تونس الصباح صيف مكتظ بالمواعيد الثقافية الشيقة اكثر من 400 مهرجان وطني ومحلي تغريك بالمتعة وتحثك على التواصل ببرامج اشهى منها لا يكون لمديري المهرجانات وثائق رسمية ممضاة من عدول منفذين يشهدون على حقيقة «ما يحدث». بين تراكمات ما يقال وما نلمحه كمتابعين للحدث قد نصطدم بحقيقة المشهد ولا نجد مبررا للقول بان الامور تسير على احسن وجه.. متسللون.. المتسللون لساحات وفضاءات مهرجاناتنا الدولية والجهوية هم حقيقة نتعايش معها يوميا وقد يفاجئك هؤلاء بدفاعهم عن «حقهم» في الحضور والاستمتاع بالتفاصيل دون اقتطاع تذكرة الدخول التي يعتبرها عدد هام من هؤلاء امرا مثيرا للضحك! مسارح مكتظة وخزائن يلتهمها الخواء.. فالجمهور متوفر باعداد غفيرة في سهرة «بنزرتية» او «صفاقسية» او قرطاجنية ولكن باساليبه الخاصة يتسلل، وقد يقيم الدنيا ولا يقعدها اذا رفضوا «مطلبه» في التسلل مع مرافقيه.. تحتاج هذه الظاهرة الى رصد لتفكيك خفايا سيطرتها على بعض الفضاءات ففي مهرجان قرطاج الدولي حدث اكثر من لبس وتحول عدل منفذ الى هناك ومعه كل «معدات» الخوض في قضية عدلية ضد مدير المهرجان والمهرجان نفسه لان هناك من اقتطع لنفسه ولزوجته تذكرة لحضور احدى السهرات ثم فوجئ بالكراسي مكتظة وهو الذي يحمل شرعية الجلوس فيها! القطارة.. «جمهور بالقطارة» في سهرة شيرين عبد الوهاب في صفاقس (انظر عدد الثلاثاء 4 اوت من جريدة «الصباح») ولكن الفضاء يغص بالحاضرين الذين لم يدفعوا مليما احمر للحضور! تنبعث الاسئلة من هذا المنطلق ولعل الاجوبة التي نحصل عليها بين الحين والآخر هي اجوبة «روتينية» قد تقنع من يقبل مسبقا ان يقتنع بها.. تظن ان في الامر سوء تنظيم كبير وان السوق السوداء قد ازدهرت للارتزاق من السهرات الهامة مع الاسماء الكبرى التي تؤثث مهرجاناتنا، فيفاجئك مدير مهرجان قرطاج بالقول «نحن نعلم بامر المتسللين، ولكننا لا نقدر على رد هذا الطوفان. ولنا ان نستشهد بسهرة الفنانة وردة الجزائرية التي اكد مدير مهرجان قرطاج على ان عدد الذين اقتنوا التذاكر لمواكبتها لم يتجاوز ال5000 شخص، بينما لاحظنا الاكتظاظ وحدث «المكروه» حين رفع احد المحامين قضية بالمهرجان. عشرات من الاشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة مع من يصحبهم كانوا هم ايضا في الواجهة، وصنفوا كمتسللين، لم يجرؤ مدير المهرجان ومن معه من جهات التنظيم على صدّ توافدهم لمتابعة سهرة وردة الجزائرية، بل ان الرقم الذي اكده مصدرنا يذهب الى ان ما يقارب ال5000 متفرج ممن تابعوا تلك السهرة كان من المتسللين ببطاقة خاصة او اشتراك.. واضاف السيد بوبكر بن فرج وهو يصف موقفه «الضعيف» امام هذا التدفق لقد فعلنا ما بوسعنا لتقليص عدد التذاكر ولم نجازف ببيع 7 آلاف تذكرة، وهو الحد الاقصى للتذاكر التي يمكن بيعها في كل سهرات المهرجان اننا نعلم ان عديد الوافدين بالدعوات يأتون ومعهم اكثر من مصاحب من أفراد عائلاتهم ولم نسلم من الاذى فاتهمنا بسوء التنظيم وبيع تذاكر فوق طاقة استيعاب المهرجان وهذا غير صحيح بالمرة». هل من حل؟ وفي الاثناء يجد المواطن الذي اقتنى تذكرة او الصحفي المواكب لهذه السهرات صعوبة كبرى في الحضور او في تنفيذ عمله الصحفي. وقد يمنع من الدخول الى الفضاء من الاساس بتعلة ان المكان لم يعد يحتمل مزيدا من التدفق البشري. فتزداد الامور تعقيدا ويصرخ البعض مطالبين بقطع جذري مع الفوضى والعشوائية والتعامل السلبي مع الظاهرة! ماهي الحلول البديلة التي يقترحها مديرو المهرجانات عادة؟ في مجمل الحالات يخيرون عدم التعليق او يكتفون بقراءة الارقام من الاوراق التي بين ايديهم، او قد يؤجلون فعل الحديث والنقاش الى ندوة صحفية لاحقة! هكذا يمر كل شيء في العديد من الفضاءات الثقافية الصيفية في بلادنا.. الصيف ضيف، اما المتسللون فهم «اهل الدار»؟