تونس الصباح الجمهور الذي توافد على مسرح قرطاج الاثري مساء امس الاول لمتابعة عرض «نَانْتَا - طبْخ» الذي قدمته فرقة «نانتا» من جمهورية كوريا وجد نفسه مأخوذا منذ البداية لا فقط بطرافة فكرة العرض في حد ذاتها وانما ايضا بذلك الكم الهائل من المرح والفرجوية التي طبعت مختلف لوحاته الراقصة والتمثيلية.. فمن خلال حكاية مجموعة من الطباخين (عددهم 5) يطلب منهم رئيسهم تحضير مجموعة اطباق (أكلات) عاجلة لحفل زفاف احد الاشخاص يأخذ العرض في رحلة امتاع وفرجة بالمواقف التمثيلية والراقصة والمرحة والجميلة والساخرة في نفس الوقت.. مسرح هذه الفرجة لم يكن سوى مطبخ احد النزل.. اما ادواتها (الفرجة) فهي اواني الطبخ المختلفة والمتعددة النحاسية والخشبية (سكاكين ملاعق صحون قدور..) من جهة والحضور الركحي الاخاذ لمجموع الراقصين والممثلين الخمسة من جهة اخرى ... الموسيقى الايقاعية التي رقص وتحرك على وقعها ابطال العرض (فتاة واربعة شبان) والتي مثلت مادته المسموعة على اعتبار ان العرض هو من نوع العروض الايقاعية الفرجوية كانت مأخوذة من الموسيقى التقليدية الكورية التي «تصنعها» الات الايقاع الرئيسية الخمس في هذه الموسيقى وهي الكونغواري والجنغ وطبلة البوك وطبلة السوغو والجانغو وهو ما اضفى على العرض خصوصية فنية مثلت في حد ذاتها اكتشافا بالنسبة للجمهور الحاضر وزادت من درجة تفاعله واعجابه واستحسانه له.. امتاع وطرافة مدة الساعة ونصف التي استغرقها عرض «نَانْتَا - طبْخ» الكوري كانت في مجموعها عبارة عن فسحة امتاع وطرافة قضاها الجمهور في صحبة مجموعة صغيرة من الممثلين والراقصين.. صغيرة في عددها (خمسة) ولكنها كبيرة ومبهرة وممتعة ومسلية في ادائها.. فمن لوحات راقصة جميلة ومتناسقة الى اخرى تمثيلية ساخرة وهزلية ومرورا باخرى تنشيطية بهلوانية كان الشبان الخمسة (ابطال العرض) يراوحون بالجمهور بين محطات مختلفة فيها من الفرجة بقدر ما فيها من التسلية.. وفيها من البساطة والعفوية بقدر ما فيها من الصنعة والحرفية.. الجمهور وهو يتفاعل مع مجموع لوحات العرض كان يبدو لا فقط منتشيا وسعيدا... بل وايضا مبهورا بقدرة هؤلاء الشبان الخمسة الذين جمعوا في ادائهم الركحي بين التمثيل والرقص والتنشيط فأمتعوا واجادوا.. ومبهورا ايضا بطرافة الفكرة (فكرة العرض) المبتكرة التي بدت وكأنها فكرة سيناريو شريط صور متحركة مسل وممتع وجميل ولكن باداء اشخاص حقيقيين وذلك لفرط انسياب صورها ومواقفها وخفة روح ابطالها وشخصياتها وطرافة موضوعها.. وما من شك في ان كل من شاهد عرض «نَانْتَا - طبْخ» الكوري ليلة امس الاول على ركح مسرح قرطاج سيقف خاصة على تلك القدرة الفائقة لاصحابه على «صناعة» وصياغة عرض فرجوي ايقاعي جميل ومسل بأقل التكاليف وبأبسط الوسائل والادوات.. عرض يتأسس اساسا على الطرافة وعلى الخصوصية في شكله ومضمونه وايضا على القدرة على الاداء والاقناع من طرف ابطاله..