تونس الصباح في سهرة قد تكون من أهم وأمتع سهرات رمضان ضمن خارطة برامج مهرجان المدينة، كان للمطرب الزين الحداد أن سحب على الحاضرين مسحة من عشق الفن الأصيل.. مساء أمس الاول بالمسرح البلدي في اطار الدورة 27 لمهرجان المدينة الذي اختار له عنوان «رؤية» مثّل لأحباء هذا الفنان والمعجبين باختياراته الفنية وتوجهاته الموسيقية القائمة على الوفاء والنهل من الموروث الموسيقي التونسي الاصيل من مالوف وتراث غنائي للرموز التاريخيين للأغنية التونسية من أمثال علي الرياحي والصادق ثريا والهادي الجويني.. مثّل محطة جديدة في مسيرة هذا الفنان الأصيل بقدرما بدت «مختلفة» بقدرما هي منسجمة ومتواصلة مع الثوابت التي أقام عليها الفنان الزين الحداد جوهر اختياراته منذ انطلاقته الفنية بوصفه أحد تلامذة وخرّيجي الرشيدية. «رؤية» للاثراء الفنان الزين الحداد قدّم لحفله هذا بالقول بأنه تجربة اراد من خلالها صحبة مجموعة العازفين التي أمّنت التنفيذ الموسيقي اكتشاف جوانب من الابعاد الفنية التي يمكن الاستمتاع بها وتوظيفها في تنفيذ وعزف قطع من الموسيقى التونسية (مالوف واغان وغيرها..) بآلات موسيقية غربية.. وبالفعل، فقد كان لافتا حضور آلة البيانو الغربية الضخمة ضمن التخت الموسيقي وكذلك آلة التشيلو الى جانب آلة العود العرية والطار وغيرها.. ولكن وبمجرد ان شرع الفنان الزين الحداد في اداء وصلة من المالوف التونسي حتى فهم الجمهور الحاضر بان المسألة لا تعدو كونها محاولة تنويع واجتهاد واثراء جزئي موسيقي لا غير لن يكون لها أي تأثير على التوجه الفني التقليدي والأصيل لحفلات الفنان الزين الحداد.. فكل ما فعله الاستاذ بسّام مقني الذي تولى العزف على آلة البيانو مثلا هو تنفيذ مداخل ومقدمات القطع الغنائية وقطع المالوف التي اداها الفنان الزين الحداد بعزفها منفردا على آلة البيانو.. والواقع ان براعة العزف والقدرة على التحكم في تعديل درجات «جموح» آلة البيانو التي برهن عنها الاستاذ مقني جعلت المسألة تبدو لا فقط مستساغة موسيقيا بل وايضا جميلة وممتعة فعلا .. اما الفنان الزين الحداد فانه وبعد ان اتم اداء وصلة المالوف شرع في تقديم مجموعة من اغاني الفنانين علي الرياحي والهادي الجويني والصادق ثريا. فقد غنى لعلي الرياحي «ماحبيتش وعمري ما نحب» و«تكويت» و«يا ليعتي» وغنى للهادي الجويني «اليوم قالت لي» أداها ثنائيا صحبة صوت نسائي شاب (أسماء كحلاوي) التي فسح لها المجال لاحقا لتؤدي بمفردها اغنيتين من اغاني المطربة صليحة «يا اللي بعدك ضيّع فكري» و«عرضوني زوز صبايا» ثم ليعود بعدها الفنان الزين الحداد لاداء مجموعة من اغاني المرحوم الصادق ثريا مثل «أنا من قلبي حبيتك» و«البارح نحلم بالغنجة».. الى جانب مجموعة من انتاجه الغنائي الخاص مثل اغنية «زيد ادّلّل» واغنية «كيف ربي بلاني بيك»..واغنية «نلاقيك الليلة» وهي من احدث انتاجاته.. الفنان الزين الحداد وهو يؤدي مجموع هذه الاغاني ضمن عرض «رؤية» بدا لا فقط متجددا وهو ثابت في اصالته وانما ايضا فنانا نضج بالفعل صوتا وحضورا وانما اصبح اسما ضمن قائمة الكبار..