على هامش الدورة 27 لمعرض تونس الدولي للكتاب تم تنظيم لقاء أدبي مع القاص والروائي المصري مكاوي سعيد صاحب رواية «تغريدة البجعة» التي تم ترشيحها للائحة القصيرة لجائزة «بوكر» العربية فنالت اعجاب لجنة التحكيم التي توجتها بالجائزة ونوهت بكاتبها اذ قالت ان مكاوي سعيد يشتق في هذه الرواية الشكل الروائي من واقع اجتماعي متحول متبدل، ويعين الشكل الجديد مدخلا في قراءة الواقع وتحولاته في عمل روائي جميل يرثي زمنا غنائيا مضى ويصوغ المستقبل المحتمل باسئلة بلا اجابات». صدرت «تغريدة البجعة» سنة 2007 ونفدت طبعتها الاولى خلال شهر واحد من صدورها وقد بيع منها حتى اليوم اكثر من 50 الف نسخة ويبدو ان الاصداء التي وصلت الى تونس عنها جعلتها تلقى رواجا في معرض تونس الدولي للكتاب ولكن هذا الرواج لم يتحول بعد الى مطالعة او قراءات معمقة. وقد بدا ذلك من خلال اسئلة الحضور الذي كان مكثفا في القاعة التي خصصت للاحتفاء بالأديب مكاوي سعيد.. مكثف باعتبار ما تزامن مع الجلسة من جلسات اخرى استقطبت اعدادا كبيرة من الزوار الذين جاء اغلبهم لمتابعة المحاضرات والندوات والورشات لا لاقتناء الكتب. شاعر.. سيناريست ورجل مسرح أسئلة الحضور كان فيها الكثير من الترحيب والانبهار بتجربة الكاتب الذي بدأ شاعرا ثم انتقل الى كتابة القصة القصيرة فأصدر مجموعة «الركض وراء الضوء» ثم كتب رواية «فئران السفينة» ضمت بعدها مدة 20 سنة عن السبب فيه (اي هذا الصمت) الى صعوبة عمله كمحاسب وكثرة مشاغله العائلية التي كانت تمنعه من الكتابة..! ثم عاد وعلى اثر صدمة كبيرة الى الكتابة فاصدر «تغريدة البجعة» التي اعادته الى دائرة الضوء وليزاحم بها كبار الكتاب في مصر. .. صرح المبدع مكاوي سعيد وسط ذهول الحاضرين وانصاتهم لما كان يقول «اشتغلت في التلفزيون طيلة 17 سنة وعملت كسيناريست وقد استفدت كثيرا من هذه التجربة في بناء رواية «تغريدة البجعة». كما استفدت من تقنية المونتاج وهذا أتاح لي التنقل من زمن الى آخر خلال مراحل الرواية دون ان يحس القارئ بالملل واعتبر ان تجريتي المسرحية ايضا ساعدت على نجاح الرواية باعتبار اني استطعت استعمال تقنية كسر الايهام واستخدمت المونولوغ الداخلي.. واعتقد انني وفقت في جعل اللغة لغة شعر اتفقت مع مفهوم ووعي الراوي واحساسه باللغة. فقد خمسة من اعز اصدقائه في لحظة كتب مكاوي سعيد روايته خلال 3 سنوات واختزل فيها معاناة جيله وجنباته فأتت شخصياتها مأزومة عدمية مشوهة تسير الى مصيرها المحتوم وهي تنشد تغريدة الرحيل تماما كما تنشد البجعة تغريدتها الوحيدة والاخيرة قبل الموت بقليل. واذا كان الكاتب استوحى الرواية من خلال هذه الحكاية فان الدافع الحقيقي لكتابتها كان رغبته في تخليد ذكرى 5 من اصدقائه المقربين جدا والذين ماتوا في نفس اللحظة عندما احترف مسرح «بني سويف» بمن فيه وكانوا من جملة الضحايا الستين وتركوا في نفسه لوعة وحزنا فكانت هذه الرواية مرثية لجيله تقبلها القراء بشغف وعرفوا قيمتها قبل النقاذ لذا فهو يعتبر انه مدين للقراء دون انتقاد ما وصل اليه من شهرة. تجربة النشر: نكالة في الناشرين بعد ذلك انتقل الى الحديث عن تجربة النشر فقال ان منطلقها والدافع اليها كان غيضا مكبوتا من الناشر الذي اشتغل معه وكان يرى ما كان يجنبه من وراء نشر الكتب ولكنه كان يجحد الربح عن المبدع ويشعره دوما بالذنب وبانه خاسر.. خاسر.. فيخرج من عنده مصدوما منهارا: «ولهؤلاء ولمن هم مثلي بعثت دار نشر قد أتمكن من ان انشر فيها «بانوراما القصة القصيرة فمن تونس وقد اختار 25 قصة لكتاب تونسيين لاعرف بأعمالهم في مصر في القريب العاجل». ما يترجم ليس الأفضل دائما وعن سؤال توجه له به منشط الجلسة شوقي العنيزي تمحور حول اشكالية الترجمة ومدى الثقة في قدرة المترجم على نقل الاحاسيس والمشاعر من اللغة الأم الى لغة الآخر قال الكاتب مكاوي سعيد: «في الحقيقة انا لا اثق كثيرا في المترجمين وقد وقفت على اعمال كبرى شوهت اثناء ترجمتها كما انه كان لي هاجس بخصوص الترجمة لانها تتم حسب اجندا اوروبية بدليل الاعمال الكبيرة التي لم يلتفت اليها احد ولم تترجم في حين ان هناك البعض من الاعمال البسيطة التي تمت ترجمتها الى عدة لغات خلال شهر واحد من صدورها لذا لم ارغب في ان تتم ترجمة روايتي تبعا لهذه الأجندا ولكنني قبلت ان يتولى شاب أمريكي من اب باكستاني وأم ايرانية يتقن جيدا اللغة الانقليزية باعتبار انه ولد بامريكا كما يتقن اللغة العربية ويطبقها اذ انه يعيش منذ اكثر من اربع سنوات في مصر و«حواريها» وله فكرة عن مقهى البستان وريش والجريون والمستنقع والنادي اليوناني واتوليي القاهرة واعتقد انه بامكانه ان يوصل مناخات الرواية الى لغته وقد تصدر رواية «تغريدة البجعة» باللغة الانقليزية خلال شهر أوت باذن الله.