الفرنسيون يتهمون شركة الطيران بالتقصير خيمت امس أجواء الحداد على مطاري شارل ديغول (رواسي) واورلي في العاصمة الفرنسية باريس ..بسبب صاعقة رحلة «آر فرانس 447» .. في انتظار يوم فرنسي حزين آخر اليوم الأربعاء بمناسبة موكب العزاء والتوديع الرسمي والرمزي الذي سينظم في مطار رواسي بحضور الرئيس الفرنسي ساركوزي .. اليوم سيفتح الباب لعائلات الضحايا والجمهور لتوجيه تحية وداع وجدانية للضحايا..في وقفة وطنية جماعية حزينة ومؤثرة .. ل228 مسافرا الذين هلكوا حرقا وغرقا في واحدة من أعمق النقاط في المحيط الأطلسي .. على عمق حوالي 600 آلاف متر في منطقة الخط الاستوائي المضطربة المياه والاجواء ...على بعد حوالي 450 كلم من السواحل الغربية لإفريقيا ..بعد ساعات من التحليق فوق المياه الإقليمية للبرازيل .. مشاعر الحزن والحيرة والغضب ارتسمت امس على وجوه الفرنسيين في مطاري العاصمة الفرنسية حيث تدافعت عائلات الضحايا.. الكل يسأل.. الكل يرقب خيط الأمل الرفيع. لكن ما من شيء يوحي بقرب انفراج.. دموع الأسى تتسلل في عيون الجميع بين الامل الواهي وطول الرجاء الذي ينسف في نفوس الجميع آمال النجاة. البعض قضى ليلته في المطار ولم يبارحه منذ اعلان الكارثة اللغز. ولئن لم يستطع احد ان يخفي يأسه فإن الحيرة لم تزل تغذي آمالهم التي ما لبثت ان تبددت مع اعلان العثور على حطام الطائرة المفقودة. وفي أحد الفنادق المجاورة لمطار شارل ديغول تجمع ممثلو حوالي 50 أسرة من عائلات ضحايا الطائرة المنكوبة وبينهم عائلات ال12 طاقما من شركة فرنسا الجوية .. في بهو الفندق وحوله تسمع تعليقات متناقضة وشهادات مؤثرة عن تفاصيل المأساة.. والحجم الدرامي للكارثة ..التي تأكد أن من بين ضحاياها 19 عاملا من نفس الشركة ..و3 مغاربة ولبنانيين و25 ألمانيا وعشرات الفرنسيين مع غالبية من السياح البرازيليين ..الذين استهوتهم تخفيضات شهر جوان عشية موسم الذروة في الموسم السياحي الصيفي في فرنسا ..كانوا يحلمون بقضاء أيام حلوة في بلد " الجن والملائكة " فرنسا الذي يستقبل سنويا أكثر من 50 مليون سائح ..ويتنافس مع اسبانيا وإيطاليا في تقديم إحصائيات تؤهله ليصنف الأول عالميا من حيث عدد السياح ..لكن حصل ما لم يكن في الحسبان : طائرة تختفي وعلى متنها 228 راكبا..فتبخرت معها احلام من فيها ..فيما يتخوف عمال في المطار ومن شركة الطيران الفرنسية من انعكاسات ما جرى على السياحة وشركات الطيران الفرنسية في سنة يشكو فيها البلد من مضاعفات الازمة الاقتصادية والمالية العالمية .. دموع .. حيرة ..وتساؤلات أسئلة حزينة واستفزازية تسمعها هنا وهناك في مطار باريس ..وفي منطقة الفندق الذي فتح للعائلات والأطباء النفسانيين والجمعيات غير الحكومية التي تجندت للإسعاف .. والسؤال الدرامي الكبير الذي سمعته من عائلات الضحايا ومن الجمهور ومن طاقم شركة فرنسا الجوية وإدارة مطارات باريس هو : ماهو السر الذي سوف تبوح به الصناديق البرتقالية ..المعروفة ب"الصندوق الاسود" في صورة النجاح في انتشالها من عمق 6 آلاف متر في منطقة غير مغطاة بالرادارات في مساحة معروفة بعواصفها وصواعقها الاستوائية ومناخها المتوتر جدا بفعل تأثير عوامل مناخية معقدة معروفة في المنطقة ما بين المدارين ؟ اتهامات وقد تعالت هنا وهناك في المطار وحول مأوى العائلات المنكوبة تساؤلات تتهم بعض القائمين على شركات الطيران ..مع اتهامات لبعضهم بالتقصير.. وبقلة الحزم في إجبار قادة الطائرات على احترام تعليمات مؤسسات الرصد الجوي .. وفي الوقت الذي نوه فيه الجميع بوحدة الشعب الفرنسي يمينا ويسارا بعد النكبة الاعظم في تاريخ الطيران الفرنسي منذ ثلاثة ارباع قرن ابرزت مختلف وسائل الاعلام الفرنسية حيرة الشارع والمجتمع ..بعد بروز مؤشرات عن " تقصير بشري " تسبب في عبور الطائرة المنكوبة منطقة متوترة جدا طبيعيا ..بينما يفترض تجنب الطريق الذي يعبر منطقة الصواعق ..بعد جلسة علمية يفترض أن يعقدها قائدا الطائرة مع خبراء الرصد الجوي قبل كل رحلة ..لرصد آخر المستجدات الجوية ..وتقلبات خارطة التيارات والرياح والامطار والعواصف والتقلبات غير العادية.. عرض استفزازي ..أم علاج استفزازي ؟ وترواحت ردود الفعل على " تجاوب الحكومة الفرنسية " مع المنكوبين وعائلاتهم بين الترحيب والتنويه من جهة ..والاستنكار واتهامها باستفزاز العائلات الحزينة .. خاصة بعد الاعلان عن احتمال تنظيم رحلة رسمية لفائدة العائلات إلى الموقع الذي وقع فيه الحادث ..في اعماق المحيط الهادي ..مع ما في ذلك من مخاطر على حياة افراد العائلات ..خاصة أن كثيرامن افراد تلك العائلات من بين العجائز والشيوخ .. وفي كل الحالات فإن مضاعفات الصاعقة التي دمرت الطائرة ستتواصل خلال اسابيع ..خاصة ان البلد واوروبا عموما يعيشان على اجواء مزايدات الانتخابات الاوروبية ..في مناخ مشحون ..