكر كذلك ارساء نظام «رخصة مبدع» الذي يمكن المبدعين والمثقفين العاملين في القطاع العمومي من التمتع برخصة خالصة الأجر لمدة سنة قابلة للتجديد للتفرغ لنشاطهم الابداعي، مما يتيح الفرصة امام المثقفين والمبدعين لتطوير طاقاتهم الابداعية في ظروف اجتماعية لائقة. وقد تعززت مكاسب المبدعين التونسيين باحداث «صندوق التشجيع على الابداع الادبي والفني» ضمن قانون المالية لسنة 2009، وهو يهدف خاصة الى دعم المبدعين في المجالين الأدبي والفني، وصرف منح لهم لتشجيعهم على مواصلة الابداع، وقد احدث معلوم خاص للغرض للتعويض عما يمكن ان يحصل للمؤلفين من تقلص في مستحقاتهم جراء تنامي امكانات الاستغلال الخاص لمصنفاتهم دون مقابل بواسطة التكنولوجيات الحديثة للاتصال. وحرصا على مزيد احترام حقوق المبدعين وحماية ابداعاتهم وابتكاراتهم تم خلال شهر فيفري 2009 احداث المجلس الوطني لمكافحة التقليد الذي يعنى ضمن مشمولاته بالتصدي للتقليد والقرصنة في مختلف مجالات الملكية الفكرية بما في ذلك حق المؤلف والحقوق المجاورة. كما أذن سيادة الرئيس زين العابدين بن علي بتحيين القانون عدد 36 لسنة 1994، المؤرخ في 24 فيفري 1994، المتعلق بالملكية الادبية والفنية، وقد تم اعداد مشروع القانون المنقح والمتمم للقانون عدد 36 لسنة 1994، وهو معروض حاليا على مصادقة الهيئات التشريعية، ويرمي التنقيح الى تعزيز حماية حق المؤلف والحقوق المجاورة (حقوق فناني ومنتجي التسجيلات الصوتية والهيئات الاذاعية والتلفزية) مهما كانت طرق وأوجه استغلال مصنفاتهم، بما يجعل المنظومة التشريعية التونسية في مجال حماية حق المؤلف والحقوق المجاورة، تواكب ما تشهده الساحة الدولية من تطور تشريعي وتكنولوجي، ويعزز حماية اصحاب الحقوق. هذه عينة من مكاسب متراكمة واصلاحات متتالية تؤكد ان حماية الابداع ثابت من ثوابت السياسة الثقافية التونسية، وهو ما يزيد المثقفين والمبدعين فخرا واعتزازا بما تحقق لديهم. ويحمّلهم المزيد من المسؤولية ويشحذ عزائمهم على الابداع، حتى تشع الثقافة التونسية اكثر وتكون سندا للتغيير على الدوام.