تونس - الصّباح: نقاش ساخن حول شخصية الشيخ حسن العيادي الذي ارتبط اسمه ب«صباط الظلام» وتصفيات اليوسفيين دار أمس خلال لقاء الذاكرة الوطنية المنتظم بمؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات التي يديرها المؤرخ عبد الجليل التميمي. ففي الوقت الذي أصر فيه نجله فوزي العيادي الذي جاء وفي جرابه وثائق نادرة، على أن والده أدى أدوارا بطولية في جبل برقو خلال فترة المقاومة.. وأنه بعد المقاومة كان رجل ثقة الزعيم بورقيبة وأن كل الأعمال التي نفذها كانت بتعليمات من الرئيس.. نفى المقاوم مختار بن سعد أن يكون بورقيبة قد أعطى أوامر بقتل أحد.. بل ذهب الى أبعد من ذلك قائلا إن نشأة «صباط الظلام» كانت بهدف تصفية اليوسفيين لكن اتضح بعد التحريات أن الشيخ العيادي كان في الظاهر يقبض على ضحاياه بتهمة الخيانة واليوسفية ولكنهم لم يكونوا كذلك.. فلقد اختطف عبد الستار الهاني لأنه من عائلة ميسورة واختطف محمد الزراع وهو تاجر غني من جربة واختطف حفناوي عطية وهو فلاح ثري..» أي أنه كان يفعل ذلك بهدف ابتزاز عائلاتهم وذويهم.. وهو نفس ما أكده المناضل عبد الستار الهاني الذي قضى أياما في «صباط الظلام» وتبين أن الهدف من اختطافه كان ابتزازه. وأضاف بن سعد «يقول حسن العيادي انه أراد تصفية عناصر اليوسفية.. ولكن الحقيقة غير ذلك.. إذ يوجد قرب اليوسفية مثل سعد عزوز.. كما كنا نشاهد عشرات اليوسفيين قرب مقر الأمانة العامة بباب الجزيرة وكانوا يروحون ويجيؤون طيلة النهار ويتجولون في عديد الأحياء بالعاصمة ولكنه لم يقبض عليهم لسبب بسيط وهو أنه ليس لهم المال الذي يبحث عنه.. وردا على التهمة الموجهة لحسن العيادي بكونه كان يسطو على أموال أثرياء البلاد بتعلة تموين عناصر المقاومة رغم أن المقاومة وقتها انتهت والمقاومون سلموا سلاحهم.. قدم نجل الشيخ العيادي للحاضرين في منتدى الذاكرة الوطنية وثيقة بنكية تثبت أن والده وقبل أن ينفذ فيه حكم الاعدام لم يكن يملك من المال شيئا.. وقدم وثيقة أخرى كتبت عليها «هدية من المجاهد الأكبر الى القائد حسن العيادي اعترافا باخلاصه وصدقه وكفاءته في خدمة القضية الوطنية وكانت هذه الوثيقة بتاريخ 19/10/1955 وفيها امضاء الزعيم بورقيبة.. وقدم جواز سفر والده وعليه تأشيرات عدة بلدان كان قد كلفه بورقيبة بزيارتها وهو ما يدل على حد تعبيره على أن والده كان ينفذ تعليمات الزعيم ليس إلا. مذكرات الشيخ العيادي ألقى فوزي العيادي باللائمة على كل من حاول طمس الحقائق.. وتساءل وقد بدا عليه حزن قال انه يحمله في أعماقه منذ خمسين سنة: من رأى الشيخ العيادي وهو بصدد قتل أي أحد؟ ومن قتل في «صباط الظلام» فأجاب بن سعد أن قرارات القتل تتخذ في «صباط الظلام» ولكنها تنفذ خارجه.. وأكد أنه «يعرف أن الشيخ العيادي كان يدخل مكتبه في «صباط الظلام» وينظم مجلس ثورة مع أفراد مجموعته منهم الطاهر بوطارة واليعقوبي ودواود ويقررون قتل فلان أو فلان».. وذكر بن سعد أن العيادي قتل مختار عطية وحسن بن عمار الحامي وآخرين. وفي هذا الصدد قال فوزي العيادي ان والده قبل أن يعدم كتب مذكراته التي تولى المؤرخ عبد الجليل التميمي نشرها وبين فيها أن الزعيم بورقيبة هو الذي كان يأمره بتصفية معارضيه عن طريق سعيدة ساسي ووسيلة بن عمار.. وقال العيادي في مذكراته أيضا أن «حسن بن عمار الحامي دفن في الجبل الأحمر بعد تصفيته» وأن «سعيدة ساسي هي التي تولت عملية دفنه.» وتساءل فوزي العيادي عن قبر والده.. وقال انه «إلى غاية اليوم لا يعرف مكان دفنه.. فأجابه المختار بن سعد الحامي أنه لا يعرف وأن من أعدموا بتهمة خيانة النظام ظلت قبورهم مجهولة المكان. وتحدث بن سعد في شهادته التاريخية عن دور لجان الرعاية «التي أتهمت أيضا بمقاومة اليوسفية».. والكلام للمؤرخ محمد ضيف اللّه.. فنفى بن سعد ذلك وبين أن لجان الرعاية حينما بعثت لم تكن بهدف تصفية اليوسفيين وإنما كانت ترمي لمقاومة الفوضى. وكان بن سعد مسؤولا على لجنة الرعاية بالعاصمة.. وبين أن لجان الرعاية تكونت من مناضلين وشباب دستوري من جميع أنحاء البلاد وركزت في كامل البلاد للسهر على أمن المواطنين من العنف والابتزاز والسرقة وللتصدي لتهريب الذهب والمال والآثار عن جبهة التحرير.. ويأتي نشاط هذه اللجان في غياب أمن وطني يسهر على أمن الناس. وبين بن سعد أنه ألف كتابا جديدا حول اليد الحمراء وسيقدم زبدته السبت القادم على منبر الذاكرة الوطنية.